في مقالي السابق بعنوان (متى يكون المدرس معلماً ) علق الكثير من الإخوة المعلقين بشيء من العتب والنقد ضد المدرسين ورد فريق آخر بان المدرس السعودي مبخوس الحق وان أنظمة التعليم لها دور... أحب أن أقول وبكل أمانة بان السعودية أعطت المعلم منذ سنوات طويلة الكثير من حيث الدخل و ساعات العمل والعلاوات والإجازات قياسا بسائر موظفي الدولة، ولكن في الجهة الأخرى أنا لست ضد إعطاء المدرس نظرا لحساسية المهنة لبعض الامتيازات مثل الأولوية بالقروض العقارية وبعض التسهيلات الوطنية ولكن ، مبدأ أن المعلم إذا لم يأخذ حقه المادي فبالتالي تسوء مخرجاته فهذا مبدأ مرفوض كما أن السعودة العشوائية في التعليم مرفوضة . المعلم يا سادة مثل الطبيب ... وظيفة تحمل الأمانة والضمير الأخلاقي التي تتسامى على الماديات والصعوبات ... وظيفة تستدعي من أحب عملها ورسالتها لا لمن طمع في دخلها ...فلا عذر لطبيب في تخاذله إذا قل دخله كما لا عذر للمدرس. يروي أحد الحكماء ان أجمل ما يناله المرء من توفيق كريم هو أن يكون في أقدار حياته معلمون فاضلون يضيئون الطريق لحياته المهنية ويكتشفون قدراته الكامنة ... وأنا شخصيا لا يزال حتى الآن يخلد في ذاكرتي أستاذي الذي أدين له بالكثير من نجاحي يكفي أن أقول إن فضاءات تفكيري بعد تعليمه لي لم تعد مثلما كانت ...مر الزمان لكي نتزامل أنا وهو للكتابة على صفحات هذه الصحيفة وهو الدكتور ناصر الحجيلان وهو الذي علمني ولا أقول درسني في المرحلة الثانوية قبل حصوله على الدكتواره ليعمل بعد ذلك كأستاذ جامعي ...كان ناصر لا يعتبر المنهج طرحاً معلوماتياً بل مادة لا بد أن يمتلك العقل و القدرة ومستوى الأفق لتفكيك المادة وتحليلها بكل متعة ...كان الدرس عبارة عن نقاش واختلاف والتوصل إلى اختلافات تتطلب البحث ،فتولد فينا حب البحث والقراءة وتكونت لدينا أفاق لم نكن نعلم بوجودها ... لم نكن نخشى الاختلاف معه وهو من عودنا على ذلك وبكل أدب ولكن الاختلاف ليس لمجرد الاختلاف بل كان المنطق يفرض نفسه...فشكراً له . معلم يذوب المنهج في بحر العلوم ومدرس آخر يعجز عن تلقين أسطر للحفظ ؛ لذلك كان (ناصر) معلماً فاضلاً وأما المدرس فهو مجرد إنسان ممل.