مع اقتراب شهر رمضان المبارك تجد أن العديد من الأشخاص يأخذون في عين الاعتبار احتياجات من حولهم ويشرعون في تأدية فريضة الزكاة، التي تعد واجبا على كل إنسان قادر على مساعدة المحتاجين، عملا بقوله تعالى : « (إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم). سورة الحديد: الآية 18. بالرغم من اختلاف الثقافات بيننا إلا إن المملكتين تملكان أمرا مشتركا يجمعهما وهو التزامهما لمساعدة الآخرين داخل دولتيهما وخارجها، وذلك من خلال المساعدات الدولية والبرامج التنموية التي تقدمانها. تملك كل من المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة تاريخا حافلا في مجال تقديم المساعدات التنموية لكل محتاج، وكذلك لأعضاء المجتمع الدولي عند وقوع الأزمات. وقد جاء هذا العام بالعديد من الاضطرابات في أنحاء العالم، إذ حمل بين طياته الكثير من التغيرات والكوارث الطبيعة. ابتداءً من التحديات التي تواجهها الحكومات الجديدة عقب الثورات في تونس ومصر إلى الزلازل والفيضانات التي اجتاحت اليابان ونيوزلندا وأستراليا. فقد واجه الناس في أرجاء العالم الكثير من التحديات والأوقات العصيبة، غير مدركين لما يخبئه لهم المستقبل، تجدهم في معظم الحالات يكافحون للبقاء من يوم إلى آخر. واليوم أكثر من أي وقت مضى تجد أن الدول المنكوبة تحتاج إلى دعم ومساعدة الدول المجاورة والحلفاء والأصدقاء لضمان استقرارها وسلامة مواطنيها. وقد تمكنت المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية من الوقوف في وجه هذه التحديات والتصدي لها. فقد أعربت المملكة العربية السعودية عن حرصها على الاستقرار والرخاء المستقبلي في مصر الشقيقة من خلال دعمها السخي الذي يقدر بأربعة مليارات دولار أمريكي للحكومة الجديدة لمساعدتها على مواجهة أعباء الفترة الانتقالية. وكذلك خلال هذا الأسبوع الحالي، أشاد الرئيس الباكستاني «بمساعدة ودعم المملكة العربية السعودية لدولته خلال هذه الأوقات العصيبة»، ويعد هذا الأمر مثالا قريبا على الدعم الذي قدمته المملكة لباكستان أثناء الفيضانات التي اجتاحتها في أواخر العام الماضي. وفي هذا الصدد تقوم المملكة المتحدة بزيادة مساعداتها الخارجية، إذ قامت مؤخرا بتقديم مبلغ قدره 52 مليون جنيه إسترليني (84 مليون دولار أمريكي تقريبا) لمساعدة ما يزيد عن مليون شخص في كينيا وإثيوبيا والصومال يعانون من سوء الوضع الإنساني الذي يشهده القرن الأفريقي نتيجة للجفاف. كما قامت الحكومة البريطانية أيضا بوضع إستراتيجية يتم تطبيقها على مدى السنوات الأربع القادمة لمكافحة الفقر في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، إذ إننا نسعى لمساعدة مليون فلسطيني يعيشون في فقر مدقع مع التركيز على تعزيز الاقتصاد الفلسطيني. وبالطبع لا يزال الطريق أمامنا طويلا، وما يزال لدينا الكثير لنقدمه. فبينما أكتب هذا المقال، تشهد الأوضاع الإنسانية في اليمن وليبيا وسوريا تراجعا ملحوظا، وتتزايد الحاجة لمساعدة أولئك الذين أجبروا على مغادرة منازلهم داخل دولهم أو خارجها. كما إنه يصعب التخطيط للتعامل مع الكوارث الطبيعية ، وكل ما يسعنا فعله هو أن نكون على أهبة الاستعداد للمساعدة في إعادة الاعمار. إنني أعتقد أن قيمنا الاجتماعية وواجباتنا المشتركة تجاه من حولنا تملي علينا أن نلعب هذا الدور الرئيسي في تقديم المساعدة للاحتياجات الإنسانية والتنمية الاقتصادية. * السفير البريطاني لدى المملكة