السوق العقاري السعودي سوق واعد وكبير وهو من أكبر الأسواق في المنطقة إذ يتجاوز حجمه 1.3 تريليون ريال إلا أنه بسبب عدم تنظيم أدواته يؤدي إلى خلق أزمات سكانية عديدة خلال السنوات المقبلة، ما يحتاج إلى تدخل مجلس الوزراء لحل بعض هذه المشاكل.. ويحدث هذا في مدة قصيرة ولعلاج هذا لابد - على الأقل - من توحيد جهود القطاعين العام والخاص ودمج سبل الاستثمار بفرص أقوى للحد من مشكلات السوق. وفي الوقت الراهن تم تشخيص الكثير من مشكلات القطاع العقاري في السعودية إلا أنها تستوجب بعض الحلول التي يتلخص بعضها في إيجاد إجراءات وأنظمة تستجيب لها بدلا من تدخل الدولة وإرهاقها في أمور يمكن لها ان تحل بمفردها. كما يستوجب حجم الاستثمارات الكبيرة في القطاع العقاري ضرورة أن يلم جميع المتعاملين فيه بالجوانب القانونية المرتبطة بعمليات البيع، والتزام كافة الأطراف المستثمرة بالقطاع بتطبيق الأنظمة المنظمة للاستثمار فيه الأمر الذي يقلل من حالات الخلاف واللجوء إلى المحاكم. ويشهد السوق العقاري، بحسب خبراء - تدفقا استثماريا كبيرا يستلزم ضرورة السعي لتطوير القطاع من خلال العمل على توعية العاملين فيه بالنظم المختلفة، مشيرين إلى أن هناك ضمانات مهمة يجب على أطراف العملية الاستثمارية العقارية "المسوق والمسوق عليه" الاهتمام بها، إضافة إلى إيجاد آلية تحاكم سريعة تبت في القضايا الخلافية التي تحصل، وتحمي ملايين الريالات من "التجميد" بسببها، مؤكدين ضرورة تحديث سياسة صندوق التنمية العقارية وفق المتطلبات الأساسية للمواطن، مبينين ان البنوك المصرفية التجارية تسعى إلى جذب العملاء والباحثين عن قروض ميسرة لتقديم أرقى سبل الخدمات وتسهيل مهامهم، ولكن هذا النظام يعد مخالفا تماماً للوائح الدولية بسبب عدم ممارسة تلك البنوك النشاط العقاري بشكل رئيسي، فهي تنافس الشركات والمؤسسات العقارية التي تقدم فوائد القروض والتسهيلات المالية للعقار. وهذا سيؤثر سلباً في في ظل منافسة البنوك وعرقلة عمل الشركات العقارية التي يجب عليها التحرك للعمل بجد على توطين محدات سكنية ميسرة. وأكد مطورون عقاريين ان الدراسات تشير إلى أن المملكة مقبلة على أزمة إسكانية خانقة أكثر من المتوقع خلال الخمس السنوات القادمة وذلك لوجود العديد من العوامل المؤثرة التي ستبقى عائقاً أمام النمو العمراني في المملكة ولعل من أهم تلك العوامل التعداد السكاني المتزايد وعدم تحديث الأنظمة والآليات التي تفتقد الجهة الرسمية في توجيه القرارات وإصلاحها. ولتجاوز كل ذلك فإنه يتطلب توحيد جهود القطاع العام تحت مظلة واحدة وتكون علاقتها بالقطاع الخاص علاقة شراكة وضمان، وقالوا: إن السوق العقاري يفتقد الجهة التي تحميه وتسعى إلى تنظيمه وفق استراتيجيات لذا فإن إنشاء هيئة أو مؤسسة حكومية مطلب حقيقي للسوق وللمختصين في ذلك القطاع وهذا لن يتم إلا بتكاتف المسؤولين ورجال الأعمال من جهات عامة وخاصة. كما أن بناء المساكن والوحدات السكنية الكبيرة سيحد من الأزمة القائمة بحيث تكون تلك الوحدات متكاملة في خدماتها ومتوافرة على أطراف المدينة لأن التكدس الداخلي كما هو موجود الآن خصوصاً في منطقة بحجم الرياض تسبب في عوائق عدة وازدحام شديد. وبينوا انه من الضروري أن يسعى صندوق التنمية العقاري إلى تطوير سياسته من خلال توجيه قروضه إلى الشركات العقارية بما يسهم في إنشاء بيئة سكنية صحية اجتماعياً واقتصادياً للوطن والمواطن، وتحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار في المواد الأساسية للبناء والتي تنعكس بدورها على حركة البناء، موضحين أن من التحديات التي تواجه قطاع العقار قلة الكليات الأكاديمية والتدريبية وعدم وجود أقسام تعنى بالعقار في الجامعات، هذا إضافة إلى الضعف الرقابي في تطبيق الأنظمة العقارية. يذكر أن دراسة سعودية لخصت العوائق التي تعود الى صناع السوق من المستثمرين بمشكلات عدة تتمثل في اتخاذ بعض المستثمرين قرارات استثمار إستراتيجية بناء على العلاقات الشخصية الفردية بعيدا عن الأساليب العلمية في تحليل ودراسة فرص الاستثمار، وتباين خبرات بعض المستثمرين العقاريين مثل خبرة تطوير المشاريع العقارية الكبرى، وضعف التخطيط وعشوائية الاستثمار، وضعف الملاءة المالية لبعض مؤسسي المشاريع الكبرى، وعدم احتساب تكاليف التطوير النهائية بمنظور علمي يستند لمعايير محددة، والمبالغة أحيانا في نشر الإعلانات الترويجية في وسائل إعلانية ما يرفع التكاليف النهائية، والإعلان عن أرباح متوقعة من دون دراسة موثقة يحدث تناقضا بين الأرباح المعلنة والأرباح الحقيقية، وطرح أسهم للاكتتاب العام بسعر مبالغ فيه (غير حقيقي) طمعا في تحقيق الربح السريع مما يؤدي الى تضخم سعر السهم الى مستوى غير حقيقي ينتهي ببقاء المشروع لفترات طويلة من دون تصفية. ومن المعوقات الاخرى التي اشارت اليها الدراسة، اصدار بعض الانظمة من دون استشارة اهل الخبرة من العقاريين جعل تطبيق تلك الانظمة غير فعال لكونها لا تحاكي متطلباتهم، وعدم وجود انظمة واضحة وفعالة لمعالجة قضايا التعويض عند الضرر الناتج من تجاوزات الغير تسبب في تخوف دخول الاستثمارات الاجنبية الى بعض الاسواق العقارية، ووجود ازدواجية وتعارض القوانين في بعض الجهات الرسمية ذات العلاقة بانشطة السوق العقاري، وعدم تطوير قوانين تملك غير المواطنين للعقارات في بعض الدول، اضعف اهتمام هذه الشريحة من الاستثمار في السوق العقاري، وعدم الاستفادة من تجارب عقارية لبعض الدول التي نجحت في تنمية وتطوير الاستثمار العقاري وحققت سبقا عالميا بمشاريع عملاقة خلال مدة زمنية قياسية. وكان السوق العقاري في السعودية دخل إلى مرحلة جديدة يطلق عليها العقاريون، مرحلة التصفية وخروج الدخلاء، حيث يتعرض السوق العقاري في البلاد إلى مرحلة تقنين بوجود كبرى الشركات العقارية، التي حققت نتائج مجدية وكبيرة، من خلال عملها في الفترة الماضية، وخروج الشركات والمؤسسات التي واجهت صعوبات في تحقيق نجاحات مستمرة، كونها لا تمتلك العناصر المجدية للاستمرار في سوق العقارات السعودي، الذي يتوقع ان يشهد انتعاشا، مع ضخ الدولة لمليارات الريالات عبر الأوامر الملكية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - اوائل العام الحالي. ويصف العقاريون السوق بالمتنامية، بدعم وجود عدد كبير من شركات العقارات العاملة في السعودية ووجود طلب متواصل على هذا القطاع، يتطلب تقديم أنواع مختلفة من الوحدات السكنية ونوع آخر من خدمة الإدارة والصيانة والتصاميم الداخلية، تخدم المشتري وتوفر له العيش برغد ورفاهية، بالاضافة إلى الطلب المتزايد على مقرات اقامة دائمة في كل من مكةالمكرمة لزيارة الحرم المكي الشريف والمدينةالمنورة لوجود الحرم النبوي الشريف، اضافة إلى الطلب المتزايد على المنتجعات البحرية في كل من جدة والمنطقة الشرقية لضمان متنفس للعوائل، التي لا تقطن في نفس المدينة كمدن الرياض والقصيم وغيرها من المدن غير الساحلية. وطالب عدد من الاقتصاديين بضرورة التعاون بين عدد من الوزارات ذات الصلة مع وزارة الإسكان لتحديد وتصنيف المناطق السكنية والعمل وفق خطط تنموية مستدامة تكفل استقرار مستقبل السوق العقارية في المملكة وتوازنها. وكشف تقرير حديث عن توقعات بازدياد الطلب على شراء الوحدات السكنية في السعودية بنسبة تراوح بين 25 و35 في المائة خلال العام الجاري 2011. وأوضح التقرير، الذي يقرأ تأثر السوق العقارية بعد حزمة الأوامر الملكية الكريمة الداعمة للتنمية العقارية، أنه من المتوقع أن يكون هناك تراجع ملحوظ في الطلب على شراء الشقق ذات المساحات الصغيرة والأراضي ذات المساحات الكبيرة، وذلك لأمرين رئيسين، هما: الأول ارتفاع أسعار الأراضي لدرجة لم تمكن كثيرا من المستهلكين من تملك القطع في الأحياء التي يرغبونها، والأمر الثاني هو انتظار لصدور التنظيم الخاص بإنشاء الوحدات السكنية المتعلقة في وزارة الإسكان، إضافة إلى ترقب صدور نظام الرهن العقاري، فضلا عن إعلان مرتقب للصندوق العقاري يوضح فيه ضوابط منح قروضه. وبيّن التقرير، أن الطلب سيزداد على الوحدات السكنية بنسبة تتراوح ما بين 25 و35 في المائة، وذلك للقدرة النسبية على امتلاك مبالغ تلك الشقق أو الفلل، إما بتمويل بنكي أو بالإقراض عبر الصندوق العقاري. وكشف التقرير أن السوق العقارية تنتظر بشغف كبير صدور الموافقة السامية على تنظيم آليات وشروط الرهن العقاري والذي تم الانتهاء من صياغته أخيرا في مجلس الشورى، وتم رفعه إلى المقام السامي بانتظار الموافقة النهائية عليه، وأن صدور الموافقة على مثل هذا القرار ربما تحدث تأثيرا كبيرا على السوق العقارية، لكن ربما سيستغرق هذا الأثر بعض الوقت حين تنفيذ القرار. ومن الآثار المتوقعة على السوق العقارية كبح أسعار إيجارات المساكن، وكذلك أسعار تملك الوحدات السكنية، حيث سيكون في تفعيل وتطبيق تلك الأنظمة والقرارات صدى كبير وأثر واضح في جانبي العرض والطلب، وبشكل متجانس ومتصاعد لكلا الجانبين. أي سيكون هناك طلب متزايد وفي المقابل عرض متزايد من قبل الكثير من الشركات التي ستطرح المزيد من المشاريع السكنية في ظل إذا ما فُعّلت تلك الأنظمة والقرارات والتي ستكون أحد المحركات الأساسية في تشجيع تلك الشركات على التنافس وجذب المستفيدين النهائيين.