طالعتنا الصحف مؤخراً بخبر مفاده أن الصين تقوم سراً بتصوير عدد من المدن الأوروبية بالعديد من الوسائل كالأقمار الصناعية والزيارات الميدانية ومن كل الزوايا للحصول على صور دقيقة وواقعية لهذه المدن تمهيداً لاستنساخها بتشييد مدن نسخ منها في مواقع في الصين مشابهة لمواقعها الأصلية في أوروبا من حيث البيئة والطبيعة الجغرافية!وحسب ما أوردته الصحف أيضاً أن هذا الأمر لم يرق للمسئولين في هذه المدن الأوروبية وثارت ثائرتهم على المسئولين في الصين. ولم أفهم سبب هذا الغضب الأوروبي! فلو أرادت الصين أن تستنسخ أحد مدننا أو معالمنا غير المقدسة، هل كان الموضوع سيزعجنا؟ في رأيي أنه قد يسعدنا أن يعجب الصينيون بتحفنا المعمارية وجمال طبيعة بلادنا لدرجة بنائهم نسخ لها على مواقع جغرافية مشابهة في بلادهم! هذا الخبر أعاد لذاكرتي قصراً تم تشييده في الرياض في الثمانينيات من القرن الماضي، نسخة من البيت الأبيض الأميركي. كنا نحرص في كل مرة نعود فيها للوطن لزيارة الأهل على المرور من أمامة والتعجب من مزاج صاحبه! ولا أذكر الآن في أي حي كان وأتساءل كثيراً إن كان مازال هذا البيت الأبيض قائماً حتى الآن! ويبدو أننا قد سبقنا الصينيين في فكرة استنساخ البيوت الغربية فبعد البيت الأبيض نشاهد كثيراً استنساخ بيوت ذات طابع لايمت لأسلوبنا المعماري بصلة ولا يناسب شكلها أو تفصيلها بيئتنا الجغرافية أو طقسنا الجوي. أحد هذه البيوت بيت تحت التشييد أراه يومياً وأنا في طريقي من البيت إلى العمل، بيت مصفح بالحديد والخرسانة بسقف منحدر وكأنه يتحضر لاستقبال طبقات من الجليد ستهبط على سطحه لتنزلق عنه!! أشعر بأن هذا البيت أقرب أن يكون فرناً منه إلى بيت سينعم سكانه بالهدوء والسكينة ويحميهم من لهيب الحر وصقيع الشتاء. حتى منظره شاذ ونشاز عن شكل وطبيعة المباني والبيوت المجاورة له! لي صديقة عالية الثقافة ومطلعة على حضارات الشعوب حاضرها وماضيها حدثتني مرة عن جمال البيوت الصينية التقليدية التاريخية التي يسمونها "الهوتونغ" واستعرضت معي العديد من الصور التي تبرز جمالها المعماري،بفنائها الفسيح، وغنى الفن الزخرفي داخلها وخارجها، وكانت تتمنى أن تشتري أحدها! سأنصحها الآن بأن تستعين بالخبرات الصينية في استنساخ "هوتونغ" لها في الرياض!!