لا شك بأن النسيان هو نعمة عظيمة أنعم الله بها على بني البشر لينسوا آلامهم وهمومهم وجراحهم فتندمل. وهو أيضا نعمة إذا ما مضى الوقت وأخلف الموعد المحدد بسنة او سنتين أو حتى عقد من الزمان، لأن المواعيد قد تحدد بالأيام وتنسى، لكن النوايا الصادقة والالتزام هما الوسيلتان الوحيدتان اللتان يمكن أن تضمن الوفاء بها. والتقنيات الحديثة التي تسجل كل كلمة تقال بالصوت والصورة وتؤرخها لا تترك المجال لنا لنتغافل أو نتناسى موعدا أعطي لنا لكنه كما جرت العادة قد أخلف. وتترك المجال مفتوحا للمتأخرين في وعودهم ليعطوا حججهم ويبررورها، لكني مع ذلك لم أقرأ أعجب من خبر قديم نشر في سنة 2004 وتحديدا في شهر سبتمبر عن تصريح لمسئول سعودي يعد فيه بتمام مشروع تم التخطيط له في سنة 2009 هذا الخبر القديم تناقلته الناس في هواتفها المحمولة وبريدها الإلكتروني، وتندرت عليه وأعطته عنوانا مميزا (أحد منكم شافه منطلقا هنا أو هناك؟!) أما لماذا تندرت عليه لأننا الآن قد أمضينا أكثر من نصف سنة 2011 والخبر يتحدث عن موعد أخلف ومضى عليه قرابة السنتين دون أن ترى له بادرة او تماما!! قد لا يعني الكثيرين هذا الخبر وقد يكون نكتة عابرة وتمضي مع أنها ليست كذلك. لأنها في الواقع معضلة نواجهها في تعامل المسئول مع الجمهور في التصريحات التي يطلقها في الوعود التي يضربها لكنه مع الأسف يخلفها أو تخلفها وزارته دون أن تلتزم أو تلزم بتبرير هذا التأخير أو التفريط. هل هي مشاكل فنية، مادية، سوء تخطيط، أو اهمال وعدم اكتراث. هذه هي القضية التي إذا ما حلت أصبح للوعود قيمتها لأنها ستجعل من التصريح مسئولية لا يطلقها إلا من كان أهلا للوفاء بها وواثقا من ذلك. تأخر المشاريع وتعطلها هو عادة لم نعد نستكرها بل ألفناها حتى تبرمجت عقولنا على تفويت المواعيد المضروبة لها لأننا لم نعتد الدقة فيها ولا الصدق في مواقيتها. ومع أن التخطيط الصحيح كفيل بضمانها لكننا لم نأبه لها يوما ولم نعطها قيمة وكأن حساباتنا الزمنية لا تحترم الأيام ولا الشهور وتتسامح كثيرا مع الأعوام أو السنين، فلمَ العجلة وما الضرر في تأخر أي مشروع سنة أو سنتين أو حتى ضعفهما ما دمنا نفتقر للرقابة الحقيقية الفاعلة المتحفزة لمحاسبة المتخاذلين وإقصاء المتأخرين!