المريخ يصل إلى (الأوج) اليوم    إحباط تهريب 147 كيلوجراماً من الشبو بميناء جدة الإسلامي    السعودية تشيد بالإجراءات التي اتخذتها الجهات الأمنية في الأردن لإحباط مخططات كانت تهدف إلى المساس بأمنه وإثارة الفوضى    المياه الوطنية تشرع في تنفيذ 14 مشروعاً بمنطقة حائل تجاوزت كلفتها 1.2 مليار ريال    وزير الطاقة الأمريكي يزور جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست"    الهلال الأحمر بالشرقية ينفذ فرضية لمشروع "معاذ" في جسر الملك فهد    الرياض تستضيف المؤتمر العالمي للأمراض الجلدية 2031 كخطوة رائدة نحو مستقبل الجلدية العالمي    ارتفاع أسعار الذهب    السعودية تناقش مع إندونيسيا التعاون لإنتاج النيكل والنحاس    الأمم المتحدة: قوات الاحتلال تقتل أكثر من 71 مدنيًا في لبنان    يعد ضمن النسبة الأقل عالمياً.. 2.3 % معدل التضخم في المملكة    القيادة تعزي ملك ماليزيا    صندوق تمكين القدس يدعو إلى إغاثة الشعب الفلسطيني    المملكة تؤكد على وقف الدعم الخارجي لطرفي الصراع في السودان    الأردن يحبط مخططات تخريبية ويوقف 16 متورطاً    جريمة قتل في القاهرة    السعودية بوصلة الاستقرار العالمي (3-3)    العليمي والزنداني يرفعان السقف: لا حلول وسط مع الميليشيا.. رسائل يمنية حاسمة: تفكيك الحوثي شرط للسلام واستقرار البحر الأحمر    في ختام الجولة 29 من " يلو".. نيوم للاقتراب من الصعود.. والحزم لاستعادة التوازن    وصل إلى الكويت للمشاركة في اجتماع الحوار الإستراتيجي الخليجي.. وزير الخارجية ونظيره الهولندي يبحثان القضايا الإقليمية والدولية    في افتتاح آسيوية ألعاب القوى للناشئين والناشئات بالقطيف|محمد سراج الزاير يحصد أول ذهبية في رمي المطرقة    ولي العهد يعزي رئيس وزراء ماليزيا في وفاة عبدالله بدوي رئيس الوزراء الماليزي الأسبق    محمد بن فهد.. موسوعة القيم النبيلة    مجلس الأعمال السعودي - الفرنسي يبحث تعزيز الشراكة الصحية    حسن عبدالله القرشي.. شاعر البسمات الملونة (2/2)    فلسفة كتابة الرأي في حياتي    أهمية وتأثير الأسماء في تشكيل الهوية    المدينة المنورة: تطوير تجربة الزائر بربط المواقع التاريخية وإثراء البعد الثقافي    رأس اجتماع اللجنة الدائمة للحج والعمرة.. نائب أمير مكة: القيادة الرشيدة سخّرت جميع الإمكانات لراحة وطمأنينة ضيوف الرحمن    رُهاب الكُتب    الأول من نوعه في السعودية.. إطلاق إطار معايير سلامة المرضى    تغريم 13 صيدلية 426 ألف ريال لمخالفتها نظام "رصد"    السجن خمس سنوات لمواطنٍ بتهمة الاحتيال المالي    "السكري" يفرط في موقعة الشارقة.. ويودع الآسيوية    أرسنال والريال في لقاء مصيري.. والإصابات تخيف البايرن أمام الإنتر    قريباً في جدة    «المظالم»: إنجاز قضائي لأكثر من 46 ألف دعوى    جامعة عفت تطلق مهرجان السينما الدولي للأفلام    «سلمان للإغاثة» يوزع 1.316 سلة غذائية في محلية مروي بالولاية الشمالية في السودان    معارض الفن تعود من جديد في صالة الأمير فيصل بن فهد..    الأخضر تحت 17 عاماً يعاود تدريباته استعداداً لنصف نهائي كأس آسيا    إجراء قرعة دوري الإدارت الحكومية لكرة القدم 2025 بمحافظة حقل    توقيع اتفاقية تمويل "رسل السلام" بقيمة 50 مليون دولار    مؤتمر القدرات البشرية.. مجمع الملك سلمان يقدم ثلاث مبادرات نوعية    تعليم الباحة يطلق جائزة الشيخ الدرمحي للتميز التعليمي    محافظ الطائف يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية الفنون البصرية    المستشار د. عبدالله محمد بن صالح مركز رشد للتأهيل بالهدا    بلدية محافظة البدائع تفعل "اليوم الخليجي للمدن الصحية"    سمو أمير منطقة الباحة يتسلّم تقرير أعمال الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    انطلاق أعمال الدورة ال47 للجنة الإسلامية للشؤون الاقتصادية والثقافية والاجتماعية    العالم على أعتاب حقبة جديدة في مكافحة «الجوائح»    20 ناطقا بغير العربية ينافسون عربا بمسابقة قرآنية    نائبا أمير الرياض والشرقية يعزيان أسرة بن ربيعان    بخيل بين مدينتين    فرع الإفتاء بجازان يختتم برنامج الإفتاء والشباب في الكلية الجامعية بفرسان    أمير نجران يعتمد الهيكل الإداري للإدارة العامة للإعلام والاتصال المؤسسي بالإمارة    الحقيقة التي لا نشاهدها    أمير تبوك يزور الشيخ محمد الشعلان وبن حرب والغريض في منازلهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعراء الوهم : وعلي بدر
لمحات
نشر في الرياض يوم 25 - 08 - 2011

للفكاهة والمرح مكانة خاصة عند الإنسان الذي هو بطبعه ميال للتسلية والترويح عن النفس في فترات يرى أنها مناسبة بعد عناء طويل مع المكابدة الحياتية اليومية , وهنا فإن المرح والدخول في أجوائه يعتبر من الضروريات التي من شأنها إضفاء نوع من الارتياح النفسي للتمكن من معاودة النشاط واستئنافه للعمل المناط به وهو في راحة بال , وكثيرا ما يلجأ الكثيرون من البشر إلى البحث عن التسلية في أوقات فراغهم , وكذلك عندما تتاح لهم تلك الشرائح من الفكاهة والمرح كمشاركة عامة تحوي في محيطها الإنسان أينما كان ومتى كان , والدلائل تظهر بوضو ح وجلاء في الموروث الثقافي الجمعي والمعاصر حيث تستقطب الناس الكلمة والحركة والصورة المعبرة عن الروح الخفيفة , فإذا كان قد اشتهر قديما المهرجون في أداء مثل هذه الأدوار إلى جانب الشعراء والأدباء الهزليين , فإن الحياة بتطورها المتواصل قد سحبت دائرة الفكاهة معها وقدمتها بأشكال مختلفة تواصلت متنامية بعفوية وصارت من المتطلبات الحياتية التي تحظى باهتمام من قبل الفئات العديدة في المجتمعات على الساحة العامة , وقد عني الجانب الثقافي بالفكاهة حيث برز الكثيرون في الآداب العالمية وقد كان نصيب الأدب العربي وفيرا قديما وحديثا بفن الفكاهة والسخرية , وفي العصر الحديث خاصة ظهر كتاب لهم قاماتهم ومكانتهم في الأدب العربي منذ عصر النهضة إلى اليوم , ففي مصر عبدالعزيز البشري في كتابه (المرآة) وإبراهيم المازني في (إبراهيم الكاتب) وبيرم التونسي ويحيى حقي - في بعض أعماله- ومحمود السعدني في ( مذكرات الولد الشقي ) ومحمد عفيفي في (التفاحة والجمجمة), كما اشتهر غيرهم في البلدان العربية , وقد برز محليا أمين سالم رويحي ( أبو حياة ) وستكون لي وقفة خاصة معه كرائد من رواد القصة .
** في روايته الجديدة (أساتذة الوهم ) يجسد الروائي العراقي علي بدر جمهورية الشعراء الوهمية التي استمدها من تجاربه الذاتية عندما كان مجندا في الجيش العراقي إبان الحرب العراقية - الإيرانية , وقد عمل من الرتوش والرسومات والأخيلة والماورائيات في إطار فكاهي يتساوى مع مافعله في روايته (بابا سارتر) مع فارق لصالح الأخيرة من ناحية التكنيك الكتابي في السرد، والتوزيع المتنقل بين الماضي والمستقبل مع الدوران في المحيط الحالي كتوزيع هارموني متناسق فهو يباغتك "كنا ثلاثة منير, عيسى , أنا" حيث أتذكر تلك الأيام ( أيام الحرب كمجندين فيها ) اتذكر كيف كنا نعود من الجبهة راكضين إلى المقهى , لا لشيء إلا للتحدث عن الشعر , كنت أصل من الجبهة في الصباح الباكر , سرعان ما أرتدي بنطلوني الجينز على عجل, كنزة صوفية ارتديها على قميص خفيف , عيسى يصل المقهى قبلي لأنه يأتي بملابسه العسكرية , أما منير فإنه يتأخر , كان الأمر بالنسبة له يخضع لمراسيم , ملابس جديدة ومكوية , الذهاب إلى الحلاق , عليه أن يكون على مايرام.
هكذا يبدأ يومنا عن الشعر لم يكن الشعر بالنسبة لنا محاولة للوصول إلى الكمال , إنما كان بالنسبة لنا هو رغبة في تشويه حياتنا التي لم نكن نتقبلها كما هي , أو هكذا كان يقول عيسى حينما يضع قبعته : إننا ننتشي بالشعر كما لو كنّا ننتشي بالرغبة .
نعم هذا صحيح ولكنها الرغبة التي تنتهي على الدوام بكابوس .. كنت أقول له "
شعراء مثقفون جندوا في الحرب الإيرانية - العراقية التي امتدت قرابة العقد من الزمان ذهبت فيها الأرواح والممتلكات وشردت وشوهت وكانوا يختلطون بمستويات مختلفة عنهم تماما ولكن قدرهم كان كذلك , فهم يجتمعون ويفترقون عمليا , ولكن الإجازات تجمعهم هم فقط الشعراء لا غيرهم , فعالمهم يختلف حيث هرب منهم البعض وقتل البعض كما ينتظر بعضهم الإعدام كغيرهم عند الهروب من الخدمة العسكرية كما فعل أفراد منهم الذين أسسوا جماعة شعرية باسم بهية (جماعة بهية) , منير قتل استشهد في الحرب وعيسى أعدم بسبب فراره من الحرب , الأول اعتبروه شهيدا وطنيا والآخر اعتبروه خائنا.
عيسى الذي كان يقرأ كثيرا في سير الشعراء الأوربيين حتى الإدمان أمسخ حيث أخذ يقلد شخصيات الشعراء العالميين :" حين رأيناه ،منير وأنا، بالعكاز والقبعة يسير بكل ثقة بنفسه , العدسات الطبية , الجاكيت الأسود , الصديري , القميص , البنطلون العريض (من البالة) الحذاء الغريب , الغليون
- جلس منير على الرصيف من الضحك , إنه قادم من اوروبا القرن التاسع عشر .
عيسى الحديث أعجب بصورة الشاعر إندريه بريتون :
ففي الصور ة : بريتون جالس في مقهى من مقاهي باريس , ويرتدي بدلة أنيقة , ويرد شعره إلى الوراء , أمامه صحيفة وكتابان , وسيجارته بيده , يرفعها عاليا , بينما الدخان الأبيض يتصاعد ببطء في الصورة الممحوة قليلا لتجنب مشهد باريس وراءه , يستجمع عيسى قواه ويذهب الى البحث عن الزي الجديد وهو يحمل تحت إبطه مجموعة من كتب سير الشعراء الأوروبيين ويمتص كما الأسفنجة , فتبرز حقيقة "هناك نوعان من السخرية كما يقول يحيى حقي السخرية التي أضعها في مرتبة الفكاهة شيء بينما السخرية التي يلجأ إليها بعض الكتاب وفيها امتهان للاخرين أكرهها لأنها بذيئة ودنيئة" وعلي بدر من النوع الأول يتعامل مع المرح بذوق ومعرفة , كما هو جاد في طرحه لموضعة المعرفة الثقافية في أماكنها المناسبة.
علي بدر في أساتذة الوهم يجبرك على أن تطلب منه المزيد لأن عنده الكثير مما يثري ويفيد في مجالات كثر مفصلها الرواية التي برع فيها بشهادة الكثيرين..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.