اختتمت الأسبوع الماضي في مقر كلية علوم الحاسب والمعلومات شطر الطالبات بأقسام العلوم والدراسات الطبية- جامعة الملك سعود، ورشة غوغل لعلوم الحاسب في التعليم العام (CS4HS)، بحضور 47 معلمة حاسب تم ترشيحهن من قبل وزارة التربية والتعليم من داخل وخارج الرياض وثماني مشرفات من مختلف مكاتب التوجيه في مدينة الرياض وعلى رأسهم رئيسة وحدة الحاسب الآلي في إدارة الإشراف التربوي الأستاذة نوال الحقباني. امتدت الورشة لثلاثة أيام متتالية تم خلالها استعراض أهم المفاهيم في علوم الحاسب وذلك لإثراء المادة العلمية في منهج الحاسب الآلي للتعليم العام وطرق تدريسه واستحداث وسائل مبتكرة لشرحه والتجديد فيه، وأيضا فتح آفاق معلمات الحاسب فيما يتعلق بتدريس مادة الحاسب للطالبات وجذبهن لهذا التخصص. يذكر أن هذه الورشة أتت بمنحة من شركة غوغل والتي فازت بها جامعة الملك سعود مطلع شهر مايو الماضي كأول جامعة عربية وإسلامية تفوز بمثل هذه المنحة التنافسية لإقامة مجموعة من الورش لنشر ثقافة علوم الحاسب وتقنية المعلومات بين أوساط معلمات الحاسب في التعليم العام وللرفع من العملية التعليمية في المدارس حتى يتم تهيئة جيل من الطالبات بخلفية حاسوبية وتقنية متينة. محتوى الورشة تكونت الورشة من أربع ورش مصغرة، تناول كلٌ منها جانباً مهماً من جوانب علوم الحاسب، كالتالي: البرمجة بالترفيه الورشة الأولى بعنوان (البرمجة بالترفيه) والتي أعدته وقدمته الدكتورة مها اليحيى، هدفت إلى المساهمة في حل بعض المشكلات التي تواجه طلاب مراحل التعليم العام في فهم البرمجة وذلك بالتعريف بتقنيات جديدة تساهم في زيادة وتعزيز الدافعية لتعلم البرمجة، وجعلها أكثر متعة ومحسوسية. ومن أبرز تلك التقنيات تقنية لغة سكراتش (Scratch)، وتقنية الروبوت حسون (The Finch). رنا البريكان:لكم السبق في فتح قنوات التواصل بين التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم كان الحضور متفاعلا وأبدى إعجابه ببساطة استخدام سكراتش، وسهولة تكوين وتنفيذ الكدسات البرمجية. إذ أن ذلك يتطلب فقط تجميع اللبنات البرمجية المطلوبة. كما ذكرت المشاركات أن تلك الخاصية تمكن الطالبة من رؤية نتائج ومخرجات البرامج مباشرة وبشكل ملموس. كما اقترحت بعض المدرسات أن يتم تعريف الطالبات على بيئة سكراتش قبل البدء بدراسة البرمجة بلغات برمجة نصية، هذا بدوره سيساهم في صقل مهارات التفكير الحاسوبي. أما فيما يتعلق بالروبوت «حسون»، فقد راقت للمدرسات فكرة الروبوت، إذ أنه باستخدام مجموعة من الأوامر بلغة الفيجول بيسك، تستطيع الطالبة رؤية مخرجات البرامج بشكل محسوس. فبإمكان المبرمج أن يتحكم في الروبوت ويجعله يسير للأمام أو الخلف، يميناً أو شمالاً، كما أنه يستطيع تحسس العقبات التي أمامه، والتعرف على درجة الحرارة وكذلك التحكم في لون منقار الحسون. وقد رأت المدرسات أن هذا التفاعل بين الطالبة والحسون سيخلق جوا من المتعة والإثارة في دروس البرمجة وبالتالي سيساعد في زيادة الدافعية لتعلم البرمجة. تعليم الحاسب بدون حاسب أما الورشة الثانية والتي بعنوان (الحاسب بدون حاسب) من إعداد وتقديم الأستاذة أفنان السبيهين، فقد استهلته بتنبيه المعلمات إلى ظاهرة شيوع الاعتقاد الخاطئ لدى الطالبات بأن علوم الحاسب الآلي ما هو إلا فن التعامل مع تطبيقاته أو بناء تلك التطبيقات فقط، إلا أن هذا ليس صحيحاً فعلوم الحاسب الآلي مجال أوسع من ذلك بكثير، فالطالب يكوّن فكرة جيدة ومبدئية عن الكيمياء والفيزياء إلا أن ذلك غير متحقق مع علوم الحاسب الآلي، فعلوم الحاسب الآلي تتعلق بمجموعة من المبادئ والمفاهيم الأساسية التي تمكن المبرمج من بناء تطبيقاته كما تمكن الحاسب من تنفيذ هذه التطبيقات. كما أن علوم الحاسب الآلي يشمل كذلك مهارة التفكير الحاسوبي (Computational Thinking)، وهنا تكمن أهمية تصحيح المفهوم العام بأن علم الحاسب هو (التعامل) مع جهاز الحاسب الآلي، فيجب تعريف وتوضيح دور الحاسب الآلي كجهاز في هذا العلم الواسع، لأن جهاز الحاسب الآلي ما هو إلا أداة يقوم بتنفيذ العمليات والأوامر، فهو كالمجهر في علم دراسة الخلايا، وكالتلسكوب في علم الفلك: كلها أدوات تمكّن وتساند هذا العلم لكنها لا تكوّنه، وبذلك يتم تصحيح مفهوم الطالبة ومنظورها عن هذا المجال الواسع، حينها يمكن تعريف الطالبات بأساسيات ومفاهيم وأساليب الحوسبة التي تستمد من مجال علوم الحاسب على الوجه الصحيح. نورة: لو أن مثل هذه الورش موجودة باستمرار لأغلقت الفجوة بين التعليم العام والجامعي بعدها قامت أ.أفنان بتعريف المعلمات بأساليب تعليم الحاسب بدون حاسب (CS Unplugged) على أنه مجموعة من الأنشطة والألعاب التعليمية التي تمثل عمليات حاسوبية بدائية، تهدف إلى تعليم أساسيات علوم الحاسب الآلي بدون استخدام الحاسب الآلي أو التطرق إلى تفاصيل تقنية بحته بل تركز على الأسلوب وطريقة التفكير الحاسوبي. إن هذا النشاطات مصممة لتناسب جميع الخلفيات الثقافية وجميع الفئات العمرية بدءاً من الروضة وانتهاء بكبار السن. بعد ذلك تم عرض عدد من نشاطات تعليم الحاسب بدون حاسب مثل نشاط حركي يساعد الطلاب على استيعاب طريقة تمثيل الأعداد الثنائية وتحويلها إلى أعداد عشرية بكل سهولة، ونشاط يعرف الطالب بالكيفية التي يقوم بها الجهاز باستكشاف الأخطاء التي يمكن حدوثها لدى الأعداد الثنائية وإصلاحها، تم عرض أيضاً نشاطاً يعرّف الطلاب بكيف يقوم الحاسب بتمثيل وتخزين الصور وذلك بتحويلها إلى أرقام أولاً وتم عرض نشاط يعرّف الطالب بأهم خوارزميات البحث كالبحث الخطّي والبحث الثنائي، ومن ثم تم تحويل المعلمات إلى موقع تعليم الحاسب بدون حاسب (csunplugged.org) والكتاب الإلكتروني المصاحب والذي يحتوي على الكثير من الأنشطة المتعلقة بالعديد من مفاهيم علوم الحاسب الآلي. البوستر الإعلاني للمسابقة التفكير الحاسوبي من أكثر الورش التي لاقت شعبية بين المعلمات هي ورشة (التفكير الحاسوبي البحثي بواسطة الرحلات المعرفية) من إعداد وتقديم الأستاذة مشاعل الدويس. حيث عملت الورشة إلى تسليط الضوء على مهارات البحث في الانترنت والتفكير الحاسوبي البحثي من خلال تقديم مفهوم الرحلات المعرفية أو الويب كويست (Web Quest) والذي يوظف أنشطة معتمدة على الانترنت في الصف الدراسي. تم تقديم الورشة بشكل مبسط ابتدأ بعرض قصير عن إحصاءات استخدام الانترنت في المملكة للفئة العمرية (15- 24) والتي تشمل المرحلتين المتوسطة والثانوية لعام 2011م والتي أصدرتها شركة غوغل بالتعاون مع جهات أخرى، ومناقشة كيفية توظيف هذه الأرقام والإحصاءات لصالح العملية التعليمية. بعد ذلك تم طرح مفهوم الويب كويست كإستراتيجية تعليمية تساعد على دمج الانترنت في العملية التعليمية عن طريق نشاط جماعي قامت به المعلمات لاكتشاف المفهوم بأنفسهن يشابه في أسلوبه أسلوب الرحلات المعرفية. لقي الطرح إعجاب كبير واهتمام من الحضور لمناسبة تطبيقه على طالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية، والمزايا الأخرى التي يحققها (العمل الجماعي، تنمية مهارات التفكير، الاستخدام الآمن للانترنت) والتي تخدم الأهداف التعليمية. الحاسب والمجتمع أما الورشة الأخيرة والتي بعنوان (الحاسب والمجتمع) فهي من إعداد وتقديم الأستاذة نورة الرجيبة. ففي بداية الورشة تم عرض قائمة بأهم عشرين ابتكار خلال الثلاثين سنة الماضية بحسب محكمي جامعة بنسلفانيا، كل من هذه الابتكارات هي نتيجة إما مباشرة أو غير مباشرة لتطورات علوم الحاسب. وبناءاً على هذا، تم عرض مفهوم الطالبات الخاطئ لعلوم الحاسب حيث يعتقدن أنه محصور بالبرمجة وطرق الاستخدام أو بعضهن يعتقد أنه عبارة عن يوتيوب وتويتر وفيسبوك وغيرها. ولتغيير هذه الفكرة، تم استعراض كيف استطاع علوم الحاسب أن يخدم فئات المجتمع المختلفة مثل: الأطباء، المعلمين، ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم. وفكرة تقسيم المجتمع إلى فئات تم استيحائها من فكرة الدوائر في غوغل بلص. حيث تم تقسيم المعلمات إلى فرق كل منها مختص بفئة أو اثنتين من فئات المجتمع، وطلب من كل فريق التفكير باستخدامات علوم الحاسب لتلك الفئات. ولكي يفوز الفريق لابد من أن يتطابق ما يذكره الفريق بما يتم استعراضه في الورشة. أما في نهاية الورشة فتم استعراض مفهوم الانفوقرافكس (Infographics) و مجالات استخدامه داخل الحصة الدراسية. مسابقة الورشة في اليوم الأخير من الورشة تم طرح مسابقة (غوغل للعروض التعليمية المميزة) والتي تهدف إلى إشعال روح المنافسة بين معلمات الحاسب الآلي لتطبيق ما تعلمنه خلال الورشة وتوظيفه لخدمة المنهج الدراسي. وقد شاركت حوالي 14 معلمة في المسابقة، قدمن فيها عروض تقديمية لا تزيد عن 15 دقيقة توضح فيها كيف سيتم دمج محتويات الورشة في منهجها الدراسي. وقد خصصت اللجنة المنظمة خمس جوائز عبارة عن روبوتات «حسون»، وذلك حتى يمكن للمعلمات الاستفادة منها في إثراء مادتها العلمية. حلقة النقاش واختتام الورشة تخلل اليوم الأخير من الورشة حلقة نقاش، تم طرح سؤالين للمعلمات هما: (1) ما هو التأثير المتوقع للورشة في تطوير التقنيات التي تستخدمينها في عملية التعليم؟ (2) كيف ترين تأثير الورشة في جذب وترغيب الطالبات في تخصص الحاسب؟ أتت الإجابات متباينة من قبل المعلمات، فالأستاذة سارة الجاسر من مدارس الأبناء الثانوية للبنات، قالت «هذه الورشة ساهمت في الإطلاع على تقنيات ومستجدات نستطيع أن نواجه بها الطالبات. حيث أن هذا الجيل هو جيل التقنية وهو مطلع بشكل كبير على الكثير من مستجدات التقنية. لذا يجب على المعلمة أن تكون دائماً مطلعة على مستجدات التقنية ولا تبقى على المعلومات التي أخذتها في الجامعة». أما أ. نورة المقرن، من الثانوية الرابعة عشرة، فذكرت أنه «تم الإطلاع على أفكار جديدة في الورشة تساعد في التدريس. كنت دائماً أرى أن التدريس صعب لكن بهذه الورشة تم تحويل عملية التدريس إلى عملية سهلة.»