قضمت إسرائيل زهاء 750 كيلومترا من المنطقة الاقتصادية الخالصة الخاصة بلبنان، بعد أن وقعت مع قبرص اتفاقية ثنائية عام 2010 تفردا بموجبها بتحديد نقطة الحدود الثلاثية بينهما وبين لبنان من دون العودة الى رأي الأخير، ما سيسبب خسائر فادحة في الثروة النفطية الخاصة بلبنان. على هذا الأساس بدأ حراك سياسي ودبلوماسي كثيف في الايام الأخيرة وخصوصا بعد أن عقدت الحكومة الإسرائيلية اجتماعا أقرت فيه هذه الحدود في انتظار إيداعها مع الخرائط المرافقة لها للأمم المتحدة. وبعد أن سارع وزير الخارجية عدنان منصور الى استنفار طاقم دبلوماسي متخصص في هذا الشأن لمعرفة كيفية معالجة الموضوع بدا أن المطالبة بحق لبنان هو عملية معقدة. فلبنان سبق ووقع عام 2007 اتفاقية بالأحرف الأولى مع قبرص تشير الى أن حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة الخاصة بلبنان تمتد من النقطة (1) الى النقطة (6) من الخط البحري الذي حدد في البداية بست نقاط، وأتاح المفاوض اللبناني التراجع في الاتفاقية الموقعة مع قبرص 10 اميال بحرية اي ما يعادل 17 كيلومترا عن حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان في انتظار تحديد نقطة الحدود الثلاثية بين لبنان وقبرص وإسرائيل وبين لبنان وسوريا وقبرص، وكان بند ذكر في الإتفاقية اللبنانية القبرصية من أن اي اتفاق ثنائي على نقطة الحدود الثلاثية لا يتم إلا بموافقة الأطراف الثلاثة، إلا أن التفرد القبرصي الإسرائيلي الذي جعل نقطة انطلاق الحدود هي النقطة (1) وليس 23 أفقد لبنان أميالا كبيرة من منطقته الاقتصادية الخالصة. وإذا كان لبنان لم يقم بأي خرق للقانون الدولي وخصوصا اتفاقية الاممالمتحدة لقانون البحار لعام 1982 التي وقعها عام 1993، فإن إسرائيل غير ملتزمة بهذه الاتفاقية لأنها غير موقعة عليها. من جهة ثانية، يبدو الاحتكام في هذا النزاع الحدودي البحري الجديد الى محكمة العدل الدولية في هامبورغ أو المحكمة الدولية لقانون البحار في لاهاي عسيرا لأنه يرتب على لبنان اعترافا ضمنيا بالكيان الإسرائيلي. من جهته وفي رسالة موجهة الى نظيره اللبناني في 28 حزيران الفائت، قال وزير خارجية قبرص ماركوس كيبريانو بأن ثمة إمكانية لتصحيح الخطأ الواقع لأن أي اتفاقية بين بلدين لا تلزم الطرف الثالث إذا لم يكن موافقا عليها. لكن مصدرا دبلوماسيا لبناني قال ل"الرياض" إنه " على الرغم من صحة هذا الرأي فإن نزاعا قانونيا نشأ اليوم بين لبنان وإسرائيل، وفي ظلّ عدم وجود علاقات ثنائية فإن حله يبدو صعبا، وبما أن التفاوض المباشر غير ممكن فإن الاستعانة بوسيط يبدو ضروريا، لكن الطارئ هو ضرورة أن يرفع لبنان شكوى الى مجلس الأمن الدولي توثق وتبلغ للدول الأعضاء وهذا ما يحفظ حق لبنان ويشير الى وجود النزاع بوضوح ما يرتب مسؤولية قانونية على أية شركة ترغب بالتنقيب في هذه المنطقة ويردع إسرائيل عن الإسراف في قضم الثروة اللبنانية الموعودة من الغاز والنفط". وعقدت في اليومين الأخيرين اجتماعات في السراي الحكومي وفي مجلس الوزراء لبحث هذا الموضوع، مع الإشارة الى أن لا تشريعات بحرية لبنانية باستثناء مرسوم اشتراعي صادر عن مجلس الوزراء عام 1983 يحدد المياه الإقليمية للبنان بعمق 12 ميلا عن الشاطئ، غير أنه لا توجد تشريعات أخرى تحدّد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان وترعى ممارسته لسيادته عليها وتنظم الحركة فيها. وغياب أية تشريعات بحرية يتناقض مع موقع لبنان كطرف في اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار منذ عام 1993 والتي تنص على ضرورة اتخاذ لبنان سلسلة من التشريعات المحلية بغية تطبيق أحكام الاتفاقية، غير أن الدولة اللبنانية لم تصدر أية تشريعات لحينه.