سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الوعي بالبدائل يدعم تفوق المستهلكين ويحقق نجاحه الأول لصد ارتفاع أسعار الألبان قرار "التجارة" يقابل بردود فعل واسعة.. ومراقبون يعتبرونه منعطفاً "مفصلياً" في قضايا المستهلك
لاقى قرار وزارة التجارة والصناعة بإعادة أسعار الألبان إلى وضعها السابق أمس الأول ارتياحا كبيرا بين المستهلكين وسط ردود فعل واسعة للقرار الذي يعتبر الأسرع في تاريخ الوزارة بالتجاوب مع مطالب المستهلكين بوقف حملات ارتفاع الأسعار المستمرة للعديد من السلع بشكل مفاجئ ووضعهم تحت الأمر الواقع. وأكد مراقبون أن التغير في سلسلة التكاليف للعديد من المنتجات سواء الأساسية أو الكمالية في العالم أدى لارتفاع أسعار بعض السلع، ولكن في ظل الدعم الكبير من الحكومة للعديد من السلع والمواد الأولية رغبة في التيسير على المواطنين لا يمكن تبرير رغبة بعض الشركات في زيادة مستويات الربحية التي تحققها، مشيرين إلى أن المستهلك تفوق في هذه الحملة على "جمعيته" في أول حملة جماعية يقودها المستهلكون تصل للنجاح في وقت قياسي. من جانبه قال رئيس مركز توعية المستهلك بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض عبدالعزيز الخضيري أن المستهلك تفوق في هذه القضية على جمعية حماية المستهلك وعلى بعض الجهات الأخرى في تنظيم حملة مقاطعة وجدت التجاوب السريع، مؤكدا أن موقف وزارة التجارة بقدر ما يستحق الإشادة، يضع الوزارة أمام عدة تساؤلات حول وجود أنظمة ولوائح تحافظ على الأسعار ولكن تتهاون الوزارة في تطبيقها. تركي فدعق وأضاف الخضيري "المستهلك اليوم أصبح أكثر وعيا وثقافة عنه منذ سنتين ماضيتين، ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تشكل حلقة لا نهائية من حملات الضغط ضد الشركات والتجار الذين أصبحوا يفكرون ألف مرة قبل رفع سعر أي سلعة، موقف الوزارة في هذه القضية كان قويا ولكن ننتظر من الوزارة الأقوى خاصة وأنها لا زالت خطوة صغيرة أمام ما تستطيع الوزارة عمله في وقف الحملات المتواترة لرفع الأسعار". وأكد الخضيري أن هذه القضية بالتحديد تحتاج لمزيد من التحليل حول مدى تأثير صوت المستهلك بإعادة أسعار الألبان لوضعها الطبيعي وفي قرار حكومي سريع، معتبرا أن هذا القرار بمثابة "المفصلي" في تاريخ وثقافة المستهلك المحلي بعد أن أصبح لديه وسائل تقنية تعجل بوصول الخبر بشفافية أكبر، مستفيدين من بعضهم البعض في تحديد البدائل والمواد الاستهلاكية التي ترتفع أسعارها. وحول دور جمعية المستهلك السلبي في هذه القضية، قال الخضيري إن المستهلك تفوق على جمعيته في هذه الموضوع، معتبرا أن القضية ليست بقيمة الارتفاع بحسب وجهة نظر المستهلكين وإنما كمبدأ مع توافر بدائل أخرى وهو ما ينسحب على السلع الأخرى، مضيفا "الأهم في هذه القضية أن صوت المستهلك وصل بوضوح للرأي العام وللمسؤولين، والمستهلكون استبشروا خيرا خاصة مع القرارات الملكية الأخيرة بمراقبة الأسعار ومعاقبة المخالفين". وأكد الخضيري أن جمعية حماية المستهلك حين تقاعست في أوقات ماضية عن أداء دورها، عليها أن تتلافى في المستقبل أخطاء الماضي وتستغل أي محاولات مستقبلية لرفع الأسعار بالتدخل وإرشاد المستهلكين ، خاصة وأن دورها مهم في تقنين عمليات المقاطعة حتى لا تطال سلع أخرى ارتفعت عالميا وبالتالي تفقد الحملات قيمتها المادية والمعنوية. وطالب الخضيري المستهلكين بالتعاون مع الجهات الحكومية بالابلاغ عن حالات الغش والتلاعب كدور أصيل لهم في محاربة هذه الموجات، مؤكدا أن الجهات الحكومية متمثلة بوزارة التجارة والأمانات بتخصيصها أرقام للبلاغات تنتظر دور المستهلكين بدورهم للتفاعل معها وكذلك تكثيف البلاغات لتتلمس تلك الجهات أهمية صوت المستهلك وتسارع لمعالجة الأخطاء. وقال تركي حسين فدعق مدير إدارة الأبحاث والمشورة- شركة البلاد للإستثمار أن التغيرات التي تجري في الاقتصاد المحلي والعالمي والتغير في أسعار المواد الأولية والتذبذب في أسعار صرف الدولار كل ذلك يؤدي إلى تغير في سلسلة التكاليف للعديد من المنتجات سواء الاساسية او الكمالية، وإذا اضفنا الى هذه العوامل الدعم الكبير من الحكومة للعديد من السلع والمواد الأولية رغبة في التيسير على المواطنين لا يخلو الاقتصاد من رغبة بعض الشركات في زيادة مستويات الربحية التي تحققها سواء بسبب زيادة التكاليف التي تحملتها جراء هذه التغيرات أو بدونها. وأضاف فدعق "ما حدث في صناعة الألبان الأسبوع الماضي يؤكد ذلك وبغض النظر عن تكبد بعض الشركات لتكاليف اضافية في الانتاج سواء كانت كبيرة أو هامشية أعتقد أن هنالك ثلاثة عوامل ساهمت في صدور هذا القرار الذي يصب في النهاية في صالح المستهلك، أولها هو وعي المستهلكين العالي بوجود بدائل متعددة للعديد من المنتجات الأساسية مما جعلهم يتبنون حملة مقاطعة شعبية للشركات التي رفعت الأسعار والاتجاه نحو الشركات التي ثبتت أسعارها ولم ترفعها في ظل اقتصاد تنافسي حر، والثاني هو الدور المفترض من مراكز الابحاث والشركات المالية المستقلة في إيضاح انعكاس الزيادة في التكاليف على هوامش ربحية الشركات ذات العلاقة، وإيضاح تأثير هذه العلاقة في سلسلة التكاليف للمنتج خصوصآ المنتجات الأساسية والتي تتلقى دعما أيا كان نوعه من الحكومة، والثالث دور الاعلام والصحافة في تبيان هذه الحقائق للمجتمع وأصحاب القرار والمسئولين حتى يتمكنوا من اتخاذ القرارات التي تصب في صالح المجتمع كمستهلكين وكشركات". وأشار فدعق إلى أن هناك العديد من المنتجات التي زادت التكاليف الأولية عليها بشكل يحد من تحقيقها هوامش ربحية معقولة وحتى تستمر في ظل اقتصاد تنافسي ولصالح الاقتصاد على المدى البعيد من المهم لها أن ترفع أسعارها بنسبة معقولة تجعلها تحقق نفس مستويات هوامش الربحية قبل زيادة الأسعار الأولية ذات العلاقة بمنتجاتها النهائية, مؤكدا أهمية تنسيق هذه الشركات مع وزارة التجارة في حال رغبتها في زيادة أسعار منتجاتها قبل ذلك بفترة معقولة ولا تفاجئ المستهلكين برفع الأسعار بشكل مفاجئ وسريع وكأنها تريد أن تضع الجميع أمام الأمر الواقع.