يقدم المفكر الاجتماعي والروائي حليم بركات كتابه الجديد" غربة الكاتب العربي" (دار الساقي ، 2011) . وهو حصيلة مجموعة من التفكرات المنشغلة بقضية المثقف العربي سواء كان مفكراً أو شاعراً أو روائياً أو رساماً أو مسرحياً . يعنى بغربة حليم بركات وهشام شرابي وإدوارد سعيد ويتذكر غربة جبران خليل جبران في أمريكا، والطيب صالح في بريطانيا، وعبد الرحمن منيف في فرنسا ، ومروان قصاب باشي في ألمانيا ، وسعد الله ونوس في سوريا، وجبرا إبراهيم جبرا في العراق . يمثل هذا الكتاب بدراساته ومقالاته وشهاداته ومحاضراته النواة الأولى أو التحضير لأعماله أو كتبه المرجعية التي أصدرها حليم بركات، وهي " المجتمع العربي المعاصر (1984)، المجتمع العربي في القرن العشرين (2000)، الاغتراب في الثقافة العربية (2008)". كما يضاف إليه كتاب بنفس التكوين، وهو " الهوية : أزمة الحداثة والوعي التقليدي(2004)". يتوفر بركات على عدة تحليلية متأسسة على مناهج علم الاجتماع وعلم الاجتماع النفسي والنقد الأدبي بالإضافة إلى أسلوبه التحليلي وخبراته البحثية المعنية بالحس الثوري حيث يرى بركات "خطورة الوعي التقليدي الذي يساهم في تهميش العرب في هذا العصر، ويحد من قدراتهم على تجاوز أوضاعهم وصنع مصيرهم". ويمكن تقسيم مواد الكتاب في قسمين: إبداع المثقف المغترب، وكيف يواجه المثقف غربته؟ . ولعلها تمثل دراسة" الكاتب العربي والسلطة" محور الكتاب الأساسي وما تبقى هو تفريعات أو تنويعات، فهو يقسم أنواع الكتاب أو المثقفين –إن شئنا-: الكاتب المنعزل ، الكاتب المتمرد، الكاتب الملتزم، الكاتب الثائر . ورغم ما يكتشف من علاقات بين الكاتب المتمرد والثائر غير أنه يبحث عن إيجابيات الملتزم بينما يتجاهل المنعزل، ويخلص بمزيد من الإرادة الحالمة في نهاية الدراسة أن "العلاقات القائمة في الوقت 1970 م بين السلطة والكاتب هي علاقة لا مبالاة أو اضطهاد أو وصاية، لا علاقة مشاركة في خلق مستقبل جديد. رغم ذلك يرفض الكاتب الثوري أن يرى المستقبل العربي مظلماً ".