عشر سنوات مضت على أحداث 11 سبتمبر التي تهاوى فيه برجا مركز التجارة العالمي ومعها تهاوت العلاقة بين الغرب والإسلام. بعد مضي عقد من الزمن على أحداث ذهب ضحيتها حوالي ثلاثة آلاف شخص هم ضحايا الهجمات. وفي مقابل ذلك ذهب ضحية ما يسمى الحرب على الإرهاب أكثر من مليون قتيل في أفغانستان والعراق. تسبب ذلك في شرخ في علاقة الإسلام والمسلمين بالغرب. ولكن وبعد هذه المدة الطويلة يرى بعض المراقبين والخبراء ان العلاقة بين الجانبين تحسنت ولكنها بحاجة للمزيد من العمل، فحوار الأديان والحضارات والتنسيق الأمني والاستخباراتي جهود يجب النظر لها من زاوية رأب الصدع وإعادة الثقة بين المسلمين والاميركين خصوصاً والغربيين بصفة عامة. ويرى المراقبون أن محاولات القاعدة لكسب قلوب وعقول المسلمين وإقناعهم أن العنف هو الحل لمأزق المسلمين قد رفضها غالبية المسلمين. ويعتقد الخبراء ان إيجاد حلول للمشكلات السياسية في منطقة الشرق الاوسط من شأنه المساهمة في تخفيف التوتر بين الجانبين، ولفت الباحثون إلى أن على الجميع التعلم من الدروس السابقة القاسية وأن منطق القوة قد فشل ويجب اللجوء إلى قوة المنطق في فتح صفحة جديدة للتعايش لأن في التعايش سلام وفي السلام أمن والتجربة الماضية أثبتت أنها كانت مخالفة لكل تلك القواعد وتم عسكرة العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين وبين أميركا وبين العالم الإسلامي، وبذلك تم فقدان الثقة بين الطرفين. خبراء ل «الرياض»: العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب تحسنت وهناك المزيد لعمله «الرياض» تحدثت مع خبراء في واشنطنولندن عن العلاقة بين الإسلام والغرب بعد عقد من أحداث 11 سبتمبر. فرانك اندرسن رئيس مجلس سياسة الشرق الأوسط في واشنطن قال ل «الرياض» إنه بعد مرور عشر سنوات على أحداث الحادي عشر من سبتمبر يمكنني القول بأن العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب قد تحسنت ولكن هناك المزيد الذي ينتظر فعله لتحسين هذه العلاقة. وأوضح إلى أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر تسببت في صراعات وردود أفعال في العالم الإسلامي وخارجه. وأشار إلى انه وبعد وقوع الأحداث كانت هناك ردود أفعال عدة مبالغ فيها في غالب أنحاء الولايات لمتحدة وأوروبا وتعرض كثير من المسلمين لمحاكمات واتهم الكثيرون منهم بعدم الولاء للولايات المتحدة ولدولهم الأوروبية. وأضاف على الرغم من انحسار المشكلة في العشر سنوات الأخيرة، ما تزال في الولاياتالمتحدة جهود منسقة لتجريم الإسلام والإدعاء بأن هناك صراعا بين القيم الديمقراطية الغربية وبين الإسلام. * نهاد عوض رئيس مجلس العلاقات الأميركية الإسلامي موضحاً أن هناك مراجعة شاملة للمواقف الغربية من الإسلام وانتقادات من الأكاديميين للتحامل على الإسلام في الولاياتالمتحدة وأوروبا. ولفت اندرسن في حديثه ل «الرياض» إلى أن هناك إصلاحات في المملكة في المؤسسات الدينية والتعليمية وأن الرياض تلعب دوراً قيادياً في محاربة الإرهاب وهي التي عانت أكثر من أي دولة أخرى من الإرهاب. وحول الخطوات التي يجب اتخاذها لتحسين العلاقات بين العالمين الإسلامي والغربي قال اندرسن: أعتقد أنه ليس من السهل تحديد الخطوات التي على الغرب اتباعها تجاه الإسلام أو على الإسلام أن يتخذها تجاه الغرب، ولكن يمكنني القول بأن على الغرب أن يتخلى عن تعصبه وتحامله على الإسلام والربط بين المسلمين والإرهاب وأن كل مسلم إرهابي بطبعه وعدو للديمقراطية وعلى المسلمين عدم النظر في الادعاءات الخاطئة التي تقول بأن الغرب ضد الاسلام. من جانبها قالت ل «الرياض» الدكتورة مها عزام الخبيرة في الشؤون الإسلامية في تشاتهام هاوس (المعهد الملكي للعلاقات الدولية) أننا بلغنا وضعاً اصبحت فيها القاعدة مهمشة ولكنها ما زالت تشكل تهديداً خطيراً. واضافت لكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي مضت عليها عشر سنوات تسببت في اضرار كبيرة لصورة الإسلام والمسلمين وتحتاج إلى وقت طويل لتصحيح هذه الصورة المغلوطة. وقد بذل المسلمون في سائر انحاء العالم جهوداً كبيرة للتعبير وإظهار رفضهم لرسالة العنف التي تبنتها القاعدة. وأشارت الدكتورة مها إلى أنه وحتى الآن وبعد مرور عشر سنوات، نرى أن محاولات القاعدة لكسب قلوب وعقول المسلمين واقناعهم أن العنف هو الحل لمأزق المسلمين قد رفضتها غالبية المسلمين. وأن هنالك مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة في العالم الإسلامي وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص.. هذه المشاكل بحاجة إلى معالجتها على وجه السرعة، فالمسلمون والعرب في الشرق الأوسط يقولون إن قضية السلام هي التي تحتاج إلى الحل بالطرق السلمية وأن غالبية القاعدة قد همشت إلى حد كبير ولكنها ما تزال تمثل تهديداً خطيراً وقد فشلت على المستوى السياسي في كسب تأييد المسلمين ودعمهم لها، ولكن الضرر الذي تسببت فيه لصورة الإسلام والمسلمين وربط الإسلام بالعنف في العشر سنوات الماضية قد استغله الكثيرون في الغرب وتسبب في اضرار تحتاج لسنوات لمعالجتها وتصحيحها وتقوم حالياً المجتمعات الإسلامية بجهود لتصحيح صورة الإسلام وأنه -أي الإسلام- لا يقر ولا يؤيد استخدام العنف لتحقيق اهدافه وغاياته. * الدكتورة مها عزام زميل معهد تشاتهام هاوس في لندن وأشارت الدكتورة مها عزام إلى أنه من أجل عكس الصورة الصحيحة للإسلام فعلينا أن نقوم بفصل المشاكل والازمات السياسية في العالم الإسلامي عن الدين. ومن المهم أن نقول إن المشاكل والأزمات التي تواجه الشرق الأوسط سياسية بالدرجة الأولى وتحتاج إلى التعامل معها ومعالجتها كقضايا سياسية وأن المسلمين يرغبون في إقامة مجتمع يحترم حكم القانون وحقوق الانسان وأنهم يناضلون من أجل المحافظة على قيمهم وتقاليدهم الدينية في بيئة تنبذ العنف ضد الابرياء ولا تقره. نهاد عوض رئيس مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية تحدث ل «الرياض» قائلاً: حال المسلمين في الولاياتالمتحدة كحاله خارجها فغالبية غير المسلمين في الولاياتالمتحدة لا يعرفون الإسلام وذلك حسب استطلاعات الرأي والدراسات والمسلمين بشكل عام.. عليهم واجب كبير وهو تعريف المجتمعات التي يحطون بها عن الإسلام وحقيقته وهذا جزء مهم من معادلة تشخيص الواقع، من جانب آخر المسلمون في أميركا لا ينكر احد أنهم تعرضوا للمضيقات على المستوى الفردي والرسمي على مدى عشر سنوات، ولكن في نفس الوقت طوروا آليات الاندماج والانخراط في الحياة الأميركية السياسية والاجتماعية وكذلك نشطوا ليس في الدفاع عن هويتهم بل على فتح مجال لهم للتعايش في المجتمع الأميركي والمساهمة في تصحيح توجهات السياسية المحلية والخارجية تجاه العالم الإسلامي. وأضاف عوض استطلاعات الرأي تشير إلى نسبة قبول الإسلام لدى الأميركيين عام 2001 كانت 40% بعد تفجيرات 11 سبتمبر والآن انخفضت نسبة القبول والسبب هو أن الأحداث تبعتها حروب في أفغانستان وغزو العراق غير المبرر كما يجمع على ذلك المراقبون وتدخل الولاياتالمتحدة في ملفات أفغانستان واليمن والصومال كلها تلقي بظلالها السلبية على الرأي العام الأميركي باعتبار أن القاسم المشترك بين هذه البلدان هو الإسلام والمسلمين، والسبب الثاني هو النشاط المدروس بشكل قوي ومنظم للجهات المعادية للإسلام التي نشطت خلال السنوات الماضية وتشكل ظاهرة «الاسلاموفوبيا».. وهناك تقارير صدرت تكشف حقيقة هذه المؤسسات والأفراد ومن يساندهم ولا يمكن الاستهانة بجهود هؤلاء الرامية لتوسيع الفجوة بين المسلمين وغير المسلمين. السبب الثالث هو قلة إمكانات المسلمين في الساحة الأميركية كون نسبتهم تتراوح من 1.5 إلى 2 % وبالتالي لا يمكنهم ان يؤثروا ايجاباً في 98% من بقية المجتمع بإمكانياتهم المتوفرة لديهم بالرغم من أنهم طبقة مثقفة ومتعلمة ولديهم الفكر النيّر وهم يتعايشوا ومندمجون في الحياة الأميركية. وأشار نهاد عوض إلى أن الأمل بأن يتعلم الجميع من الدروس السابقة القاسية وأن منطق القوة فشل ويجب اللجوء إلى قوة المنطق في فتح صفحة جديدة للتعايش لأن في التعايش سلام وفي سلام أمن والتجربة الماضية اثبتت على انها كانت مخالفة لكل تلك القواعد وتم عسكرة العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين وبين أميركا وبين العالم الاسلامي، وبذلك تم فقدان الثقة بين الطرفين وحرم الطرفان من الفرص الاقتصادية والتبادل الثقافي وبناء علاقات تقود إلى السلام والأمن المشترك ومن هنا القيم التي تستند عليها الولاياتالمتحدة هي القيم التي يؤمن بها المسلمون حول العالم والقيم التي يستند عليها المسلمون في نظرتهم وتعاملهم مع المجتمعات الغربية هي القيم الاسلامية التي لا يختلف عليها الاميركيون والغربيون ومن هنا فالقواسم المشتركة بين الطرفين كثيرة جداً واكثر بكثير من الفوارق والخلافات. والإشكال الذي حدث في الماضي هو أن العلاقة تم التحكم بها من أقلية متطرفة وللأسف وقعت الامة الاسلامية والغرب في كمين تنظيم القاعدة ومن دار حولهم وأصبح الجميع من العقلاء والغالبية الصامتة يسيروا وراء هذه التنظيمات من خلال ردود الأفعال لمحاربتها وانشغلوا عن التخطيط الاستراتيجي وتوطيد العلاقات وعدم الوقوع في كمين المتطرفين.