يوم أمس الأحد 11/9 ، كان الذكرى العاشرة لسقوط برجيْ التجارة ، ذكرى وأية ذكرى ، ذكرى تتشابك بها الأسطورة مع الخيال ومع الواقع ، ودماء لثلاثة آلاف أمريكي سقطوا خلالها . استنفرت قبله ببضعة أيام أمريكا قواها مرة أخرى ، ظهر رعب أمني على اعتبار أن القاعدة تهدد من جديد ... نشطت محطات التلفزة الاخبارية في الكلام عما حدث، وما الذي سيكون، ظهرت مدينة نيويورك وكأن غزاة سيصلونها .. حسب ما رأيناه من التلفزة الأمريكية . وكأن قائد القاعدة لم يمت ولم تأكل الأسماك لحمه بطريقة أمريكية دراماتيكية .. هل الصنم الذي خلقته عاد وسقط عليها، أم تراه انتهت صلاحيته وجاء دور خلق جديد؟! بعد سقوط البرجين وبعض من البنتاغون والذي طمس ذكره فيما بعد ، نشطت أمريكا في محاربة أعداء مفترضون وتسلحت بدنكوشيتية غريبة . فأصبحت تخبط في القتل خبط عشواء ، ولا ننسى قبلها أن ضرباً حدث لثلاث دول مسلمة ، أفغانستان والسودان والعراق ، وذلك بعد فضيحة كلينتون ومونيكا لوينسكي.. إن خلق أعداء هو جزء اساسي من الدفاع عن الأوطان(حسب عقيدة الدول الكبرى)، وعمل يشبه عمل التطعيم للجسم البشري بحقن تشجع المناعة ، ويعني تدريبا اكثر وتحفيزا أكثر للأمة ، لذا لابد من اختيار اعداء ضعيفين بحيث النصر يكون ممكنا جدا وسهلا ، أو إضعافهم حتى يكون الصيد سهلا . تمثلت العشر سنوات العجاف بالتالي : أفغانستان ، عدو سهل وجاهز ، كل مقدراته ضعيفة بعد حروب طويلة مع الاحتلال البريطاني ومن ثم الاحتلال الروسي، ومن ثم التقاتل حتى استولت طالبان على الحكم ، لذا فما حدث في البرجين إن كان حقيقة من القاعدة أم من النظريات القوية التي طرحت وكانت أقواها نظريتان ، يابانية ، وهي تناولت التفجير من أسفل البرجين ، والطائرتين بلا طيار ، وكل المؤثرات الأخرى ليست إلا فيلما هوليوديا ، والثانية وهي قوية ، وأتت من أمريكا نفسها حيث حلل مهندسون وخبراء الصور تحليلا دقيقا ، أظهر ان التزامن مع الطائرتين كان اندلاع تفجيرات من داخل البرجين بمعنى أن البرجين كانا ملغمين أصلًا .. ذهبت طالبان وتم وضع المواطن الأمريكي الأفغاني (كرزاي) رئيسا لأفغانستان . ولازالت الحرب دائرة ، هناك بين الأمم وفقراء الأفغان وجعل أخضرها يأكل يابسها والعكس. العراق استنزف من تجويع ومقاطعة ومنع حتى أقلام الرصاص عن أطفاله ومات خلال ثلاثة عشر عاما مليون طفل ، بمعنى انهيار للمستقبل .. وتقطعت أنفاسه ومن ثم تم الإجهاز عليه .. وسبع سنوات مرت ، والفساد يتبرأ من الفساد الذي جلبته أمريكا ، برجال على دباباتها.. السودان تقطعت أوصاله ، ما بين جنوب يفصل وشمال يستنزف . ودارفور حيث البترول ، يتصارع العربي المسلم مع المسلم غير العربي حتى تبخرت أو ستتبخر قريبا جدا دارفور، وهو يزداد تقطيعا . السنوات العشر العجاف منذ سقوط البرجين وقبلها رعى الفساد والفقر بالصومال حتى أهلك البشر والثمر ، وحلت الصدقات محل العمل وهي صداقات لا تغني من جوع .. عشر سنوات عجاف جالت حول العالم وصالت، وأخذت بدل الثلاثة آلاف إنسان أمريكي أكثر من أربعة ملايين ماتوا حربا ! أم جراء تبعاتها.. ولم أتكلم عن إسرائيل ولا الذبح اليومي في فلسطين. لعل الشيء الوحيد والذي لم تظهر نتائجه جيدا بعد هو الغليان العربي بسبب ما جرى ، وإرادة التغيير العربية..