اسم غريب، لشاب عربي عراقي، كان ممكناً ان يعيش كأي طفل معاق في العراق. طفل ضمرت يداه، يد تحور كفها ككرة صغيرة تنبض بالحياة والذراع الأخرى قصيرة جدا، ضمرت كثيرا، إعاقة في رجليه، له شقيق قصر أكثر، وتقلصت ذراعاه. ايمانويل كيلي، ولد بعد حرب 91 بعد رمي امريكا اليورانيوم المنضب الذي أخذ الكثير معه من العراق وغير العراق، تخلت أمهما عنهما لأنها لا تملك حيلة في بلد يأكله الجوع والخوف وتضربه على مدار الساعة طائرات النجلو الأمريكية. عند باب جمعية خيرية وضعتهما، ربما أسمتهما محمد وأحمد أو حسن وحسين أو عمر وطارق أو أو أي أسماء ممن تعطى عادة للتوأم، لكنهما توأمان عراقيان ولدا في ظروف صعبة وبإعاقات أصعب.. ربما تلت آية الكرسي وأحاطتهما بالرحمن، وفتحت جيبها كعادة العراقيات ودعت لهما بالسعادة والنجاة.. و.. ودعتهما. من الجمعية أخذتهما سيدة أسترالية، لا ندري عن قصة إخراجهما من العراق لكنها رعتهما منذ الصغر وعاشا حياتهما كصغيرين عاديين، يلعبان ويشاركان الأطفال، ووجدا عناية لإعاقتهما مكنتهما من خدمة أنفسهما، سيتبادر لأغلبنا.. والدين ؟. وهو سؤال طبيعي، لا نتوقع من سيدة مسيحية أن تربيهما كمسلمين، وإن فعلت فذلك أعلى مراتب الرقي، الذي نعلمه أنها فعلت لهما ما لم يفعله أحد من المسلمين. وبما أن الشيء بالشيء يذكر من يعلم شيئا عن الطفل العراقي (علي ) الذي فقد أسرته وأطرافه الأربعة وأبكى العالم معه. إيمانويل العراقي فاز في مسابقة للأغاني، حمل معه رسالة للعالم، رسالة متحركة تحكي مأساة العراق، وتحكي الحكاية التي لن تنسى.. أبكى اللجنة وأبكانا معه.. لا يعرف بالضبط عمره، يعرف أنه عراقي، والسيدة الشجاعة رعته، وهو يحبها والعائلة، ويدين لهم بالمساندة والتشجيع.. ثم يغني أغنية تخيل) Imagen ) للمطرب البريطاني الشهير ( جون لينون ) ولعنا نتذكر أنه غنى أغنية في تأبين الأميرة دايانا.. الأغنية تخيل اغنية جميلة، ذات لحن أخاذ أداها الشاب العراقي بعمق إحساسه وعمق إدراكه للحظة التي هو فيها، لحظة أبكى الحضور ومن وراءهم جمهور الشعب الاسترالي الذي استمع للشاب ورأى جريمة الحرب تمشي على الأرض وتحكي المأساة.. ومعها ألم الطفولة وجراحهم التي لا تزول أبدا.. وتبقى حفراً في القلوب.. ايمانويل كيلي، ما كان له ان يكون هذا اسمه وما كان له أن يكون هذا شكله لولا الحرب، ولولا الضمائر التي لا تحرقها نار ولا تطهرها كل مطهرات العالم.. لكنه لو لم يكن إيمانويل كيلي، المتبنى وأخوه من امرأة استرالية حن قلبها عليهما، أخذتهما في البداية للعلاج والعناية، فتعلق قلبها بهما، تبنتهما فأحسنت مثواهما، ومن ثم وصل صوت ابنها بالتبني لعموم أستراليا، وكما وصل صوته كانت صورته وأخوه، صورة تتحرك ضد الحروب.. وتخيل (Imagen ).