الجميع يدرك ويرى أن مدارس ومؤسسات وشركات التعليم الأهلي تساهم بشكل كبير في زيادة البطالة بين صفوف خريجي الجامعات من السعوديين والسعوديات. وقد مضى أكثر من 15 سنة على قرار مجلس القوى العاملة رقم (2/م36/1415) وتاريخ 26/7/1415ه، القاضي بإلزام المدارس الأهلية للبنين والبنات بزيادة نسبة المدرسين السعوديين والسعوديات بما لا يقل عن (10%) سنوياً، وقصر شغل وظائفها الإدارية على السعوديين والسعوديات. وبزيارة سريعة وخاطفة إلى أي مدرسة خاصة في أي مدينة من مدن المملكة، سوف يلاحظ أن الوظائف الإدارية من الحارس حتى الوكيل مرورا بالمحاسب والسكرتير يشغلها وافدون، أما الكادر التدريسي فحدث ولا حرج. فجميع مدرسي المواد تقريبا يشغلها أيضا وافدون ووافدات. ولو أخذنا النسبة التي أكد عليها القرار (10%) سنويا وتم تطبيقها منذ ذلك الحين (منذ أكثر من 15 سنة) لوجدنا أن مشكلة توظيف السعوديين والسعوديات في تلك المدارس الأهلية لا وجود لها، ولكن لو طبقت نسبة (3%) سنويا، لكان الآن نسبة السعودة في تلك المدارس (75%)، ويبقى نسبة (25%) من غير السعوديين، وهذه نسبة معقولة لوجود بعض التخصصات التي قد لا يتوفر عدد كاف من السعوديين لشغلها. وقد يناقش بعض اصحاب المدارس الأهلية بأنه من الصعب توفر المعلم أو المعلمة السعودية بنفس الجودة التي تتوفر في المعلم أو المعلمة غير السعودية، وهنا نقول لا يمكن أجبار تلك المدارس على صاحب الأداء السيئ وغير المنضبط، بل يحق لتك المدارس أن تحاسب أي مقصر بغض النظر عن جنسيته، فجودة التعليم قضية لا نقاش فيها. فالإدارة الحازمة والمتابعة والمحاسبة والمحفزة قادرة على المنافسة وتحقيق التميز. إذاً فإن قرار سعودة الوظائف في المدارس الأهلية لم ينجح ولم يطبق وأصبح حبرا على ورق كغيره من القرارات الكثيرة الخاصة بسعودة مجالات عمل مختلفة. ويكمن حل هذه المشكلة بتفعيل هذا القرار أو إصدار آخر تتم متابعته وتنفيذه بشكل مستمر من وزارة العمل، وبالتنسيق التام مع وزارة التربية والتعليم المشرفة على المدارس الأهلية ومع المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني المشرفة على مؤسسات وشركات التدريب الأهلي، ووضع حد أدنى للأجور فيما يتعلق بالمعلمين والمعلمات السعوديين. وحاليا ظهرت مشكلة أخرى تسهم بشكل كبير في زيادة نسبة البطالة بين الجامعيين والجامعيات وفتحت فرص وظيفية لخريجي وخريجات الدول المجاورة وغيرها وهي مشكلة صاحبت التوسع بإنشاء الجامعات الحكومية والأهلية وعمل مؤسسات وشركات للصيانة والنظافة والتقنية وبرامج السنة التحضيرية، وسوف يقتصر الحديث هًنا على تشغيل برامج السنة التحضيرية في الجامعات، حيث يتم تشغيل برامج السنة التحضيرية في جميع جامعات المملكة تقريبا عن طريق شركات ومؤسسات تعليم وتدريب أهلية تقوم بالتوظيف من الدول المجاورة للتدريس في مواد اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي والرياضيات ومهارات الاتصال والفيزياء والكيمياء، وكذلك للأعمال الإدارية والمالية. وتشترط الجامعات بأن يتم التوظيف بمؤهل لا يقل عن الماجستير ولكن تقوم تلك الشركات والمؤسسات بالتوظيف بمؤهل بكالوريوس أو دبلوم للتدريس والعمل الإداري في برامج السنة التحضيرية بحجة عدم توفرحاملي الماجستير، وهُنا يُحرم المواطن والمواطنة من تلك الوظائف ويتم توظيف غير السعوديين. ولحل هذه المشكلة على المدى القريب، يجب أن تعمل وزارة التعليم العالي والجامعات على توظيف السعوديين والسعوديات المؤهلين في برامج السنة التحضيرية وإجبار تلك الشركات والمؤسسات على ذلك وأن تكون من شروط العقد بين الجامعة والشركة أو المؤسسة بأن تقوم المؤسسة أو الشركة بالإعلان عن وظائفها قبل حصولها على التأشيرات المطلوبة وفي حالة عدم التقدم المواطنين والمواطنات على تلك الوظائف عن طريق وزارة العمل فيمكن إصدار التأشيرات، وهُنا يأتي دور وزارة العمل في المساهمة في حل هذه المشكلة. ولحلها على المدى المتوسط على صندوق الموارد البشرية وبالتنسيق مع الجامعات ومؤسسات وشركات التعليم والتدريب الأهلية للقيام بإعداد برامج تأهيلية (دبلوم لسنة واحدة في كل تخصص) لتأهيل خريجي الجامعات في التخصصات التي يتم التدريس فيها برامج السنة التحضيرية، بحيث يحتوي برنامج الدبلوم على طرق التدريس والتعامل مع الطلاب ومواد تخصصية حسب التخصص لكل دبلوم. * أكاديمي