حينما نوازن بين ذلك الحجم الضخم لميزانية الدولة، وتوجه القيادة نحو توسيع دائرة الاهتمام، إلى جانب صبغ أوجه التنمية في عموم مناطق هذا الوطن الغالي من ناحية، وبين الناتج الملموس من ناحية أخرى، نجد أن هناك فروقاً كبيرة بين تحقيق هذه الرؤية وبين تنفيذها، خاصةً من ناحية عدم وجود توزيع عادل لمشروعات التنمية بين هذه المناطق، وهذا ما تناولته توجيهات خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- أمام مجلس الشورى عام 1428ه، حينما أكد أن هناك مناطق تحتاج إلى مزيد من العناية والاهتمام. ولعله من غير المطلوب في هذا الإطلالة على هذا الواقع أن نقارن مدينة كالرياض أو جدة أو مثلهما من المدن الأخرى التي لها خصوصية مثل مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، مع بقية المدن والمحافظات الأخرى، نظراً لاعتبارات كثيرة يدركها الجميع، لكن المقارنة التي نود أن نستشرفها عبر هذا الطرح، هي البحث في سبب وجود هذا التفاوت الواضح، وحصول بعض المناطق على نصيب كبير من برامج التنمية، خاصةً في مجال تهيئة البنية الأساسية لمتطلبات التنمية، وفي مقدمة هذه البرامج تأتي المشروعات البلدية، كواحدة من أهم ملامح ومؤشرات تواجد التنمية الحضرية والاجتماعية، ومثلها بقية المشروعات وأهمها القطاع الصحي وقطاع الخدمات. هناك فروقات واضحة في الحصول على برامج التنمية وخصوصاً في تهيئة البنية الأساسية "الرياض" تطرح الموضوع، وتناقش المتخصصين، ولتوضح أن الآمال مازالت كبيرة في أن تجد المشروعات الاهتمام الأكبر من المسؤولين، حتى ينعم المواطن بكافة الخدمات، وفي جميع أنحاء المملكة. ضرورة ملحة يتساءل الكثير عن المتسبب في هذه الفجوة وأسباب حدوثها؟، ربما من الوهلة الأولى نقول إن ذلك عائد إلى تقصير وضعف الإدارة المحلية لتلك المنطقة، ممثلة في مجالس المناطق والمجالس البلدية عن إيصال مطالب المواطنين واحتياجاتهم ومتابعتها لدى الجهات المعنية، إضافةً إلى افتقار العديد من الوزارات إلى وجود أجهزة معنية بقراءة احتياجات المناطق وتحقيقها دون مجاهدة ومطالبة من المواطنين، لكن من المؤكد أنه رغم ذلك فإن هناك ضرورة ملحّة إلى وجود عدالة في توزيع المشروعات وبرامج التنمية وتعميمها على كافة المناطق بشكل متوازن، حتى ينعم المواطن في كل شبر من هذا الوطن الغالي بنصيبه من الرفاهية التنموية والاجتماعية والخدمية، بالإضافة إلى فرص العمل، كي يمكن وقف هذه الهجرة من تلك المناطق النائية وإحداث هجرة معاكسة إليها لتخفيف الضغط السكاني على المدن الرئيسية، ومن ذلك أيضاً إعادة هيكلة توزيع الكثافة السكانية على الخريطة الجغرافية للوطن، عبر إدارة عليا تضع ومعها الجامعات إستراتيجية تستهدف إحياء تلك المناطق النائية وبث روح التنمية فيها. العدالة يجب أن تعتمد على الاستحقاقات والدراسات مستندة إلى الحاجات الفعلية للمحافظات قراءة موضوعية وقال "عبد العزيز بن علي السويد" -المستشار البلدي-: إن عدالة مشروعات التنمية يجب أن تعتمد على الاستحقاقات والدراسات والإحصاءات، مستندة إلى الحاجات الفعلية للمدن والناس، وليس بناء على الفئوية والمناطقية والمحسوبية، مبيناً أن العدل النسبي وليس العدل الكامل هو القراءة الموضوعية لاستحقاق المدن والمناطق للمشروعات، ففي بعض المناطق تجد امتلاء واكتفاء في المشروعات التعليمية مع نقص في المشروعات الخدمية، وقد ترى منطقة ما تشبع أو تكاد تغص في توفر مشروعات الطرق مثلاً، وهناك مدن انتهت بالكامل من مشروعات البُنى التحتية، بينما مدن أخرى لم تبدأ بعد، لكن بالنظر إلى مجمل الصورة، نلاحظ ما ينقص هنا يكتمل هناك، ربما بصيغة التنمية التكاملية، خاصةً إذا حسبنا تقارب المسافات بين مدن كل منطقة. السويد: المشكلة في غياب وسائل التحقق من الاحتياج الفعلي حرص وجدية وأضاف: قد نعوّل أيضاً في عدم العدالة لتوزيع المشروعات كقراءة ظنية مبتسرة، بأن ذلك راجع للحرص والجدية والنشاط الإداري والمتابعة لكل إدارة، في طلب اعتماد مبالغ مالية لتنفيذ مشروعات التنمية، فبعض مجالس المناطق والمحافظات تبدو كسولة ومتعثرة في طلب ومتابعة الإدارات المختصة بالرفع بالاحتياجات السنوية للمشروعات، بينما بعضها أي بعض مجالس البلديات والمناطق والمحافظات تخصص موظفين متفرغين للمتابعة اليومية لكل إدارة، وحثها على سرعة طلب الاحتياج الفعلي للمشروعات، مشيراً إلى أن بعض المدن قد تُحرم منها بسبب الاعتراضات المقدمة، مما يعطل ويضيع فرصة اعتماد المشروع وتنفيذه، فتخسر المدن نقلة نوعية بسبب هذه الاعتراضات، ذاكراً أن إسناد المشروع لمقاول ضعيف الإمكانيات الفنية والمالية والإدارية والآلية يحرم المدن من مشروعات جديدة؛ لأن القديمة ما زالت تحت التنفيذ بسبب سوء معايير طرح المناقصات. د. العمر: لا بد من التعامل مع التنمية كرديف للاهتمام بالأمن مركزية القرار وأوضح أن مما يوحي بعدم العدالة في توزيع المشروعات التنموية، مركزية القرار الوزاري، وتركز السلطة الإدارية بيد الوزير، فإن حظيت الوزارة برجل نشط وغير مركزي ومبدع وجاد ومتفوق إدارياً، انطبع وظهر تأثير شخصيته على عدالة مشروعات وزاراته وتوزيعها بحسب الاحتياج الفعلي للمناطق والمدن وإلاّ فلا، ذاكراً أنه ليست القضية غياب العدالة في استحقاق المدن والمناطق للمشروعات، بل القضية غياب وسائل وآليات التحقق من الاحتياج الفعلي، أي غياب الدراسات الممنهجة والإحصاءات في دراسة أحوال النمو السكاني والعمراني للمناطق والمدن، وتسيب أعمال الإشراف والمتابعة، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في معيارية قبول أقل العطاءات كاستحقاق نظامي لترسية المشروعات. م. الغليقة: الدور كبير على مجالس المناطق والبلدية والأهالي تنمية متوازنة وقال "د. إبراهيم بن صالح العمر" -عميد كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة القصيم-: إن مصطلح التنمية المتوازنة يمثل واحداً من المصطلحات الهامة لأدبيات التنمية بصفة عامة والتنمية الاقتصادية بصفة خاصة، حيث ثمة مفهومان للتنمية المتوازنة أحدهما يرتبط بالبعد الجغرافي لعملية التنمية، بينما ينصرف الآخر لمكونات التنمية حيث التوازن والتناغم بين المكونات الرئيسة لها، أي بين المكون الاستثماري والخدمي (المشروعات الخدمية)، والمكون البشري والتعليم، مضيفاً أن الغالب على إطلاق التنمية المتوازنة هو البعد الجغرافي، حينما تكون مكونات التنمية الرئيسة وأجزاؤها متوازنة على المستوى الأفقي ضمن الحيز الجغرافي للوطن، وبعبارة أكثر تحديداً يمكن أن يقال إن هناك تنمية متوازنة حينما لا يجبر السكان للانتقال وتغيير بيئة السكن لتحسين ظروف العيش الكريم داخل حدود الوطن، حيث تكون الاستثمارات الحكومية والخاصة، وبالتالي فرص العمل بالأجور السائدة متاحة بشكل متوازن بين المدن الرئيسة وغيرها والقرى والأرياف، وحيث تكون الخدمات الحكومية وتلك التي تقدمها المؤسسات العامة والخاصة متوفرة بالجملة وبشكل عادل بين ربوع الوطن. مشروع مدرسة متعثر في إحدى القرى استمرار الهجرة وأوضح أن أدبيات التنمية تشير إلى أن إحدى سمات تخلفها هو وجود مراكز لها تتركز فيها جهود المؤسسات الحكومية والخاصة، وتتجه لها تبعاً الأنشطة الاقتصادية على حساب مناطق المحيط خارج المركز في الأحياء البعيدة من قلب المركز أو المدن البعيدة عن العاصمة منخفضة الثقل الاقتصادي، والتي يغلب عليها صغر المساحة أو البعد الجغرافي أو الريفية، مشيراً إلى أن ذلك يجبر أو على الأقل يغري على الانتقال من مكان إلى آخر، واستمرار الهجرة من مناطق المحيط إلى المركز، أي من المدن الصغيرة إلى الكبيرة، أو من مناطق الأطراف إلى الوسط، أو من المناطق النائية إلى العاصمة أو عواصم المناطق، بغية الحصول على الخدمات التعليمية أو الصحية أو الاجتماعية، أو بغية الحصول على الدخول المناسبة التي لا تتحقق في الأطراف والمحيط؛ بسبب ما يمكن تسميته بالتنمية غير المتوازنة. طريق لم يجد المتابعة والصيانة من الجهات المعنية الخلل موجود وأضاف: إذا كانت هذه الميزة تغلب على البلدان النامية بما فيها وطننا الغالي، فإن رائد هذه البلاد يحفظه الله أولى هذا الأمر بعنايته فكان خطابه الشهير أمام مجلس الشورى إبان افتتاحه أعمال السنة الثالثة من الدورة الرابعة للمجلس عام 1428ه، لافتاً إلى وجود خلل في التنمية، حيث أشار إلى التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة وأهميتها في النهوض باحتياجات المواطن أينما كان بقوله -حفظه الله- في شأن التنمية المتوازنة بالتحديد: "ولقد سررت خلال زياراتي لمناطق المملكة بما حظيت به من تنمية شاملة، بيد أنني لاحظت أن بعض المناطق تحتاج إلى مزيد من العناية والاهتمام بغية تحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة وهذا ما نعمل على تحقيقه"، ذاكراً أن هذا التوضيح الجلي لمقام خادم الحرمين أمام مجلس الشورى لا يمثل في مغزاه حديثاً إعلامياً، بقدر ما يعني توجيهاً سامياً لأجهزة الدولة المختلفة ومسؤوليها للعناية في مسألة التوازن الجغرافي للتنمية بين مناطق المملكة وبين المدن الكبيرة والصغيرة، وبين المدن والقرى وبين المدينة والريف، بل وبين مدن الوسط والأطراف والمركز المحيط. طبيعة بعض القرى الجغرافية قد تُعيق إقامة المشروعات تكدس السكان وذكر أن كلمة خادم الحرمين فيها لفت نظر المسؤولين المعنيين إلى ما تؤديه التنمية غير المتوازنة من مشاكل عدة، كالتفاوت التنموي بين مناطق ومدن المملكة، وتفاوت الدخول بين أفراد المجتمع، بالإضافة إلى الهجرة المصطنعة وغير الطبيعية من الأرياف إلى المدن، ومن المدن الصغيرة إلى الكبيرة، ومن الأطراف إلى المراكز، مبيناً أن التنمية غير المتوازنة تؤدي إلى تكدس السكان وتجمعهم في الحواضر والمدن الكبيرة على حساب المدن الأصغر والنائية والتجمعات الريفية والقروية، مما ينتج عنه تفاوت ظاهر في نسب النمو السكاني والاقتصادي، فبينما تراوح مدن وحواضر مكانها، تزيد مدن رئيسة عن (7%) سنوياً، مما يعني تضاعفها كل (11) عام، لافتاً إلى أن هذا التفاوت ينتج عنه تكاليف مالية هائلة على الدولة، نتيجةً للنمو غير المخطط والمبرر للمدن الكبيرة، ومن ثم صعوبة الوفاء بالخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والطرق والكهرباء والمياه للمدن الكبيرة؛ بسبب التوسع الكبير والنمو غير المنضبط. عدم توفر الخدمات المهمة في بعض المحافظات أدى إلى الهجرة للمدن وازدحامها انتشار الجريمة وشدّد على أن الآثار الاجتماعية والأمنية لا يمكن إغفالها، حيث انتشار الجريمة والسلوكيات الاجتماعية غير المقبولة في المدن الكبيرة، مع انتشار حوادث السير نتيجة التنقل للاستفادة من الخدمات التي لا تتوفر في المدن الصغيرة والمحافظات، مبيناً أنه أمام هذه القضايا والمشكلات للتنمية غير المتوازنة يبرز التساؤل عن الأسباب والمقدمات لنشوء ظاهرة انعدام التوازن التنموي في بلد ما، والتي من الاهتمام بالمكون التنموي نفسه والمباهاة به بديلاً عن الاهتمام بالإنسان، بالإضافة إلى استهداف تحقيق الحاجات الأساسية له بغض النظر عن تواجده الجغرافي، كما يحدث بسبب تفاوت مراكز القوى عند توزيع المشروعات التنموية، فالمدن الكبيرة تكون مدعومة بمسؤولين كبار لهم نفوذ لا يقارن بالمدن الصغيرة والمراكز المحيطة، موضحاً أن التنمية غير المتوازنة تحدث بسبب القصور في التخطيط بعيد المدى، مع انعدام التنسيق الكامل بين الخطط التنموية والمرصود من المشروعات في الموازنات التقديرية السنوية، إلى جانب عدم وجود سياسة ضريبية فاعلة تتحكم في مسار الاستثمار الخاص وتوجيهه للمدن الصغيرة والأطراف، مما يؤدي إلى تكدس وتشبع في الاستثمار الحكومي والخاص معاً في المدن الكبيرة على حساب الصغيرة والأطراف. عبدالعزيز السويد غير محصورة وأضاف: الأهم من كل هذا كسبب للتنمية غير المتوازنة، هو في التشريعات المالية المقيدة لصلاحية المناطق والمحافظات بالتصرف في مخصصاتها التنموية إن وجدت، حيث تبقى صلاحية مجالس المناطق والإمارات في التوصية واختيار الأولويات دون أن يكون هناك صلاحيات ومخصصات للصرف والمناقلة بين المشروعات التنموية المختلفة، على الرغم من الفوائد غير المحصورة لتحقق التنمية المتوازنة، كالقضاء على جيوب الفقر وفكرة المركز والمحيط، وتخفيض الهجرة من القرى للمدن ومن المدن الصغيرة إلى الكبيرة، إلى جانب تخفيض مشاكل المدن الكبيرة والاكتظاظ والغلاء والجريمة، وتحقيق تعمير ربوع المملكة الواسعة، وتنمية روح المواطنة والولاء في مناطق المملكة والمساواة بينها، مشيراً إلى أن هذه المزايا وغيرها جديرة بالعناية، بل جديرة أن تبقى أحد أولويات العمل، لإيجاد خارطة طريق نحو تنمية متوازنة جغرافياً في ربوع هذا الوطن، استهدفها أولاً خادم الحرمين ووجه الجميع بخطابه في مجلس الشورى لتحقيقها، مشدداً على أهمية أن تتظافر الجهود تبعاً لذلك، لنشرها كثقافة، ثم خطط وقرارات وأعمال، نحو تنمية متوازنة جغرافياً تستهدف تكامل الخدمات في كافة المدن والأطراف وفقاً للتركز السكاني بها. د. إبراهيم العمر آثار مضاعفة وأوضح أن المسئولين خاصة الأمراء والمحافظين ومجالس المناطق مطالبون بالتركيز على التنمية المحلية وتحقيق النمو في الاستثمارات المحلية الحكومي منها والخاص، وبشكل متوازن وفقاً للزيادة السكانية، مضيفاً أن هذه الأجهزة يلزمها التعامل مع التنمية كرديف للاهتمام بالأمن، حيث النص القرآني قرن بينهما على سبيل التنويه والامتنان، مشدداً على أمراء المناطق والمحافظات إنشاء أجهزة ووحدات إدارية مستقلة لشؤون التنمية بشقيها الحكومي والخاص على مستوى وكلاء إمارات المناطق، بحيث يكون في كل إمارة منطقة وكيلا للتنمية مسؤولاً عن المشروعات التنموية الحكومية والاستثمارات الخاصة، إلى جانب التنسيق بينها، وجذب الموائم منها للبيئة المحلية، بما يكفل نمواً متوازياً مع النمو السكاني، مع إيجاد فرص وظيفية تتناسب مع نمو القوى العاملة في المنطقة والمحافظة والمدينة والقرية، مع ما يستتبع ذلك من توفير صلاحيات مالية مناسبة لذلك، مؤكداً على أن الضرورة تُحتم توجيه المشروعات الاستثمارية الكبيرة الحكومية غير المرتبطة مباشرة بالمدن الكبيرة للمناطق والمدن الأقل كثافة سكانية، لإحداث توازن وهجرة معاكسة وتنمية متوازنة، فالاستثمار الجديد حكومياً كان أو خاصاً ينتج آثاراً تنموية مضاعفة. م. خالد الغليقة حضور العدالة وقال "م. خالد ناصر الغليقة" -نائب رئيس المجلس البلدي لأمانة منطقة القصيم-: إنه على مستوى المناطق لا يوجد بالمعنى المطلق غياب لعدالة التوزيع للمشروعات التنموية بين المناطق، ومن يملك الإجابة الدقيقة على هذا الموضوع هي وزارة المالية، ففي أكثر من مناسبة أوضحت وزارة المالية أنه لا يوجد فروقات، وإن وجد فإنها محدودة جدا، مبيناً أنه لدى وزارة المالية رصد لما تم اعتماده على مدى أكثر من (20) عاماً ماضية، مشيراً إلى أن الفروقات والتفاوت موجودة في واقع الأمر، بالصرف واستغلال ما خصص لكل منطقة بحسب جهد المناطق والوزارات المعنية، مضيفاً أن التفاوت الحاصل في حقيقة الأمر ذو شقين، الأول: يعود إلى غياب دور الوزارات المعنية مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة النقل على سبيل المثال، وعدم القيام بمسؤولياتها على الوجه الأكمل في نسب التوزيع بشكل مباشر يعتمد على الإحصاءات السكانية والمساكن، إلى جانب إسناد الموضوع إلى المناطق أو إلى وزارة المالية، مما يسبب مخرجات تنعكس على غياب التوزيع بين المدن والمحافظات. طبيعة جغرافية وذكر أن الشق الثاني يعود للطبيعة الجغرافية بين المناطق، فبعضها لديها طبيعة وعرة تستغرق المشروعات وقت أطول وتكلفه أعلى مما لا يظهر معه المشروع بشكل أسرع وأكبر، في حين يتم تنفيذ مشروعات أخرى أسرع وأكبر بمناطق أسهل جغرافياً ويظهر معه التفاوت، مبيناً أن للطبيعة "الديموغرافية" دورا في عدم توزيع المشروعات، حيث إن بعض المناطق يوجد بها مدينة واحدة رئيسة والباقي هجر صغيرة جدا، وبعض المناطق يوجد بها عدة مدن ومحافظات متوسطة ومتقاربة بالحجم، مما يولد بيئة تنافسية بين المدن والمحافظات تسعى كل مدينة ومحافظة إلى التطوير، مما يخلق معه وجود تنمية هائلة ناتجة من المتابعة والمطالبة، إلى جانب العمل بكل جهد على إزالة أي عائق لأي مشروع. تقصير الوزارات وأوضح أن نقص وقلة المتعهدين والمقاولين ببعض المناطق يعيد طرح المشروعات مرات عديدة دون ترسية؛ لغياب الموارد الطبيعية والمقاولين المتواجدين، وبعدها عن الموانئ ومواقع الاستيراد، مشدداً على أهمية الدور الرئيسي لمجالس المناطق والمجالس البلدية والمحلية والأهالي والأعيان، في المتابعة والمطالبة وإزالة العوائق وتحديد الأوليات، وعن الآثار السلبية لهذا الغياب لمشروعات التنمية عن تلك المناطق قال: يجب أن نقف كثيراً على هذا الموضوع بشكل واضح، فالموضوع هنا جدا خطير، ويمس المواطنة بمعناها الحقيقي، ويجب أن نوضح للمواطنين أن هذا الاعتقاد ليس صحيحاً بالمطلق، بل ولم يكن ولن يكون ضمن إستراتيجية الدولة، بل هي مخرجات نتجت عن تقصير بعض الوزارات وعوامل ناتجة من اختلاف جغرافي واجتماعي ونشاط ومتابعة كل منطقة.