في رسم كاريكاتوري معبر يقول الطفل لوالده: «لم يتركوا لنا وقتاً لنتعلم أي شيء. يجب علينا أن نستمع إلى المعلم طوال اليوم» هذا تعليق بليغ يحكي واقع طرق التدريس وأساليب التعليم المتبعة في مدارسنا. الطفل يقول إنه يستمع إلى المعلم طوال اليوم وهذا الوقت الطويل لا يتيح مجالاً للتعلم الحقيقي الذي يبحث عنه الطفل. الاستماع الى المعلم لا يعني التعلم، ولكن هل نقدم في مدارسنا من الأساليب والطرق غير الاستماع الى المعلم؟ وهل تختلف بيئة التعليم العالي في أساليبها وطرقها عن بيئة التعليم العام؟ ان بناء الشخصية التي تتسم بالثقة والاعتماد على النفس، والقدرة على تحليل المشكلات وتكوين الرأي لا يمكن ان يتحقق بواسطة طرق التعليم التقليدية التي تنظر للطفل الهادئ الصامت نظرة إيجابية وتعتبره «طالب شاطر». عندما يتحول الطالب الى مستمع في المنزل والمدرسة فلن يكون هناك وقت للتعلم الحقيقي الذي يمكن استثماره في الحياة العملية. هناك إجماع على أن نجاح العملية التعليمية والتربوية يعتمد بالدرجة الأولى على المعلم الذي تتوفر لديه مقومات النجاح، فهل يعد هذا المعلم بطريقة مختلفة عن الطريقة التي يؤدي فيها عمله؟ من المؤكد أن المعلم ينقل الأساليب التي تعلمها وتدرب عليها في كليات إعداد المعلمين. علينا أن نتجه إذن بمجهر التقييم والتقويم إلى مناهج وطرق إعداد المعلمين المتبعة في الكليات، وأن نقارنها بآخر المستجدات في هذا المجال مع الأخذ في الاعتبار النقلة الهائلة في ميدان المعرفة، وتقنيات المعلومات، وتقنيات التعليم. ثم نتجه بعد ذلك الى الإشراف التربوي المسؤول عن تقييم أداء المعلم وتوجيهه، وفي هذا الميدان لابد أن نراجع مفاهيم الاشراف وآلياته، ومنطلقاته، ولابد أن نسأل عن نطاق المرونة المتاح للمعلم لكي يتحرك ويبدع؟ المعلم يشتكي من قيود الإشراف، والإشراف يشتكي من عدم تقيد المعلم بالتعليمات وقواعد طرق التدريس. المعلم يريد أن يجرب، وأن يتحول الى القيام بدور المساعد للطلاب ليتعلموا كيف يتعلمون؟ والإشراف مطلوب منه ان يؤطر العملية، ويضع لها الضوابط، ومعايير التقييم، لكي يقترح التوصيات أو يضع الملاحظات التي يرى أنها تطور أداء المعلم. وفي ظني ان المعلم إذا أعد بشكل جيد من جميع الجوانب المعرفية والمهارية والسلوكية فإنه لن يكون بحاجة للإشراف والمتابعة بشرط إجراء تحول في منظومة التعليم بكافة عناصرها نحو المفاهيم والأساليب الحديثة التي تركز على شخصية الطفل ككل وليس على زاوية صغيرة من ذهنه تخزن فيها المعلومات من اجل اجتياز الاختبار. يجب ان نرفع شعار «اجتياز الاختبار لا يعني التعلم» واذا تمكنا من تطبيق هذا المفهوم فسوف يتغير دور المعلم ويتطور. [email protected]