بدا الفنان الشاب أحمد الفيشاوي قوياً جداً ليتحمل مدة طويلة عدداً من الضغوطات النفسية الهائلة من نوع تهربه من اعترافه بطفلة من صلبه وتركه لفتاة عرضة لنهش ملايين الألسن. في النهاية قدم هذا الاعتراف الذي يشير إلى قدر اكبر من القوة وقال فيه انه لن يتزوج هند أبدا بل سيقول لابنته ماحدث بالضبط وأنها ابنة غير شرعية وان مجيئها نتيجة خطأ. إن هذه قوة متناهية من الخسة والدناءة. لم يمثل لي أن يكون فتى كالفيشاوي رقيق القلب كثير البكاء على هذا القدر من اللؤم أي مفاجآت. انه لم يختلف كثيرا عن النموذج المزدوج والمنتشر في جميع ارجاء العالم العربي الذي يعمل بنظامين خارجي وداخلي. قشرة من الرقة والمثالية وفي العمق تكمن قوة شرسة وهمجية قادرة على الفتك بالآخرين وتركهم ينزفون بدون مرور أي وخزة ضمير عابرة. لو لم تقف قوة القانون بوجه الفيشاوي لمضى في حياة هانئة وسيترك طفلة من دمه تعيش وتكبر وهي محاصرة بشعور طفلة الشوارع المدمر. الحديث هنا عن احترام كرامة الإنسان تبدو نكتة سخيفة. لذا علينا أن نفكر أن الإنسان هنا قد يحط من قدره إلى درجة حيوانية ولن تجد أحداً يهتم بالأمر. ستظل قصة هند مغمورة بالظلام لو لم تقدم عائلتها المقدامة على الاعلان عن خطا ابنتهم وكشفوا بذلك عن أي مقدار من الاضطهاد سيتعرض له الإنسان هنا. ماحدث كان كبيرا بتسليطه الكثير من حزمات الضوء على الشبكة الاجتماعية العربية المظلمة التي تواجه بالخفاء وبشكل متزايد مثل هذه القضايا وتحل بطرق بربرية مثل جرائم الشرف أو العنف أو حتى الصمت وتجرّع آلام نفسية مرعبة تستمر آثارها وذكرياتها السيئة طيلة العمر. مشكلة المجتمعات المغلقة أنها لا تعلن عن مثل هذه القضايا بسبب حساسيتها وهذا يعني أن مزيدا من المشاكل ستحدث خصوصا مع موجات الانفتاح الهائلة الاخيرة. لقد تداعت أمامي كثير من الأرواح التي تحولت إلى ركام من المشاعر المحطمة مخلفة خلفها شخصيات مذعورة وبائسة وواهنة. ربما كل واحد منا يعرف قصة شاب تلاعب بمشاعر فتاة وسرق عمرها وهو يعطيها مواعيد مؤجلة عن الزواج وبعد ذلك يتركها ليتزوج من ابنة عمه أو ابنة خاله. ستسمع الكثير من الحكايات التي يقولها الشباب بنبرة مزهوة عن الطريق التي استطاعوا فيها أن يستمتعوا بوقتهم لسنوات طويلة ويتخلصوا بعد ذلك من العلاقة عن طريق إلغاء رقم الجوال القديم. الغ الرقم ولا تفكر بأي شيء آخر. يجب ان نحترم ونتفهم من لايؤمنون بالحب لاني متفق مع النتيجة وليس الأسباب وهي انهم لن يقوموا بالكذب ولن يتعرض مزيد من الناس للإيذاء. المجتمع المغلق تسوده نظرة تقليدية بين الجنسين تجاه بعضهم الآخر. عندما ضربنا إعصار الانفتاح الطاغي زعزعنا ولم نحاول التعامل معه بعقل منطقي مفتوح . كان هناك من يشتم وهناك من ينصح وهذا لن يؤدي إلى حل. هناك الآن الاف الشباب والشابات السعوديين يقضون ساعات طويلة من الفراغ على الماسنجرودردشة الشات والإرسال إلى القنوات الغنائية . لدينا مشكلة في احتضان التغير والتوازن الذي جعلنا نرتبك من كاميرا جوال صغيرة. خلف تلك الأمواج العنيفة كان هناك الكثير من قلوب النساء الرقيقة التي بحثت بشكل تقليدي عن الحب ولكنها وجدت صنفاً من الرجال تعامل معهن أيضا بالطريقة التقليدية المؤذية. لم يكن في عقلها إلا هذا المشروع وخطوة واحدة ستترك روحها مليئة بالندوب. في مجتمعات لا تهتم بكرامة الفرد وعواطفه وآلامه وأحلامه وافكاره فإن النصيحة المناسبة للفتيات هي : (اجعلي نسبة 99٪ من الإيذاء التي يمكن ان تواجهينها تجعلك لا تفكرين بالحب. لما لا تتحدثين بهذا الامر مع عجوز متسامحه وواقعية).