في حركة غير مستغربة استغلت بعض القنوات الفارغة كقناة المسعري التفاعل الشعبي عبر المواقع الاجتماعية مع الفيلم السعودي القصير في مدته والكبير جداً في نظرته الاستشرافية للمستقبل فيلم "مونوبولي" خصصت بثها المتخم بالفراغ لتلتقط الفيلم دون أي حقوق أو حماية فكرية من موقع "يوتيوب" لتعرضها عبر قناتها بعد أن أصبحت الأصوات المتكررة والملعوب بتغييرها عبر أحدث أجهزة الصوت من الأمور المملة جداً!. استغلال هذا الفيلم واعتباره مناسبا للمواد الرخيصة التي تبثها القناة هو تأكيد على سياسة القناة والعاملين فيها لاستغلال أي أمر إبداعي أو أي أمر مشروع لمحاولة تضخيمه واعتباره من الأمور والوسائل التي تحقق أهدافهم، وهنا الأمر خطير جداً لأنه في ظل عدم التفاعل مع الأعمال الإبداعية السعودية سيكون ذلك فرصة لمحاولة اصطياد الكثيرين بالماء العكر، وفي الوقت نفسه سيجعل المبدع محاطاً بكثير من الاستفهامات والتردد الداخلي قبل أن يقوم بعمل عظيم بفكرته وإخراجه كفيلم "مونوبولي"، والطريف أن هذا الفيلم قلب الموازين من خلال كشف من كانوا يعتبرون السينما والتفكير فيها من الشرور وعندما أحسوا أنها قد تحقق خطوات ضمن مشروعهم باركوا لها واعتبروا أن هذا العمل النقدي من الأعمال العظيمة والكبيرة وأشادوا بالقائمين عليه. الفيلم من الناحية الفنية قدم ولأول مرة من وجهة نظري عملاً ذا حبكة درامية محترفة، الهدف والتطور الإيقاعي في العمل يدور فقط حول أزمة السكن، وهذا الأمر قلما نجده في الكثير من أعمالنا وحتى الأعمال العربية بدون مبالغة، وإن كانت هناك بعض الشطحات البسيطة التي كانت أيضاً تحاول أن تجمع ما بين أزمة السكن وأزمة البطالة في قالب واحد، ولكن فطنة المخرج جعلته يستمر في قالب طرح الفكرة الرئيسية بسلاسة وبأداء تمثيلي متوازن ومقبول في كثير من الأحيان. الآن نحن في مرحلة هامة جداً من حيث نوعية وأدوات الطرح والتناول، جاء الفيلم متوازناً مع الظهور المميز والواعي للسيدة منال الشريف عبر قناة العربية مع الزميل تركي الدخيل، وهذا التوازن هو الأهم والذي أفقد استغلال قناة المسعري للفيلم على سبيل المثال، فالتفاعل عبر المواقع الاجتماعية وكذلك عبر الصحف لموضوع قيادة المرأة للسيارة وموضوع أزمة السكن في السعودية أعطى هامشاً كبيراً من الحرية لمناقشة الأمور بصوت عالٍ بدلاً من استغلال البعض للكثير من قضايانا المصيرية، تعدى بلغته السينمائية فيلم "مونوبولي" بمراحل اجتهادات الكثير من الأعمال الفنية وخصوصاً طاش على سبيل المثال، وتعدى ظهور منال الشريف بحضورها المميز الكثير من أصحاب الرمي بالاتهامات والمتخصصين بالقذف بالأعراض والعياذ بالله. أعرف أن ثقافة مجتمعنا ومثقفينا خصوصاً يتجاوز تفكيرهم بصورة علمية واقتصادية ما تم طرحه سينمائياً عبر الفيلم، ولكن لا ننكر أن اللغة في هذا الفيلم والاحترافية بالتصوير والتنوع بالمواقع والسيناريو حركت الكثير من المياه الراكدة، التي جعلت تقريباً أكثر من ربع مليون سعودي يشاهدون ويجمعون على هم وقضية حيوية تتناولهم، هذا الأمر لفت انتباهي له الزميل عضوان الاحمري عندما أشار بنظرة اقتصادية إلى أن الفيلم لو عرض بالسعودية وبقيمة تذاكر 10 ريالات سيحقق أكثر من 4 ملايين ريال، وإن كان الأجمل رد الأستاذ جمال خاشقجي عليه عبر صفحته بتويتر أن المخرج سيشتري عمارة بهذه الملايين ويوزعها على أبطال الفيلم وينتهي الأمر!. إذن يجب على أبطال الفيلم من وجهة نظري أن يقاضوا استغلال البعض لإبداعهم الوطني ويشهرون بمن سرق حقوق ملكيتهم الفكرية ليكون الإبداع والنقد لدينا بعيداً عن أعين واستغلال الكثيرين، لأنهم عرضوه بالموقع العالمي ولا أعتقد أن وطنيتهم ترضى أو تتشرف أعمالهم أن تعرض في بعض القنوات غير المقبولة!.