قد يكون رفض نائب رئيس جمعية حماية المستهلك عبر قناة "العربية" لتصرف المواطن الذي تم تصوير اكتشافه لكرتون خيار فاسد بأحد الأسواق الكبرى مقبولاً من الناحية النظرية، لأنه وفقا لرأيه تعتبر طريقة غير مقبولة وحرمته من الحق الخاص ولوجود جهات لها باع كبير في المراقبة! ومع منطقية ذلك التبرير إلا انه مع واقعنا يصعب تصديق ذلك! وكنت أتمنى أن مذيع "العربية" تساءل: ما الذي يجبر المستهلك مع كل مشكلة على رفع صوته؟ فالإجابة ستكشف خللا كبيرا كان الجميع يعتقد بان إنشاء الجمعية كفيل بإصلاحه! فشعور المستهلك باليأس من الجهات الرقابية وجمعية حماية المستهلك التي تعاني من تبعات فشل الثلاث سنوات تسبب في تنامي شعور ترفضه جميع المجتمعات وهو "اخذ المستهلك لحقه بيده" عبر تبنيه للمقاطعة وتصوير مخالفات ونشرها كفضائح بالانترنت! وعزز ذلك تحقيقه لنجاحات في مقاطعة منتجات دولية وشركات محلية، كانت تشجع قبل سنوات تلك المقاطعة عندما كانت موجهه للمنتجات الدنماركية! والمؤسف انه لاتوجد رقابة وعقوبة فاعلة للمخالفات الجسيمة التي تبلغ عنها جهات رسمية، بل حالات تسمم ولحوم فاسدة تمر مرور الكرام بدون حق خاص وعام وربما يغلق المطعم بزعم التحسينات! فاللامبالاة تعلمها الجمعية وسبق لرئيسها التصريح بان (99%) من مياه الشرب بالمملكة غير صالحة للشرب ولم نر تحركاً من الجهات التي يقال بان لها باعا طويلا في المراقبة! والمشكلة انه بدلا من أن تتولى الجمعية قيادة المستهلكين وحمايتهم أصبحت تتبع موجات الغضب لقيادة أمر قرره ونفذه المستهلكون منذ أسابيع! فإطلاق الجمعية لحملة" انتم أرخصوه" وإنشاء مجلس للمقاطعة أتى بعد حملة مقاطعة فعلية لشركات رفعت أسعارها ولكنه أضفى الشرعية لسلاح المقاطعة! مع أن المقاطعة دليل واضح على فشل جميع الجهات المعنية بالرقابة والحماية للمستهلك وتمثل تدميرا لكيانات وطنية ارتكبت مغامرات غير محسوبة لكون المستهلك أصبح يُفرق بين رفع السعر لتغطية التكلفة ام انه لزيادة الأرباح وبتكوين التكتلات! فهناك قصور في فهم دور جمعية حماية المستهلك الحقيقي وهل إنشاء الجمعية هدف أم أداة؟ لان المسئولين والتجار والمستهلكين يرون أن إنشاء الجمعية هدف تم تحقيقه بعد طول انتظار وانتهى دور الجهات بقرار إنشائها، بل إن هناك من حجم دورها واقتصاره على استجداء الجهات الرقابية والتجار والشركات واستغلال الجمعية في تكميم أفواه المستهلكين بوصايتها عليهم! بينما الجمعية تمثل أداة ضمن منظومة متكاملة لتحقيق هدف اشمل، ويستوجب وجودها لحماية القطاع الخاص من ممارسات مؤسساته وفوضى من شرائح المجتمع تُستغل لتحقيق مصالح خاصة لشركات وطنية او أجنبية ولأسباب تتعلق بالجشع او الاحتكار او تصفية الحسابات، ومع التطور في وسائل الفوضى لا احد يتوقع مايحدث في ظل فراغ تنظيمي للمستهلكين واستغلال لشبكات التواصل التي أصبحت خطراً على الشركات وعقوبتها ربما أقسى من العقوبات النظامية، وهو ماحول التعريف النظري للجمعية وأهدافها الى أنها لم تعد تقتصر فقط على حماية المستهلك بل ولحماية التاجر الذي يعتبر ايضا مستهلكا لسلع أخرى ومن ممارسات وأطماع قد تضر بمصالحه لكون أموال التاجر في جيوب المستهلكين! فالجمعية بحاجة لإزالة المعوقات التي تواجهها، وتمكينها من سلطة نظامية ومبادرة إعلامية أثناء الحدث وليس حسب ردة فعل المستهلك ولتحقق نجاحات تعيد الثقة والقيادة ليد أمينة، لكون المستهلك يشعر حالياً بأنه قد انتزع فعليا نجاحات (حسب وجهة نظره) ومن جهات حكومية لم يكن بوسعها إلا المسارعة لاحتواء الموقف بإلغاء ما أغضبه ! وأخيرا فان إهمال الدور الرقابي خلق فجوة بين المستهلك والتاجر بسبب تجاهل شكوى المستهلك من ارتفاع الأسعار غير المبرر والغش وتسمم المطاعم والتلاعب في تواريخ الإنتاج..الخ حتى أن التاجر او السوق الكبير الذي يتقدم المستهلك بشكواه ضده يحاول إبطال دعواه او إقناعه بسحب الشكوى لوجود قناعه بان الحق العام سيتم إسقاطه! ويبقى التساؤل: ماهو الحق الخاص الذي حُرم منه المواطن الذي كشف الخيار الفاسد؟ وهل يمكن لنا أساساً الحصول على تعويض من تلك الأسواق لو تم إبلاغ الأمانة مباشره؟ اعتقد أن المواد المترجمة المتعلقة بالحق الخاص بأنظمة الدول الأخرى حذفت من أنظمتنا، ولكن مع تأخر تجاوب الجهة المختصة مع الشكوى مدة (25) يوما - وفقا لما نشر- هل تأتي العقوبة من أوروبا؟