خلال أيام قليلة سوف أقوم باستضافة حفل عيد ميلاد جلالة الملكة في مقر السفارة بالرياض والقنصلية العامة بجدة والمكتب التجاري بالخبر.. ويعتبر عيد ميلاد الملكة بمثابة اليوم الوطني لبريطانيا فهو يعكس ذاتنا وما حققناه حتى الآن، وما نطمح إلى انجازه ، وكما أن الشعب السعودي يحتفل بيومه الوطني في 23 سبتمبر، يحتفل الدبلوماسيون البريطانيون بوطنيتهم في يوم عيد ميلاد ملكتهم. ولابد للذين يعرفون مدينة لندن جيدا أن يكونوا قد حضروا "احتفال رفع العلم" الذي يقام سنويا في شهر يونيو. يحمل هذا الاحتفال طابعا عسكريا، إذ تقود جلالة الملكة الموكب العسكري بكل فخر في مشهد خلاب لاستعراض حرس الخيالة في وستمنستر. كما يصادف الحدث أيضا عيد ميلاد الملكة، وربما تتساءلون كيف يمكن أن يكون للمملكة احتفالان بعيد ميلادها في السنة ذاتها؟! وبالطبع يعلم الجميع أن الملوك والملكات ليسوا بأشخاص عاديين، إلا أن هناك سببا آخر. فلقد ولدت صاحبة الجلالة في 21 أبريل 1926 ، وقد كانت تحتفل بهذا اليوم مع عائلتها بشكل عادي سابقا. إلا أنه منذ عام 1748 تقرر احتفال الملوك البريطانيون بأعياد ميلادهم رسميا في شهر يونيو. والسبب الوحيد والبسيط لذلك هو : أن الطقس يكون بأفضل حالاته في شهر يونيو، فلابد أن تحصل على يوم صحو وصاف في ذلك الشهر. ولذلك فقد كان من المنطقي أن تقام احتفالات أعياد الميلاد في ذلك الوقت. ويسمح للسفارات البريطانية في جميع أنحاء العالم بالاحتفال بعيد ميلاد الملكة سواء أكان ذلك في يوم ميلادها الفعلي أم الرسمي. وقد اخترنا ان نقيم احتفالنا في المملكة العربية السعودية في شهر إبريل لسبب يتعلق بالطقس ايضا حيث يقام الحفل في الهواء الطلق، وهذا يجعل شهر إبريل أكثر ملاءمة من شهر يونيو. شهر إبريل لهذا العام سيكون مميزا للعائلة المالكة في بريطانيا حيث تقام مراسم الاحتفال بزواج صاحب السمو الملكي الأمير وليام وكيت ميدلتون في كنيسة وستمنستر في 29 إبريل.. وإنني على ثقة بأن شوارع لندن سوف تغص بالمهنئين في ذلك اليوم وأن مئات الملايين من المشاهدين حول العالم سوف يراقبون هذا الحدث على شاشات التلفزة ، وسيحضر حفل الزفاف لفيف من الملوك والملكات والأمراء والأميرات ورؤساء الوزراء والجمهوريات ، فضلا عن عائلتيْ وأصدقاء الزوجين السعيدين .. ومن بين الروابط العديدة التي تجمع بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة النظام الملكي في كلا البلدين ، مما يعزز كثيرا من دفء العلاقات القائمة بينهما. ورغم الاختلاف في نهج ادارة الحكم إلا اننا نشترك معا في التفاهم حول ماهية هويتنا الوطنية ونظام الحكم الملكي في البلدين وبما للعلاقة بين العائلتين المالكتين وبين الشعبين من تميز وخصوصية مستمدة من شعورنا بالولاء نحو بلدينا.. وتتسم العلاقات القائمة بين بلدينا بالحداثة والتطور، ويتضح هذا الامر من خلال مشاركة 60 جامعة بريطانية في معرض التعليم العالي الذي سيقام الاسبوع القادم في الرياض ، وهي مشاركة كبيرة غير مسبوقة من اي بلد آخر. وها نحن نشاهد الآن وقبيل بداية العطلة الصيفية تزايدا كبيرا في عدد طالبي التأشيرة الى بريطانيا نظراً لأن عشرات الآلاف من المواطنين السعوديين يقصدون لندن لقضاء العطلة الصيفية، وبما ان عطلة المدارس في المملكة المتحدة بدأت في الوقت الراهن ، فإن آلاف المسلمين البريطانيين يغتنمون هذه الفرصة لأداء مناسك العمرة مع أسرهم.. ويستعد الرياضيون السعوديون للمشاركة في الالعاب الاولمبية التي ستقام في لندن العام المقبل، وسوف تحضر آلاف العائلات البريطانية المقيمة في المملكة العربية السعودية مهرجان الجنادرية هذا الاسبوع. وتؤكد التفاعلات آنفة الذكر أن الشراكة القائمة بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة تقوم على أسس من صداقة ديناميكية متطورة ومتنوعة ذات جذور راسخة في عمق التاريخ تتميز بنظرتنا لمستقبل هذه الشراكة التي تجعلنا نشعر بالفخر الكبير حيالها.. * السفير البريطاني لدى المملكة