بيروت - مكتب «الرياض»، سيمون نصار طريق بنتوفيل لسمير اليوسف عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت - عمان، صدرت رواية الكاتب المقيم في بريطانيا سمير اليوسف (طريق بنتوفيل) وتقع في 135 صفحة من القطع الوسط. وهي بحسب الناشر «رواية تطمح إلى تصوير الإنسان المنقسم، على ذاته والذي يعتريه اكتئاب ثم هروب من الذات ليعود إليها لا مفرّ، من جديد». رواية تتداخل خيوطها رغم بساطة أحداثها التي مسرحها بلاد الإنكليز، ورغم بساطة شخصياتها الثانوية التي كانت جنسياتها عربية وبريطانية، ليس هناك حدث بالمعنى المعروف للرواية، إلا أن ما يسيرها «انفعالات الشخصية المحورية التي تتعالى وتيرة تمثيلها في بعض الحالات الحياتية العادية لتخبو شيئاً فشيئاً منثنية إلى داخلها التي تتنازع فيه شخصيات تهرب كل واحدة منها من الأخرى لكن دون جدوى. حالات نفسية يبرزها الروائي من خلال سرديات تأخذ بالقارئ بعيداً إلى عالم التحليل النفسي». وقد عمل الكاتب على إدراج عامل الدقة والتفاصيل المتشعبة في روايته. «ثم أنام! أنام طويلاً، وأقول لنفسي إن النوم هو الملجأ الوحيد من الشر. أنام وأفكر بالشر، غير أنني لا أدرك على وجه اليقين بأي شرّ أفكر! بالشر الذي يقترفه الآخرون؟ بالشر الذي أقترفه؟ هل فعلت شيئاً يستحق مثل هذا التفكير، أتساءل بهلع. أفكر وتظهر لي صورة دموية تظهر صورة وتغشاني ما تشبه نوبة من الإغماء، وأتفصد عرقاً، لوقت طويل أتفصد عرقاً، وأفكر لعلها صورة القاتل الطليق؟ القاتل الطليق يلاحقني! يلاحقني القاتل الطليق. يلاحقني أنا. أنا القاتل الطليق، يلاحقني! أنا يلاحقني أنا... وأنام! وأقول لنفسي إن النوم هو الملجأ الوحيد من الشر وأنام. ثم أسمع تلك الطرقات القوية على الباب!... أصداء، ثم يحلّ الضباب! الضباب والصدى يغمرانني حينما يوقفونني على قدمي ويسحبونني نازلين الدرج. إنه هو القاتل الطليق... أسمع الصدى! وطوال هذا الوقت ظنناه إنساناً مسالماً! أسمع الصدى! يا إليه! أسمع الصدى! أسمع أصداء عديدة، ومن خلف الضباب أبصر جيم البليد وبرندن وثيو، بل أبصرهم جميعاً، وأنا منقاد أسفل الدرج... وتتصاعد الأصداء ويتكاثف الضباب... ثم لا أرى شيئاً. لا أرى شيئاً». العشاق لرشاد أبو شاور وعن الدار نفسها، أصدر الروائي رشاد أبو شاور روايته الجديدة بعنوان (العشاق) التي تقع في 281 من القطع الوسط أيضا. وهي تحكي عن مدينة أريحا الفلسطينية، التي يفتح أبو شاور المشهد عليها بعين الروائي. وبحسب الناشر فإن «مشهد أريحا تلك المدينة الرائعة الخالدة بتاريخها وبأساطيرها...». يفتتح رشاد أبو شاور روايته العشاق مرخياً ستارها على مشهد العاشقين محمود وندى، وبين المشهدين مشاهد حملت عبء أحداث كانت مسارحها فلسطين الأرض المحتلة. يمتزج في هذه الرواية عشق الشخص بعشق الأرض اللذين يتماهيان ليعطيا معنى أجمل لتلك الروابط العاطفية التي تسمو أهدافها لتصبح بحجم النضال الفلسطيني الذي هو وسام على جبين العرب. فالعشاق في هذه الرواية هم المناضلون الذين يعشقون الحياة، والحب، والنبات، والزهور، والأرض، والجبل، والزرع، والزيتون والأكثر من هذا كله هم عشاق متيمون بتراب الوطن. فمنذ المشهد الأول يدخل القارئ في قضية حارة ومتوهجة هي قضية الإنسان الفلسطيني، يدخل رشاد أبو شاور من أريحا إلى أعماق تاريخها كما إلى أعماق إنسانها، مشتغلا على المزج الرائع بين التاريخ والحاضر. إلا أن هذا المزج يظل متمركزاً حول الإنسان الفلسطيني الصلب والمقاوم للصدمات والمكافح من أجل الحياة. «ها هي ذي أريحا رابضة، أنيقة، خضراء، تختفي بيوتها القرميدية وسط غابة البرتقال، والموز، والبومل، واليوسفي، والبباي، والنخيل. أريحا مدينة القمر، تنبت أشجار متوسطية واستوائية، وجبلية وساحلية مدينة جهنمية، خصبة. أريحا ليست مدينة، إنها تاريخ. في تربتها تمتزج الأساطير بالواقع الحقيقي، الحي، إنها مدهشة البحيرة الوحيدة الميتة في العالم، هي بحيرتها، وهي تحمل عدة أسماء بحيرة لوط، بحيرة سروم، البحيرة الميتة، بحيرة الملح. وهذه البحيرة تصطخب أمواجها المالحة عند جذور جبال مؤاب منذ ألوف السنين. من قمم جبال مؤاب يستطيع الإنسان أن يرى أريحا، المحاطة بجبال برونزية لامعة في الصباح، رمادية في المساء. وجبل التجربة، أو فرنطل، كما يسميه السكان، هو الأعظم، يرى عن بعد، وقمته متوجة بحجارة بيضاء تبدو كالتاج، ويبدو الجبل جليلاً،أسطورياً. وفي جوفه حفر رجال الدين الكتل الصخرية الصلدة، وأخذوا يتعبدون، وينتظرون المسيح، جيلاً بعد جيل، منذ مئات السنين. عند سفح جبل التجربة الوقور، الأسطوري تناثرت ألوف البيوت الطينية المسقوفة بالخشبة والبوص. وهذه البيوت الممتدة قرابة الكيلومتر، هي بيوت مخيم (عين السلطان)، المخيم الذي يفصله عن مخيم النويعمة واد عميق، ترتبط ضفتاه بجسر صغير بناه الإنكليز أيام الانتداب... في القرن الخامس عشر اكتشف علماء الآثار، بعد طول تنقيب وحفر، أن منازل الكنعانيين الفقراء كانت متراصة... أما بيوت الأغنياء فكانت فسيحة... وقد اكتشف العلماء أيضاً آثار الأسوار والأبراج التي اقتحمها (يوشع بن نون) خليفة موسى. كان الرعاة متعطشين للدم والراحة، فأسالوا الدم، ولكنهم لم يفوزوا بالراحة بسبب عناد الكنعانيين، وقدرتهم اللامحدودة على تحمل المصائب والمقاومة... لقد عرف الكنعانيون أن الأسوار لا تحمي المدن، لذا لم يعمروا الأسوار والأبراج بعد انتصارهم. وهكذا حملوا حكمتهم الخالدة: الحجارة لا تحمي المدن، الأسوار ترد الغزاة».