أكتب إليكم هذا الاسبوع عشية اليوم الوطني السعودي وأنا افكر في معنى أن نكون أمة في عالم العولمة الحديث وفي اهمية أن يكون ثمة يوم يستطيع المرء فيه التفكير بالمجتمع والثقافة اللتين ينتمي إليهما. تعتبر الأيام الوطنية من وجهة نظري فرصة للوقوف والتأمل واستعراض مظاهر الاتفاق والاختلاف فيما بيننا. أعلم أن العديد من السعوديين في جميع أنحاء البلاد يعتبرون اليوم الوطني يوما للاحتفال والوحدة. وينبغي في الواقع ان تكون الأيام الوطنية مناسبات لوقوف الشعوب صفا واحدا ، سواء لجهة العرق أو الدين أو المعتقدات والقيم . كما تتيح الايام الوطنية الفرصة لاستشراف مستقبل بلداننا ومواجهة التحديات التي تعترض سبيلنا في السنوات المقبلة وايجاد السبل المثلى لمعالجتها . وفي المملكة المتحدة ، على سبيل المثال ، سوف تستقطب الالعاب الاولمبية في العام المقبل اهتمام الناس من جميع أنحاء العالم وسوف يتطلعون الى لندن لمشاهدة رياضييهم وهم يتنافسون للفوز بالميداليات الذهبية. وإنني واثق بأن الجميع يأمل في ان يكلل سعي الرياضيين السعوديين بالنجاح والفوز بهذه الميداليات . يقول البعض إن وسائل النقل والاتصالات السلكية واللاسلكية أصبحت أسرع من أي وقت مضى ، وان عالمنا اصبح بذلك أصغر من أي وقت مضى ، وان الوصول الى أبعد بلد أضحى أمراً سهلًا ولم يعد بتلك الأهمية التي كان عليها بالأمس. وعلى خلفية اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي سيبدأ هذا الأسبوع في نيويورك ، نرى تزايد اهمية المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة كجزء من مجتمع عالمي متكامل . وتلعب المنظمات ، مثل الاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ، دورا متزايد الأهمية ليس فقط في المنطقة بل في العالم ، وهناك الكثير من القرارات والإجراءات التي يتم اتخاذها في هذه المحافل الدولية . أود أن أقول إنه على الرغم من ، بل وبسبب هذه التغييرات ، اصبح البحث عن أرضية مشتركة بين الشعوب امرا مهما اكثر من اي وقت مضى . ربما اكون متحيزا كدبلوماسي ، إذ رغم كل ما اقوم به من خلال دوري كسفير لبلدي ، إلا ان العلاقات تبقى هي الأهم سواء بين البلدان او الحكومات او الشعوب. وعلاوة على ذلك فقد شهدنا أمثلة فعلية هذا العام على أهمية وقوف الناس صفا واحدا من اجل ما يعتقدون ، سواء للاطاحة بدكتاتور في ليبيا أو في مقاومة القمع في سوريا . وقفت المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية بالفعل جنبا إلى جنب في إدانة العنف في سوريا وأنا أعلم أننا سوف نواصل العمل معاً بشأن مثل هذه القضايا خلال السنة المقبلة بروح من التعاون والصداقة . تتفهم المملكتان ضرورة الاصغاء الى تطلعات مواطنيهما بما لديهما من تصور واضح لكيفية مساهمة المؤسسات في الوحدة الوطنية. لذا فقد كان من دواعي سروري هذا الاسبوع مرافقة صاحب السمو الملكي دوق يورك ، النجل الثاني لجلالة الملكة ، في زيارته الى سواحل المملكة الشرقية والغربية والى الرياض بالمنطقة الوسطى. وقد راودني شعور بالسرور حين رأيت أن زيارة سموه الملكي برفقة اللورد جرين ، وزير التجارة والاستثمار البريطاني ، كانت بمثابة احتفال بتوطيد العلاقات الشخصية الوثيقة والروابط التجارية والثقافية القائمة بين البلدين . * السفير البريطاني في الرياض