بعد قرابة ستة أشهر عاشها المنتخب السعودي في فراغ فني أضر به كثيراً وعلى غير صعيد، إذ يكفي أنه كان سبباً في قذفه نحو أسوأ تصنيف دولي في تاريخه بحلوله في المركز 92 في تصنيف (الفيفا) عن شهر يونيو الماضي، بسبب غيابه عن المشاركة في (أيام الفيفا)، هاهو اتحاد الكرة يعلن التعاقد مع المدرب الهولندي الشهير فرانك ريكارد، ولذلك فليس أقل من أن نقول لكل للسعوديين (مبروك) فقد أصبح لديكم مدرباً. شخصياً أقول (مبروك) ويدي على قلبي، فالتعاقد مع ريكارد بقدر ما أفرحني باعتبار أنه خطوة متقدمة في كسر رتابة التعاقدات التي ظلت تغلف نوعية المدربين الذين تعاقبوا على تدريب (الأخضر) على الأقل في السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة، وتحديداً منذ التعاقد الثاني مع البرازيلي الأشهر كارلوس البرتو باريرا في العام 1998، والذي طرد آنذاك شرّ طردة بعد مباراتين فقط في مونديال فرنسا وهو الذي ظفر مع بلاده باللقب في البطولة التي سبقته، حيث مرّ من بعده على المنتخب مدربون أقل ما يقال عنهم بأنهم مغمورون بحسابات بورصة المدربين العالميين، بقدر فرحتي تلك إلا أنني أخشى على سمعة الكرة السعودية التي أصبحت اليوم في واجهة الصحافة العالمية؛ بدليل ما نقله موقع (راديو هولندا الدولي) الذي تهكم من هذا التعاقد بدعوته للمدرب الهولندي بضرورة حزم حقائبه في أي لحظة استعداداً للرحيل مقالاً. التعاقد مع ريكارد يعيد الذاكرة إلى التعاقد مع مواطنه ليوبنهاكر إبان تحضيرات المنتخب لمونديال أمريكا 1994 قبل أن تتم إقالته بسبب ما تسرب عن رفضه التدخل في عمله؛ خصوصاً فيما يتعلق بضم اللاعبين ماجد عبدالله ومحمد عبدالجواد للتشكيلة، وهو ما دفعه لرفض ذلك مفضلاً الإقالة على الإذعان للقرارات الإدارية، وهو ما دفعه لتعبئة الصحافة الأوربية بتصريحات من نوع "يبدو أن المسؤولين السعوديين لم يعتادوا على سماع كلمة لا" وهي ذات الجملة التي كررها المدرب البرازيلي ريكاردو قوميز مؤخراً في صحافة بلاده بعد فشل التعاقد معه. أدرك جيداً بأن الأمور توحي بأن ثمة توجه جديد لدى الأمير نواف بن فيصل، على الأقل من حيث التخلي عن منصبه المباشر في إدارة شؤون المنتخبات بتعيين محمد المسحل، وما ترتب عليه من عمل في ترتيب أوضاع المنتخبات، لكنني لا أجد الأمر مطمئناً إلى حد بعيد؛ خصوصاً وأن الذاكرة تستعيد أحداثاً من هذا النوع في مناسبات سابقة؛ إذ تنقلب الأمور في كل مرة رأساً على عقب مع أول إخفاق وردود فعل صاخبة تجاهه فتحضر ماكينة الإقالات لتطيح برأس المدرب. لست هنا متشائماً، ولا أحاسب مسيري اتحاد الكرة والمنتخب بأثر رجعي، بل على العكس فأنا أدفع باتجاه تعزيز الرغبة في التغيير والتي لمسناها بوضوح حتى في التعاطي الإعلامي عند إعلان تشكيلة المنتخب والجهاز الإداري؛ لكن ثمة مخاوف تساورني من استعادة متوالية الإقالات؛ أو حتى التدخلات، خصوصاً وأن أكثر الاتهامات التي ظلت تحاصر ريكارد إن في برشلونة، أو غلطة سراي، وقبل ذلك في المنتخب الهولندي هي ضعف الشخصية، وهنا مربط الفرس!.