تطرق الكتاب والمحللون في الصحافة الباكستانية إلى أن مشاعر العداء للسياسة الأمريكية في الأوساط الباكستانية قد بدأت تزداد مع مرور الوقت، مشيرين إلى القرار الذي صدر في البرلمان الباكستاني في جلسة مشتركة لمجلسيه في 14 مايو 2011 م بالاجماع بعد مداولات امتدت على مدى 10 ساعات، أكد على وحدة وسيادة الأراضي الباكستانية وضرورة الحفاظ على الأمن القومي ضد التدخلات الخارجية في إشارة للتدخل العسكري للولايات المتحدة في 2 مايو في مدينة «أبيت آباد» والذي أدى إلى مقتل زعيم تنظيم القاعدة، حيث أدان القرار على وجه التحديد استمرار هجمات طائرات التجسس الأمريكية بدون طيار في الأراضي الباكستانية والتي تصاعدت في عهد إدارة الرئيس الأمريكي أوباما وفوض القرار الحكومة اتخاذ الخطوات اللازمة بما في ذلك إغلاق مرافق العبور التي تسمح لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) المنتشرة بأفغانستان الاستفادة منها في التزود بالمؤن والإمدادات عبر الطرق التي تعبر الأراضي الباكستانية، في حالة تصاعد هجمات طائرات التجسس التي تديرها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وأدان القرار الحملة الإعلامية في أوساط بعض الدوائر الأمريكية التي تسيء لباكستان وتصفها كدولة تدعم سرا الجماعات الإرهابية. وفي هذا الشأن رأى الصحفي الباكستاني لياقت علي خان في إحدى مقالاته التي نشرت في جريدة «ذانيوز» الباكستانية بأنه ينبغي على مجلس الأمن القومي الأمريكي الذي يضع السياسة الخارجية، التنبه لتنامي موجة العداء ضد السياسة الأمريكية تجاه باكستان واعادة النظر في برنامج عمل طائرات التجسس بدون طيار والبحث عن سبل ناجعة لإقامة علاقات ودية مع البرلمان الباكستاني وعدم تبني ما يضر بمصالح الولاياتالمتحدة الاستراتيجية وسياستها الخارجية. وبينما درجت دوائر أمنية في الولاياتالمتحدة على تبني سياسة هجمات طائرات التجسس بدون طيار واحاطتها بالسرية ودعمتها كأداة فعالة لمحاربة المتشددين في الملاذات الآمنة التي أقاموها في الجبال الوعرة التي لا يمكن الوصول إليها، إلا أنها ووجهت بالنقد أيضاً. ويرى المحللون الباكستانيون بأن الإدارة الأمريكية تدرك محدودية الخيارات المتاحة أمام باكستان في التعامل لوقف هجمات الطائرات بدون طيار فالقيادة العسكرية في الجيش الباكستاني لا يمكنها اتخاذ قرار إسقاط طائرات التجسس بدون طيار بسبب التدابير المضادة التي سيدعو الكونغرس الأمريكي لاتخاذها بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية على الحكومة الباكستانية، الى جانب حجب مليارات الدولارات من المساعدات، اضافة لتورط باكستان مع دول (الناتو) في حال سحب تسهيلات المرور للامدادات العابرة لاراضيها خشية تعريض العلاقات التجارية والدبلوماسية مع دول حلف شمال الاطلسي للتدهور، فباكستان لا تتحمل خرقا دراماتيكيا في علاقاتها مع الولاياتالمتحدة، وذلك قد يضطرها تحت ضغط تصاعد مشاعر مناهضة سياسة الولاياتالمتحدة على الصعيد الداخلي، إلى اللجوء لحليفها الاستراتيجي الصين، وبحث سبل العمل والتنسيق الى جانب روسيا ايضا، والنظر في تعديل سياستها الخارجية المؤيدة للولايات المتحدة. ويقول الخبراء الباكستانيون بأنه من غير المرجح بروز تحالف في المدى القريب بين الصين وباكستانوأفغانستان ودول وسط آسيا والذي ستكون فيه باكستان الطرف المحفز والمبادر أكثر من الصين، وقد تكون فيه المفتاح لهذا لتحالف مع دول وسط آسيا الغنية بالموارد الطبيعية، فإسلام آباد تبحث عن تحالفات جذابة في المجالات الاقتصادية، وبالنسبة للصين فإنها تسعى للتحالف مع الدول الإسلامية في المنطقة لقطع الطريق على الانفصاليين المسلمين من اقلية (الايغور) في مقاطعة (شينجيانغ) الواقعة في غرب الصين، واذا خرج هذا التحالف للوجود فمن المرجح ان يعمل على ابعاد نفوذ واشنطن من المنطقة، الا ان الهند ستعمل بقوة لاستعادة التوازن الاستراتيجي من خلال التحالف مع الولاياتالمتحدة باعتبارها الوزن المضاد لهذا التحالف الذي تسعى اليه باكستان. وعلى الصعيد الباكستاني فإن تصاعد الهجمات التي تقوم بها طائرات التجسس الأمريكية من دون طيار ضد المقاطعات القبلية خاصة في وزيرستان قد يؤدي إلى تنامي مشاعر العداء ضد سياسة الولاياتالمتحدة في المنطقة ويوجد شرخاً عميقاً بين السكان في تلك المقاطعات والحكومة الباكستانية بمؤسستيها المدنية والعسكرية حيث توجه أصابع الاتهام للحكومة بالتواطؤ مع واشنطن والتحالف مع الولاياتالمتحدة في حربها ضد الإرهاب، وبذلك تسهل مهمة الجماعات المتطرفة في تجنيد الانتحاريين في صفوفها من الشباب الناقمين والمتذمرين ليفجروا أنفسهم في المدن والتجمعات السكانية الباكستانية. ويقول الصحفي والمحلل الباكستاني لياقت علي خان أنه ينبغي على واشنطن إن أرادت الاحتفاظ بتحالفها مع باكستان اتخاذ خطوات فورية لمنع تفاقم الأزمة في العلاقات بين البلدين منها سعي مجلس الأمن القومي الأمريكي الاتصال باللجان المنبثقة عن مجلس البرلمان الباكستاني لتقريب وجهات النظر بين الطرفين والاجتماع باللجان المنبثقة عن الكونغرس الأمريكي لتعميق التفاهم المتبادل بين المؤسسات المنتخبة ديمقراطياً، إضافة لتجنب أعضاء الكونغرس من إصدار البيانات الاستفزازية التي تلصق بباكستان تهمة التحالف غير الموثوق مع جماعات متشددة، ويبدو من الأجدر إعادة النظر في هذه المرحلة بالهجمات الصاروخية لطائرات التجسس الأمريكية بدون طيار على الفور وربما إيقافها مؤقتاً فهي سياسة تجلب الضرر أكثر من الفائدة لمصالح الولاياتالمتحدة الاستراتيجية في المنطقة فلا يمكن اعتبار قتل مجموعة من المتشددين أنه سيغير الحقائق والوقائع العملية على ارض الواقع في أفغانستان فالمأزق الأمريكي يتفاقم مع مرور الزمن في الحرب الأفغانية.