لا يخلو مسلسل عربي من أخطاء فنية فادحة يلحظها المشاهد العادي بسهولة فضلاً عن الناقد الخبير, وتنقسم هذه الأخطاء في الغالب إلى قسمين؛ أولهما أخطاء في التنفيذ الحِرَفي وهي ما تعرف اصطلاحاً بأخطاء الراكور وتعني الخلل الشكلي في الصورة كأن يتغير موقع إحدى الشخصيات في لقطة عن اللقطة التي تليها أو تتغير ملابسه في نفس المشهد, وثانيهما أخطاء في المنطق الدرامي وتعني الخلل في سياق القصة وتناقض بعض أجزائها مع بعض أو ارتكاب الممثل لأفعال لا تستقيم مع الواقع الذي اختاره المسلسل لحكايته. ورغم أن رمضان لا يزال في بدايته؛ إلا أنه يمكن رصد شيء من الاستهتار بالمنطق في بعض المسلسلات, وكأن صناعها يريدون من المشاهد تصديق حكايتهم رغماً عنه حتى لو كانت مستحيلة التصديق, ومن ذلك ما تفعله الممثلة غادة عبدالرازق حالياً في مسلسلها "سمارة" حيث تؤدي دور فتاة في ريعان شبابها ذات جمال باهر فتن رجال الحارة, وليست المشكلة في أدائها لشخصيةٍ لا تليق بعمرها الحقيقي, إنما في أن من يؤدي دور والدتها هي الممثلة لوسي التي لا تكبرها إلا بسنوات قليلة لا تسمح بأن تكون إحداهما والدة للأخرى, ومع ذلك فالمسلسل ماضٍ في تقديم حكايته بهذا الشكل غير المقبول وليس على المشاهد المسكين إلا التصديق والمتابعة. وفي أولى حلقات مسلسل "طاش 18" بعنوان "التعايش" ظهرت أخطاء غير مقبولة لتناقضها مع الواقع الذي يعرفه المشاهد السعودي جيداً, ومثال ذلك ما حدث في السجن حينما أغمي على أحد المسجونين فما كان من زملائه إلا التصرف بتلقائية والذهاب به إلى زنزانة الشيخ "الذي يؤدي دوره عبدالله السدحان" وهنا يبرز سؤال مهم: أين مستشفى السجن؟. فمما هو معروف أن كل سجن في العالم, وفي السعودية بالذات, يوجد مستشفى للعناية بنزلائه, وقد تجاوز صُنّاع المسلسل هذه الحقيقة الواضحة فقط لأنهم أرادوا تبرير تغّير موقف الكاتب الليبرالي تجاه ابن عمه المتشدد بعد أن يرى عنايته بالمريض. هدى حسين أما مسلسل "كيد النسا" لفيفي عبده وسمية الخشاب, فعلى رغم ظهوره بمستوى مقبول في حلقاته الخمس الأولى, إلا أنه احتوى على سقطة تقع فيها الكثير من المسلسلات المصرية, وهي المتعلقة بعمر الشخصيات وبقائها على حالها في الصغر والكبر, حيث لا يتغير سوى لون الشعر فقط, وتجلى ذلك في أحد مشاهد الحلقة الأولى حين أراد المخرج أن يعرض أسباب الغيرة بين زوج "فيفي عبده" وأحد كبار رجال الحارة, وكان المشهد عبارة عن فلاش باك أو عودة للماضي البعيد يصوّر نشأة علاقة الحب بين البطل والبطلة وهما "أحمد بدير" و"فيفي عبده" وقد ظهرا في هذا المشهد بشكليهما الحاليين رغم أن عمر الشخصيتين يفترض أن لا يتجاوز العشرينات, ومن أجل أن يقتنع المشاهد أنهما صغيران فعلاً قاما فقط بصبغ شعريهما باللون الأسود وتجاهلا التجاعيد المحفورة في الوجوه, وهذا خلل يتكرر دائماً عن كبار فناني وفنانات مصر. أما أكثر خطأ يتكرر خليجياً فهو ثبات المكياج على وجه الممثلة تحت أي ظرف, حتى لو كان ضد المنطق, وهذا الخطأ ظهر بأوضح صورة في مسلسل "علمني كيف أنساك" لهدى حسين وخالد أمين, وذلك حين خرجت بطلة المسلسل من غرفة الولادة وقابلت زوجها فوراً وهي بكامل زينتها وكأنها لم تنجب طفلين قبل لحظات قليلة. فيفي عبده وسمية الخشاب