وظف نساء منطقة عسير جميع طاقاتهن في استقبال السياح بحزمة من المنتجات الريفية التي صنعنها داخل منازلهن، حيث واصلن العمل مستبشرات بوفود سياحية قادمة إلى المنطقة، ما سيرفع من وتيرة دخلهن عن الأعوام الماضية. ويعرض المنتجات الريفية تارةً النساء أنفسهن، وتارةً ينوب عنهن أبناؤهن أو أزواجهن فترة المساء، حيث إن أغلبيتهم موظفو دولة ولا يفرغوا من أعمالهم إلا بعد الثانية والنصف ظهراً، ليبدأ عملهم المسائي بعرض ما صنعه زوجاتهم من مأكولات أو ينوبون عنهن. ويرى النساء أن ما يعملن به طوال يومهن من إعداد المأكولات الشعبية وصناعة أطواق الرأس من «الرياحين» و»البرك» و»الياسمين»، إلى جانب إعداد اللبن، ما هي إلا مهن قديمة، تعلمنها من الجيل السابق ويتفاخرن بها على الدوام. وغابت المرأة العسيرية قبل عقد من الزمن عن دورها في الإنتاج المحلي السياحي، وظلت السياحة تعتمد بالدرجة الأولى على الفعاليات التي يتضمنها كل مهرجان، حيث احتكر دور المرأة في عرضها منتجاتها داخل الأسواق الأسبوعية، التي ما زالت حتى الآن تحتل النساء فيها الصدارة، وما كان من النساء العسيريات إلاّ أن أدركن دورهن في تنمية السياحة ومردودها الاقتصادي على أسرهن، وعدن يزاولن أنشطتهن على استحياء، حيث يسوقن منتجاتهن بدايةً عبر أبنائهن الصغار داخل حدود القرية، وعلى أبواب منازلهن، فما أن يمضي السائح بسيارة حتى يجد الأطفال عند كل بوابة منزل يعرض ما صنعته والدته، أو ما أنتجته مزرعتها من الخضروات. سيدة تعرض أطواق الرأس المكونة من عدة أزهار المشهد بدأ في تطور وتدريجياً حتى ظهرت المرأة في عسير كما كانت عليه سابقاً، وبحسب فطرتها التي نشأت عليها، لكنها استبدلت عملها في الحقول الزراعية ورعي الأغنام إلى التسويق لسلع تنتجها كيفما تشاء، وتتفاوت المنتجات في النوع، ولكنها لم تخرج عن المأكولات الشعبية، يتقدمها «خبز التنور» و»المبثوثة» و»العريكة» و»الجريش»، بل زادت عليها بعض وجبات «السناك» التي يفضلها السياح من الفطائر وحلويات جرت عادة المرأة على صناعتها لعائلتها أيضاً. ولم تكن المأكولات وحدها ما تنتجه المرأة في عسير، بل زادت عليها المشروبات الساخنة من «القهوة العربية» و»الشاي»، علاوةً على ذلك فإنها تعرض «الحلي» المصنوعة من الفضة، إلى جانب «الثوب العسيري»، الذي مازال حاضراً وبقوة داخل الأوساط النسائية، خاصةً المسنات، بيد أن الشابات منهن تركن التزين به في الحفلات الشعبية والوطنية. وفي السياق ذاته فإن هؤلاء النسوة ينخرطن في العمل خلال فترات متفاوتة، فمنهن من تفضل عرض مأكولاتها منذ الصباح الباكر على أحد أرصفة المدينة، وتستقبل موظفي الدولة بمأكولات شعبية، بيد أن أخريات يبدأنه من بعد الظهيرة، حيث تكون ذروة المصطافين لبدء يوم سياحي جديد، فيما يفضل بعضهن الانخراط في العمل من بعد صلاة العصر، إلاّ أنهن جميعاً يغادرن إلى منازلهن عند الغروب.