بدلا من أن تحد الأسعار القياسية للذهب من حماس المستثمرين الصينيين له شجعتهم على ضخ المزيد من الأموال في السبائك وعقود المشتقات التي تنطوي على مخاطر أكبر. وعادة ما تتباطأ مشتريات الحلي والمشغولات الذهبية في الصين في شهر أغسطس لكن العديد من المتاجر في شنغهاي أشارت إلى ارتفاع مفاجئ في المبيعات في الأسابيع القليلة الماضية. وقالت لوي مديرة أحد متاجر لاو فينغ شيانغ الكبرى للحلي في شنغهاي "ارتفاع الأسعار أثار موجة شراء جديدة للذهب. السبائك زنة 50 جراما ومئة جرام تباع مثل الكعك الساخن"، وقال المتجر إن مبيعاته هذا الشهر زادت بنسبة 30 في المائة على الأقل عن الشهر نفسه من العام الماضي. وسيكون لسلوك المستهلكين في الصين المتوقع أن تتجاوز الهند لتصبح أكبر مشتر للذهب في العالم تأثير كبير على الاتجاهات المستقبلية. فالطلب من أكبر دول العالم سكانا والتي تضيف مئات الألوف سنويا إلى صفوف المستهلكين من الطبقات العليا والمتوسطة يعني أن الذهب في طريقه إلى الاستقرار على مستويات مرتفعة في الأجل الطويل. كما أن هذا الطلب من شأنه أن يخفف من الانخفاضات المؤقتة في الأسعار. وتراجع سعر الذهب في السوق الفورية عن ذروته البالغة 1900 دولار للأوقية (الأونصة) التي سجلها الأسبوع الماضي فنزل إلى نحو 1820 دولارا للأوقية وهذه الانخفاضات تشجع أكثر على الشراء. وقال هو شينغ كيانغ محلل الذهب في جينروي فيوتشرز "العديد من المستثمرين والمستهلكين الصينيين يرون تصحيحات الأسعار باعتبارها فرصا للشراء. فالاعتقاد بأن الذهب مخزن للقيمة متأصل في الثقافة والعادات الصينية". وأضاف "وكان من شأن ارتفاع أسعار الذهب على مدى العامين الماضيين والمخاوف من الديون في الغرب تعميق اعتقاد المستثمرين الصينيين بأنه يتعين عليهم امتلاك المعدن كأصل استثماري". وتتوقع وول ستريت استمرار ارتفاع الذهب فيقدر بنك جيه.بي مورجان أن يصل سعره إلى 2500 دولار للأوقية على الأقل بحلول نهاية العام. ووسط موجة شراء الذهب سارعت البنوك وشركات السمسرة الصينية بعرض أوراق مالية للاستثمار في الذهب للاستفادة من الاتجاه الصاعد. وتقول مصادر من بنك الصين والبنك الصناعي والتجاري الصيني أن الطلب على أدواتهما المرتبطة بالذهب ارتفعت في حين يقبل جيش متنام من المستهلكين على الاستثمار في أوراق الذهب. وشجعت توقعات بأن الذهب سيواصل ارتفاعه المستثمرين كذلك على الاقبال على سوق المشتقات الوليدة في البلاد مثل عقود الذهب الآجلة في بورصة شنغهاي للذهب وبورصة شنغهاي للعقود الآجلة. وسجلت أحكام التعاملات على عقود الذهب الآجلة في بورصة شنغهاي للذهب ارتفاعا قياسيا إلى 350 ألفا و670 جراما في أغسطس أي ما يعادل مثلي مستواها في يوليو. وقال هي ووي محلل الذهب في نانهوا فيوتشرز "يقبل المزيد من المستثمرين على أوراق الذهب بسبب انخفاض تكلفتها الرأسمالية، وفرص تحقيق مكاسب كبيرة بالمضاربة على صعود الذهب بدأت تعتبر وسيلة سهلة نسبيا لتحقيق المكاسب". غير أن ذلك يخلق مخاطر أخرى بمرور الوقت تعمل السلطات على تجنبها. فالمستثمرون الذين يشترون عقود الذهب عادة ما يفعلون ذلك بأموال مقترضة فلا يقدمون بأنفسهم سوى نسبة ضئيلة من المبلغ ما يعرضهم لخسائر أكبر بكثير في حال خالفت السوق توقعاتهم. ورفعت البورصة القلقة من الارتفاعات والتي تخشى أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى الاقبال على مخاطر أكبر هامش ضمانات التداول مرتين هذا الشهر إلى 12 في المائة. ودفع الاقبال الشديد على الاستثمار في الذهب المستثمرين كذلك إلى الانتقال إلى مشتقات تعرضها البورصات بشكل غير رسمي ظهرت في السنوات القليلة الماضية ما أثار مخاطر جديدة نظرا إلى انخفاض هامش ضمانات التداول. وشهدت بورصة تيانين للمعادن النفيسة التي تأسست عام 2010 ارتفاعا كبيرا في الطلب على العقود. وفي حين تتخذ الحكومة اتجاها متحفظا بعض الشيء فإن تعطش الناس لأدوات استثمارية جديدة سيسرع دون شك بفتح الصين لقطاع الذهب وهي خطوة تنتظرها البنوك الأجنبية منذ فترة طويلة. وقال مسؤول تنفيذي بارز في بنك أجنبي "هذه ستكون الخطوة التالية التي ننتظرها جميعا".