هناك فشل قديم في استهداف الدولة هنا في عصر بدايات الحكم الثوري في العالم العربي، والذي وصفت فيه دولة مجتمعنا بأنها رجعية متخلفة، بل وفي بعض الشطوحات الإعلامية لم يكن هناك مَنْ يرى قوله ابتداع افتراء كاذب حين يلح بأن الدولة هنا هي محطة وجود استعماري.. هذه الأجواء من الاتهامات وخلق العداوات صمد أمامها الملك فيصل - رحمه الله - بانفرادية مواجهة متمكنة النوع والقدرة حين استطاع.. رغم أنه الوحيد قيادياً في مواجهة تلك العداوات المفتعلة.. استطاع أن ينتصر على كل مواكب الزعامات الثورية التي خذلت معنوياً حين وجدت أن نهاية حرب 67 انتهت بموقف أخلاقي من الملك فيصل تجاه الغرب لمصلحة مجتمعات عروبته.. هذا تاريخ قديم لم يعد له أي بقايا.. لكن نحن الآن أمام استهداف للمجتمع وليس للدولة.. أجزم لولا الكفاءة المثالية وربما غير الموجودة في أي دولة عالمياً.. الكفاءة المثالية لأجهزة الأمن.. على تعدّد نوعيات مسؤولياتها.. لولا هذه الكفاءة لما حققنا النجاح المبهر على مستويين مهمين جداً.. الأول؛ في صد ما يسمى بالجهاد الإسلامي ضد تجمعات مواطنينا في مقهى أو إدارة عمل أو مبنى عمل حكومي.. ما حدث لم يكن مجرد انتصار، أي أن يكون هناك نسبة ردع كبيرة أمام نسبة عدوان قليلة، حيث الذي حدث وعبر سنوات هو شمولية نسبة الردع المبهرة وليس أمامها أي حضور إجرامي ناجح.. الجانب الآخر، الذي تفوق فيه عربياً وعالمياً الحضور الأمني، هو في مطاردة تهريب المخدرات وجميع ملوثات التخدير التي لا تضعف فقط عقلية المتناول، ولكنها أيضاً وسيلة قتل غير مباشرة.. أذكر قبل بضع سنوات قد لا تتجاوز الأربع.. أن تشرفت باجتماع مع متطوع اجتماعي في مجال محاربة تسويق المخدرات حيث قال لي: إن هناك عناصر تسريب غير معروفة لا تبحث عن ثمن المخدرات بقدر ما تبحث عن ضمان دخولها المجتمع السعودي.. أما في مجال فروسيات أجهزة الأمن الرائعة.. التي تحتم على كل منا الانحناء تقديراً وحباً لهؤلاء الفرسان المبدعين.. ألم نقرأ مؤخراً أن حجم ما يقدر من مبيعات لما تمت محاولة تهريبه يتجاوز 1.5 مليار ريال.. ومن خلال متابعات الترصد والردع والقبض على ذوي العدوان المخدراتي ألم نجد ونحن الأوسع في تمدّد الحدود أن مجرمي التهريب فشلوا في إيصال تنوعات قبيحة المضمون إلى جيوب الطلبة أو بسطاء المفاهيم وذلك بوجود قدرات أمن مثالية التفوق.. أمر آخر.. تنوّع مداخل التهريب وتنوّع أساليب بيعه ألا يوحي ذلك بأن هناك حدوداً معينة من الجائز أن تُتهم بأنها تستهدف هذا المجتمع الذي فشلت محاولات السياسة والشعارات في إيقاف تطوره وتتم عبر المخدرات محاولات التأثير المباشر عليه؟.. يجوز.. ألم يُغرس داخل بعض المجتمعات العربية حضور أجنبي لفرض تباعد المفاهيم والعقليات بل والعلاقات بين فئات عربية كثيرة؟.. يجوز..