خرج عشرات الآلاف من ابناء الشعب الفلسطيني امس في مسيرات ومهرجانات عمت مختلف ارجاء ارض فلسطين التاريخية، احياء للذكرى السابعة والخمسين لنكبة الشعب الفلسطيني التي تمخض عنها اعلان قيام اسرائيل على ارضه وفوق انقاضه. فبدعوة من لجنة احياء الذكرى ال 57، صدحت صافرات الحداد عبر الاذاعات المحلية في مختلف المناطق الفلسطينية، معلنة حلول هذه الذكرى الاليمة، وتوقفت الحركة لمدة دقيقة واحدة حدادا على شهداء الشعب الفلسطيني والامة العربية والاصدقاء في العالم، وتذكيرا بما حل بابناء الشعب الفلسطيني من تشريد وويلات على ايدي المحتلين الاسرائيليين. وانطلقت عقب ذلك سلسلة من المسيرات والتظاهرات جابت شوارع المدن والقرى والبلدات الفلسطينية، وبضمنهم رجال ونساء من جيل النكبة لم تمنعهم اجسادهم الواهنة من تقدم الصفوف حيث رفعوا مفاتيح منازلهم التي هجروا عنها وطالبوا المجتمع الدولي والعالم الحر بتنفيذ ارادته وقراراته التي تضمن حقهم في العودة الى ديارهم. وقد جابت شوارع المدن والمخيمات سيارات مطلقة العنان لابواقها وعلقت عليها وعلى جدران المنازل والمحال التجارية وفي الأماكن العامة صور وملصقات وشعارات خاصة بالنكبة، تدعو للوحدة الوطنية وتؤكد على التمسك بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم باعتبار ذلك حقاً كفلته المواثيق الدولية والانسانية خاصة القرار 194، وليس من حق احد التنازل عنه بأي حال من الاحوال. وفي هذه المناسبة نظم مهرجان مركزي وسط مدينة رام الله في مديان المنارة، بمشاركة آلاف المواطنين وممثلي الفصائل والاحزاب الوطنية والاسلامية وممثلي الفعاليات الشعبية، الذين القوا كلمات لهذه المناسبة جددت التأكيد على حق العودة وحل قضية اللاجئين كشرط رئيسي لإنهاء دوامة الصراع في المنطقة. وقالوا ان القضية الفلسطينية بدأت من تشريد ما يزيد عن 750 الف فلسطيني من مئات القرى والمدن الفلسطينية، الى البلدان العربية والى الضفة الغربية وقطاع غزة، وحتى داخل الخط الاخضر، ولا يمكن لاية تسوية للقضية الفلسطينية ان تنجح دون حل قضيتهم وضمان عودتهم وابنائهم الى ديارهم واراضيهم الاصلية. وتوجه الرئيس محمود عباس الذي وصل اليابان امس بعد جولة في دول اميركا اللاتينية، بكلمة الى ابناء الشعب الفلسطيني في ذكرى النكبة، اكد فيها «أن قضية فلسطين، قضيتنا المقدسة، هي قضية وطن وشعب وأرض ولاجئين». وحذر من خطورة بقاء ملايين اللاجئين الفلسطينيين مشردين خارج وطنهم بلا أمل وبلا مستقبل. وقال أن «يوم الخامس عشر من أيار من كل عام هو يوم للنكبة التي حلت بشعبنا في العام 1948، فهو لن ينساه ولن تنساه الأجيال، لأنه يوم لا مثيل له في التاريخ المعاصر، ففيه تمت جريمة اقتلاع شعب من وطنه وتدمير كيانه وتشريده في كل بقاع الدنيا، فقد خلالها اللاجئ هويته الوطنية». واضاف: أن شعبنا له وطن اسمه فلسطين، يحمل تاريخ آبائه وأجداده، وهو رغم مرور الزمن لا ينسى وطنه، مؤكداً أن «لا شيء في هذه الدنيا يعدل الوطن، ففلسطين وطننا الذي لا وطن لنا سواه». واكد أن الشعب الفلسطيني لم يرضخ للظلم والقهر والاضطهاد، الذي لحق به في العام 48، وقد صمد في وجه مؤامرات التوطين والاحتواء والقهر وطمس الهوية وشطبه من خارطة الشرق الأوسط. وشدد على تمسك منظمة التحرير الفلسطينية بالحقوق الوطنية الثابتة، لافتا الى«أن شعبنا وأهلنا في المخيمات يرفضون اليوم، كما رفضوا بالأمس البعيد والقريب، التوطين بكافة أشكاله، وأن الدول المضيفة للاجئين يجب أن تكون على يقين بأن وجودهم في هذه الأقطار مؤقت لحين تطبيق قرارات الشرعية الدولية». وجدد عباس التأكيد على أن السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط رهن بإيجاد الحل العادل للقضية الفلسطينية العادلة، والذي يقوم على قرارات الشرعية الدولية، التي أكدت حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين وفق القرار الدولي 194. وفي هذه المناسبة عقد المجلس التشريعي جلسة خاصة امس إحياء لذكرى النكبة، حيث القى أحمد قريع رئيس الوزراء كلمة استعرض فيها معاناة الشعب الفلسطيني خاصة في مخيمات اللجوء حيث وجد قرابة مليون فلسطيني انفسهم فيها بعيدين عن بيوتهم واراضيهم ومزارعهم. وجدد تمسك القيادة الفلسطينية بالثوابت الوطنية التي رسخها ودافع عنها الرئيس الراحل ياسر عرفات، مؤكدا ان القيادة لن توقع اي اتفاق سلام مع الاسرائيليين ما لم يضمن حلا عادلا لقضية اللاجئين وفقا للقرارات الدولية. من جهتها خصصت وزارة التربية والتعليم امس الحصة الأولى في كافة المدارس للحديث عن النكبة ، وأعداد اللاجئين الفلسطينين واماكن تواجدهم. وفي مخيم عين الحلوة جنوب لبنان، احيا آلاف الفلسطينيين امس داخل مخيماتهم الذكرى السابعة والخمسين للنكبة. وجاب المتظاهرون طرقات اكبر مخيمات لبنان (60 الفا) وهم يرفعون يافطات تندد ب«الصمت العربي والدولي» ومنها «اين انتم يا عرب والمسجد الاقصى في خطر ؟». وطالبوا الاممالمتحدة، في مذكرة تليت على المشاركين ب«التدخل لدرء الخطر عن المسجد الاقصى وعن الشعب الفلسطيني». وفي مخيم البداوي في شال لبنان شارك نحو ثلاثة الاف فلسطيني بالتظاهر مشددين على حقهم في العودة وعلى رفضهم التوطين. ورفع المتظاهرون تلبية لدعوة حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الاعلام الفلسطينية واللبنانية وصور الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الى جانب يافطات منها «لا للتوطين...لا للتهجير».