تراجعت أسعار النفط قبيل رفع سقف الدين الأمريكي بشكل حاد مع تفاقم اضطرابات الأسواق في خضم قرار ستاندرد آند بورز بخفض تصنيف الولاياتالمتحدة الائتماني من AAA+ إلى AA+ للمرة الأولى في تاريخها وتزامنا مع احتمالية تفشي فيروس الديون السيادية في دول الاتحاد الأوربي، حيث كسر نايمكس حاجز 80 دولارا في العقود الآجلة يوم الأربعاء الماضي قبل أن يستقر عند 85.4 دولار وبرنت عند 108 دولار الجمعة الماضية. فكانت الأسواق العالمية متقلبة جدا ما دفع وكالة الطاقة الدولية في تقريرها يوم الأربعاء أن تحذر من دخول أسواق النفط إلى ركود اقتصادي آخر يؤدي إلى تراجع الطلب على الطاقة إلى درجة وتشبع أسواق النفط في 2012. هكذا كثر الحديث هذه الأيام عن مستقبل أسعار النفط إلى درجة أن البعض توقع أن تنخفض الأسعار إلى 50 دولارا بناء على فرضيات غير واقعية بناء على تباطؤ النمو الاقتصاد العالمي الذي سوف ينعكس سلبيا على الطلب العالمي على النفط بدون أن تكون هناك عوامل تبرر ذلك. ولو فرضنا أن الاقتصاد العالمي سوف يتباطأ فما نسبة هذا التباطؤ ومدى تأثيره على أسعار النفط في الدول المستهلكة؟ وما هو موقف الأوبك من انخفاض الأسعار؟. نحن نعرف أن نمو الاقتصاد الصيني تراجع من 10.5% في 2010 إلى 9.5% في 2010 ومع ذلك ارتفع استهلاكها من النفط، لأن الأهم أن لا يكون التباطؤ في الصناعات التي تستخدم النفط بكثافة. كما أن قرار البنك الفدرالي إبقاء سعر الفائدة بدون تعديل ما بين صفر و0.25% لمدة سنتين أدى إلى عكس ما يدعيه هؤلاء المحللون، حيث ارتفعت مؤشرات البورصات العالمية وأسعار النفط في اتجاه معاكس لصرف الدولار مقابل اليوورو. فإن ضعف الدولار سوف يدعم إعادة الطلب على الأصول المسعرة بالدولار مثل النفط، مع احتمالية أن يوسع مجلس الاحتياطي الاتحادي نطاق التحفيز الثالث. كما أن المخزون النفطي الأمريكي انخفض بمقدار 5.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 5 أغسطس، وكذلك مخزونات البنزين والديزل مع ارتفاع إنتاجيه المصافي إلى 90%. ألا يدل ذلك على أن الطلب الأمريكي سوف يرتفع على النفط مع انه تم سحب 30 مليون برميل من المخزون الاستراتيجي. كما دعمت أسعار مبيعات التجزئة الامريكية التي ارتفعت بنسبة 0.5 ٪ في يوليو وتحرك المنظمون الأوروبيون لوقف البيع على المكشوف من اجل استقرار الأسواق المالية ولولا الانخفاض الكبير في مؤشر متشيقن لثقة المستهلك إلى 54.9% في أغسطس والأقل منذ عام 1980 لواصلت الأسعار ارتفاعاتها. وجاءت توقعات الأوبك بتراجع الاستهلاك العالمي ب150 ألف برميل يوميا في هذا العام، أي أن الطلب العالمي سوف يرتفع 1.21 مليون برميل يوميا أو بنسبة 1.4% إلى 88.1 مليون برميل يوميا، مما يستلزم أن تلتزم الأوبك بحصصها على الأقل بضعفين هذا التراجع. لكن وكالة الطاقة الدولية توقعت أن ينمو الطلب بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا من 86.80 مليون برميل يوميا في 2010 إلى 88.19 مليون برميل يوميا في 2011 برميل يوميا وذلك بأقل ب60 ألف برميل يوميا عن توقعاتها في تقريرها الشهر الماضي وأن يرتفع بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا إلى 89.83 مليون برميل يوميا في عام 2012. لاحظ هنا أن الفرق بين تقييم الأوبك والوكالة هو 90 ألف برميل وهذا لن يمارس ضغوطا على أسعار النفط مع مراعاة هاشم الخطأ وأوقات المواسم التي تتباين فيها مستويات الطلب. إن استقرار أسعار النفط فوق 90 دولارا لنايمكس وفوق 100 دولار للنفط العربي الخفيف في حالة انخفاض الطلب يتم من خلال استعادة التوازن والتزام أعضاء الأوبك بحصصها وهذا كاف لبقاء الأسعار عند هذه الأسعار مع انه لا يوجد أي مبرر في الوقت الحاضر لأوبك أن تخفض سقف الإنتاج. رغم أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن يرتفع إنتاج غير الأوبك طفيفا بمقدار 50 ألف برميل يوميا إلى 52.28 مليون برميل يوميا في 2011 وبزيادة 80 ألف إلى 53.08 مليون برميل يوميا في 2012، ما يعني أن هناك مساحة لأعضاء الأوبك أن تمارس سياستها الإنتاجية بما يخدم مصالحها ومصالح المستهلكين ولكن عند أسعار قريبة من 100 دولار. فما زال إنتاج الأوبك يتجاوز 29.51 في محاولة سد العجز في إنتاج ليبيا وتهدئة ارتفاع الأسعار. علما أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تتوقع أن يكون متوسط يعر نايمكس 96 دولارا لعام 2011 و101 لعام 2012.