ما يميز الهلال عن غيره من الأندية أنه قد يتعرض لمرض لكنه يحوله بإصرار عجيب إلى «وعكة» بسيطة تزول اعراضها سريعاً في حين أن البقية يعانون لسنوات طويلة قد تتجاوز العشر بمرض «مزمن» لا يرجى برؤه. الرئيس الشاب محمد بن فيصل كان أشبه «بالجراح» المحترف الذي وضع «مشرطه» على مكامن الخلل فبدأ في عملية «الاجتثاث» السريعة والناجعة. أولى «الوصفات» الطبية جاءت بالتعاقد مع «الداهية» باكيتا عاشق التجديد وصاحب الرؤى المستقبلية وتناسب وجوه مع أوضاع «المتعاقد» والذي اختاره لذات السبب، كان بإمكان باكيتا أن يسير على خطى سابقيه من خلال الاعتماد على الاسماء الموجودة في الواجهة الاساسية و«الظفر» بالدولارات عند عملية التعاقد مع أبناء جلدته لكن فضل مصلحة الهلال على المصالح الشخصية وأحضر لاعبين الفريق في أمس الحاجة لخدماتها من حيث مراكز اللعب أو الروح أو الفكر الأدائي. وتواصلت «دقة» عمل الهلاليين وفكرهم التخطيطي وعملوا على استقطاب اسماء شابة محلية صغيرة في السن تعد بطريقة احترافية في مسابقة الأمير فيصل بن فهد قبل أن تدخل في معمعمة المواجهات الحاسمة عند مفترق طرق البطولات ووقعت العين الخبيرة على الغنام والبيشي ومضواح والهليل والمرشدي. ولأن العمل الناجح يحتاج «للتدرج» حتى يصل للقمة جاءت نتائج البداية «دورياً» ضعيفة فتعادل الفريق مع القادسية وخسر من الأهلي والأنصار وتعادل مع الرياض وبفوز يتيم على الطائي ليتراجع إلى المركز الثامن وتتعالى أصوات الاحتجاج. رغم البداية الضعيفة لم ترضخ الإدارة الهلالية للضغوط الجماهيرية والإعلامية وطالت الانتقادات كل شيء بدءاً من المدرب وجهازه المساعد والذي وصف بكثرة العدد وقلة الفائدة وانتهاء بتفاريس وكماتشو واللذين وصفا «بالمقلب». بل إن إدارة محمد بن فيصل جددت الثقة في كل هؤلاء لأنها تعرف «رغم حداثة تجربتها» بأن تخطيطها ناجح ويحتاج إلى الوقت فقط. وجاء التصحيح على مستوى النتائج سريعاً وأسرع مما توقعه الجميع فحقق الفريق أحد عشر انتصارا متتالياً في الدوري كاسراً بذلك رقمه القياسي السابق وكان من ضحاياه الأندية الكبيرة «الشباب والاتفاق والنصر والأهلي والاتحاد» ليتربع على صدارة الترتيب ردحاً من الزمن. وفي بطولة الأمير فيصل بن فهد وضح التخطيط الهلالي المبكر فالاسماء المستقدمة حق لها المشاركة جميعاً والبيشي ظافر رغم وجود اسماء لامعة في حراسة المرمى اختير لأنه يحق له المشاركة في البطولة حتى يتنسى الاعتماد على اللاعبين الأجانب لمن هم فوق معدل الثلاثة والعشرين عاما وباعتبار ان بقية النجوم سيتعرضون «مستقبلاً» للارهاق في المشاركات الدولية في حين أن الأجانب سيستفيدون من فترات التوقف المتكررة. أثمر هذا التوجه على تحقيق أولى بطولات الموسم بعد أن سار الفريق في خط تصاعدي «وهي ميزة الفرق البطلة» حتى حقق كأسها وقطف أولى الثمار الموسمية. لم يتعرض الفريق لهزات موجعة جراء تعدد المشاركات على أربع جبهات رغم تعرض اللاعبين للارهاق وانخفاض المستوى في بعض الأحيان لكنه يعوض بالروح العالية والقتالية.. ميزة يتفرد بها الهلال عن غيره. واصل الهلال القتال على أربع جبهات ووصل لدور الأربعة في جميعها وحقق حتى الآن بطولتين منها وأضاف عليها البطولة الشرفية - كأس التضامن - ويسعى للمقارعة في البطولتين الأخريين وهو مؤهل تماماً لتحقيقهما في حال سارت الأمور على نفس النسق. الهلال في بضعة أشهر تحول من فريق يتلقى الخسائر الثقيلة إلى أفضل فريق محلي يمزج المتعة الفنية مع الأداء القوي ويقرنها بالانتصارات والبطولات. هذا الأمر لا يمكن تحقيقه من باب الصدفة وليس للحظ دور في هذا ولست هنا ب «متغن» في الأزرق لكنه واقع لا ينكره إلا جاحد ولا يستنقصه إلا ناقص.