قبل أكثر من سنتين تقريباً جاءت إلى مكتبي في الجريدة فتاة تدعي أن والدها يتحرش بها ...! حينها شعرت بحالة دوار ورفض كبير للموضوع ولكن كشفت بعض الحقائق والمعطيات التي تدل على حقيقة الاتهام... من ضمن ذلك طلبت مقابلة الأم ...، التي حضرت ، لم تنكر ولم تقبل الاتهام بشكل مباشر، ولكنها بعد نقاش وجدل سألت بقوة من سيقوم بحمايتنا وإطعامنا لو خرجنا من المنزل ...؟؟ الحالة تم حلها بطرق نظامية ولكن وفق حلول واجتهادات فردية حقيقة لا أعرف بعد ذلك هل العلاج استمر أم عادت المشكلة مع نفس الفتاة أو أخواتها الصغيرات... عمق المشكلة ليس في التحرش فقط وهو كارثة بكل المقاييس، ولكن في توفر بيئة تعزز ذلك من خلال حالة الضعف التي تشعر بها تلك الأسرة ككل وذلك يعود لغياب مؤسسات الحماية سواء ببعدها القانوني أو الايوائي التي يمكن أن تلجأ لها تلك الأسرة في حماية نفسها من وحش كان متوقعاً أن يكون سندها وجدار الأمان لها ولكن ...!! لازلت أذكر كلمات الأم وهي تقول ومن سينقذنا من الجوع إن خرجنا من المنزل...؟؟ ذلك لايعني قبولي ضعفها بل مازلت ألومها على موقفها السلبي وأرفض استكانتها لهذا النوع من الظلم لمجرد الخوف من الجوع لأن الأمر ليس موازنة بين قرار، وآخر بل هو موقف حازم لابد من اتخاذه بصرف النظر عن الثمن ... ولكن في المقابل ألوم المجتمع بمؤسساته ونظمه في ضعف حماية هؤلاء الضعفاء من شرور الذئاب إناثا وذكورا... ثقافة الحماية لانريد أن تكون جزءاً من تأوه الضعفاء ونحن نكتفي بمشاركتهم وجدانياً فقط ... بل نريد أن تكون ثقافة الحماية جزءاً من عمل مؤسسي يرتبط بتشريع قانوني مفعّل ومجموعة مؤسسات مؤهلة مكانياً وبشريا لاحتواء العنف كمشكلة على مستوى الوقاية والعلاج... في بعض المدارس وأعتقد المعلمات يعرفن ذلك ولكن لا حول لهن ولا قوة يرين حالات عنف أسري تقطع القلب وخاصة في المرحلة الابتدائية حيث ارتفاع نسبة الطلاق وإصرار بعض الآباء على حضانة الأبناء، وإلزام زوجة الأب أن تكون الأم البديلة ... بل إن بعض الآباء يترك كل شيء لتلك الزوجة ويطلب منها "أمراً" أن تكون الأم وعلى الصغار مناداتها بذلك دون أي اعتبار لمشاعر الطرفين... والنتيجة ارتفاع معدل العنف داخل تلك الأسر خاصة إذا كانت الزوجة منظومتها القيمية ضعيفة ولاتخشى الله... وحقيقة أسوأ النساء ذلك النوع "المتصنع "للحب سواء للزوج أو لأبنائه رغم أن القلب لاعواطف فيه أساسا... لا أعمم ولكن للأسف ترتفع نسبة العنف عند زوجات الآباء وأزواج الأمهات حيث رفض أبناء الزوجة السابقة أو أبناء الزوج السابق دون أن يكون لهؤلاء الصغار ذنب... ارتفاع نسبة العنف بين زوجات ألاباء يعود لاعتقاد بعض الأزواج أن زوجته مشروع أم ناجح لأبنائه من زوجته السابقة رغم أنه لم يتأكد أساسا أنها مشروع زوجة ناجحة...