أكثر ما يُستغرب له في مسألة حقوق نقل مباريات الدوري السعودي هو الصمت المطبق حيال عوائد الأندية من هذا النقل، إذ في الوقت الذي لا يكاد أحد من المهتمين بالشأن الرياضي السعودي لا يتحدث في تداعيات الأمر الملكي الذي صدر منذ نحو شهرين؛ كلٌ بحسب اهتماماته، سواء من جهة المختصين بالإعلام، أو من جهة المشاهدين العاديين، نجد أن هيئة دوري المحترفين ومعها الأندية، وهما المعنيان الرئيسان بالأمر، يمارسان صمتاً مطبقاً لا مبرر له، وكأني بهما يطبقان المثل المصري القائل: «مولد وصاحبه غايب». أقول لا مبرر له باعتبار أن جل الأندية السعودية إن لم يكن جميعها تشكو لطوب الأرض من ضعف إيراداتها في قبالة مصروفاتها، بما فيها عوائد النقل التلفزيوني التي تمثل واحدة من أهم إيرادات الأندية العالمية، وفي بعضها تمثل الأهم، ويزداد الأمر سوءاً أن نحو ثلثي أندية الدوري السعودي لا تملك عقود رعاية، وحتى تلك التي تملك عقوداً فإنها تعاني سنوياً من العجز في ميزانياتها؛ إذ تزيد مصروفاتها على إيراداتها، ما يجعلها تقتات كثيراً على ما يأتيها من هبات. حقيقةً، أستغرب من تلحف الأندية بالصمت؛ وإصرار مسؤوليها على إدارة ظهورهم عن مواجهة القضية؛ إذ لم يخرج حتى اللحظة أحد منهم ليسأل اتحاد الكرة عن حصة ناديه، وهل ستبقى هذه العوائد هي ذاتها كما في العقد السابق والمقررة ب 4 ملايين ريال لكل نادٍ أم ستزيد الحصة، باعتبار أن نسبة الأندية من قيمة العقد السابق لا تعتبر عادلة قياساً بقيمة العقد الإجمالي، وبالتزامات الأندية الكثيرة والكبيرة. أقول ذلك وأنا على ثقة بأن مسيري الأندية لو أخرجوا ما في فمهم من ماء لقالوا كلاماً كثيراً بل وخطيراً في هذا الأمر، على الأقل من جهة الإجحاف الذي يقع عليهم في نسبة أنديتهم من مبلغ العقد، ومن جهة الإجحاف في تأخر صرف تلك المبالغ لهم. حتى هيئة دوري المحترفين ونحن على بعد أيام معدودة من انطلاقة الدوري لم تعلن شيئاً يمكن أن يبنى عليه حيال الأمر؛ وهي التي تدرك أهمية عوائد النقل التلفزيوني؛ باعتبارها تمثل مربط الفرس في كل الدوريات المحترفة، وأس المعادلة الكروية في العالم، وأحسب أن التشابك في العمل الحكومي الحالي قد زاد القضية تعقيداً على تعقيداتها بالنسبة للهيئة، التي تبدو في القضية كضيف شرف، ولعلي هنا أصف حالها مع الأندية التي تشرف عليها بالمثل القائل «تشكي لي.. أبكي لك». إن السبب الرئيس في ظني لهذا التعاطي المضحك المبكي لقضية عوائد الأندية من النقل التلفزيوني من جميع الأطراف المعنية بها، وهي التي تعد من أهم القضايا في احترافية الرياضة؛ هو لكوننا نتعاطى مع الاحتراف على طريقة العربة والحصان. فطالما أن كل أطراف المعادلة المعنية بهذه القضية حكومية صرفة، في وقت لا يفترض فيها ذلك، فسيبقى حال الأندية على ما هو عليه، فما لم يتم تطبيق مشروع خصخصة الأندية، فستبقى العربة الرياضية لدينا تجر حصان الاحتراف، في حين يفترض العكس.