» قدم الباحث الدكتور بدر بن سليمان بن عبدالله آل مزروع ورقة علمية للملتقى الثاني للمختصين في مجال مواجهة ظاهرة المخدرات التي عقدت في اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات مؤخرا, ذكر فيها أن ديننا الحنيف أعطى أهمية كبرى لمستوى أداء العمل فقال جل شأنه: "وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ 105 (سورة التوبة)، كما حفَّز رب العزة والجلال على حسن أداء العمل، إذ قال في كتابه الكريم: إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا 30 (سورة الكهف)، وقرن رسول الله مستوى أداء العمل بمحبة الله له, إذ قال: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه (رواه الطبراني والبيهقي)، فقد جاءت الشريعة الإسلامية محفزة بمنهجها للعمل وفي وضعه الأسمى وهو الأداء المتميز. ويعد مفهوم تميز الأداء والذي يطلق عليه مصطلح "Excellence Performance" من أكثر الموضوعات أهمية وحداثة في مجال الإدارة، حيث أضحت معايير التميز في مقدمة الأهداف التي تسعى المنظمات كافة إلى تحقيقها لدعم المزيد من التميز والتفرد في أدائها المؤسسي. فالتميز ليس له حدود لأنه نمط فكري إداري يمكن أن يحدث في أي جهة إدارية أو أمنية صغيرة أو كبيرة تقدم الخدمات أو تنتج السلع، ولا يمكن ترك عملية تحقيق التميز في الأداء إلى الصدفة أو الحدوث العشوائي، إنما يتطلب توافر توجه إستراتيجي مخططاً لا عشوائياً، شاملاً متوازياً لا جزئياً، مرناً متزاملاً مع المتغيرات، منافساً للتطورات العالمية، مؤصلاً للحضارة والثقافة والقيم المحلية، لذا انصبَّت جهود علماء الإدارة الجادة والمتجددة على تحديد مفهوم التميز ومتطلباته ومعاييره والتي يمكن من خلالها توجيه جهود المنظمات نحو تحقيق الأداء المتميز. وأصبح التميز مرتكز اهتمامات كثير من المنظمات العامة والخاصة خلال الألفية الثالثة، ومطلباً رئيساً لدول العالم كافة، وأحد توجهاتها السعي نحو تحسين وتحقيق التميز في أداء المنظمات الحكومية لما لها من دور فاعل في التأثير على جميع مخرجات كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للمجتمع. كما أصبح الاهتمام بالتميز هاجس الكثير من الأجهزة الأمنية وشعاراً ومطلباً رئيساً لها، نتيجة التغيير في السلوك الإداري العسكري التقليدي، واعتماده العقلية الإدارية الحديثة التي تنطلق من كون الأجهزة الأمنية في العصر الحالي أجهزة خدمية، تقدم خدماتها إلى شرائح مختلفة من المجتمع، باعتبارها من أهم الجهات الحكومية التي تسعى إلى كسب رضا أكبر من مختلف تلك الشرائح حول جودة وتميز الخدمات التي تقدمها، وفي ضوء ذلك تطورت رسالة الأجهزة الأمنية التي انعكس أثرها على ظروف أداء أجهزة الأمن بمفهومه التقليدي إلى المفهوم المعاصر، وأنيط بها مهام أمنية واجتماعية، لتقديم خدمات أمنية متميزة للمواطنين المتعاملين معها. ومن هذا المنطلق تناولت الورقة العلمية ثلاثة محاور حيث تناول المحور الأول مفهوم التميز ونماذجه العالمية، أما المحور الثاني فتناول التميز الأمني ومبادئه، والمحور الثالث تناول نموذج مقترح لتحقيق التميز للأجهزة الأمنية كمنهج شامل يجمع عناصر ومقومات بنائها على أسس متفوقة تحقق لها قدرات عالية في مواجهة المتغيرات والأوضاع الخارجية المحيطة من ناحية، كما تكفل لها تحقيق الترابط والتناسق الكامل بين عناصرها ومكوناتها الذاتية واستثمار قدراتها المحورية وتحقيق الفوائد والمنافع لأصحاب المصلحة كافة من عاملين ومتعاملين والمجتمع بأسره من ناحية أخرى، حيث يتكون نموذج التميز المقترح من (11) معيارا رئيسا و(42) معيارا فرعيا التي تراها القيادات الأمنية بأنها ملاءمة بدرجه عالية بوجه عام لتحقيق التميز في أداء وخدمات الأجهزة الأمنية، والتي يتم من خلاله تحديد الخطوات الرئيسة والتفصيلية لتحقيق نتائج أكثر تميزاً للأجهزة الأمنية وفق معايير نموذج التميز المقترح. وتم تقديم عدة توصيات من أهمها إنشاء جائزة بمسمى "جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز للأداء الأمني المتميز" من أجل تحفيز الأجهزة الأمنية للتنافس نحو التميز، تستند على معايير نموذج التميز المقترح وقيمها الكمية التي حددت قيمها عبر توزيع (1000) درجة على معايير النموذج الرئيسة والفرعية وفق متوسط ملاءمتها التي رأتها القيادات الأمنية، كما تم التوصية بتبني الأجهزة الأمنية نموذج التميز المقترح لتطبيقه على أجهزتها وذلك لما يتضمنه من معايير رئيسه وفرعية أثبتت ملاءمتها لتلك الأجهزة والتي يمكن من خلالها توجيه جهودها نحو تميز أدائها وخدماتها. وقدم الباحث في ورقته أسمى آيات الشكر والعرفان لراعي التميز صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، وسمو نائب وزير الداخلية، وسمو مساعده للشؤون الأمنية، كما تقدم بالشكر والتقدير لكافة القائمين على اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات. كما حصل الباحث على شهادة شكر ودرع تقديري من الأمانة العامة للجنة لتميز الورقة المقدمة.