في سبتمبر 2006 أقام المنتج السعودي عمرو القحطاني مؤتمراً صحفياً في مقر شركته في مدينة الرياض للإعلان عن اتفاقه مع علي الرميثي مدير قناة دبي لعرض مسلسله الجديد "ماكو فكة" في رمضان تلك السنة. كانت أجواء المؤتمر تُشع بالتفاؤل وبالذات من الرميثي الذي أعلن أن هذه الاتفاقية ستكون نواةً لتعاون مستمر مع المنتجين السعوديين، واعتقد كل المتابعين حينها أن عجلة الصناعة الدرامية قد بدأت بالتحرك فعلاً وما هي إلا أيام ونتغلب على الدراما المصرية كمّاً وكيفاً!. وماذا كانت نتيجة ذلك كله؟. قناة دبي لا تنتج حالياً سوى مسلسل وحيد هو "غشمشم" والمنتج عمرو القحطاني ابتعد عن الإنتاج التلفزيوني نهائياً وكان ذلك المسلسل "ماكو فكة" هو آخر عمل يصنعه. إنها نتيجة محبطة.. أن تخسر منتجاً شاباً ومتحمساً أحدث "انقلاباً" في المنافسة الدرامية الرمضانية عندما قدم أول أعماله "إخواني أخواتي" في رمضان 2005، لكن عمرو ليس هو المنتج الوحيد الذي انسحب من الساحة الدرامية نتيجة الإحباط, بل هناك قائمة طويلة؛ نذكر منها: عبدالله المحيسن، ماضي الماضي, محمد حمزة، محمد بخش، إبراهيم جبر، سعد خضر، ويُضاف لها أسماء تعمل الآن "على مضض" وقد تكون في طريقها للانسحاب مثل خالد المسيند وعبدالخالق الغانم، ناهيك عن المتحمسين للدعم والإنتاج الدرامي والذين لم يجدوا الفرصة لذلك مثل بندر عبدالسلام وعبدالإله السناني ومشعل المطيري وفاروق فرحات. كل هذه الطاقات الإنتاجية الكبيرة مُعطلة تماماً بسبب قلة "منافذ" العرض, وحالياً لا يعمل في سوق الإنتاج الدرامي السعودي سوى سبع شركات تنتج سبعة مسلسلات لصالح أربع قنوات فقط هي "دبي، روتانا خليجية، وMBC والتلفزيون السعودي", وهذا أقصى إنتاج يحتمله السوق السعودي لأن "منافذ" العرض محدودة جداً، وتتمثّل فقط في تلك القنوات الأربعة، ومن غير المنطقي مُطالبتها باستيعاب كل المنتجين السعوديين وشراء كل أعمالهم. إن استمرار الواقع على وضعه الحالي خطِر على مستقبل الدراما السعودية من ناحيتين؛ أولها أنه جعل الإنتاج الدرامي محصوراً في أسماء معينة تتكرر كل سنة وتقدم ذات الأفكار وذات المستوى الهزيل، وثانياً –وهو الأهم- أنه أدى إلى انسحاب منتجين قديرين ومتميزين لعدم وجود من يشتري أعمالهم, وكل يوم يمضي على هؤلاء دون أن يُنتجوا شيئاً هو خسارة لسوق الدراما السعودية، وحتى لو اختلفنا على القيمة الفنية التي سيقدمونها، إلا أن تواجدهم مهم؛ لضمان التنوع، ولتحقيق مبدأ المنافسة. كيف يمكن أن نغير من هذا الواقع البائس؟. وكيف نضمن العمل لجميع المنتجين السعوديين؟. هناك حلّ –يبدو مستحيلاً- وهو أن يتم إنشاء قنوات فضائية متخصصة في الدراما السعودية تستوعب أعمال جميع المنتجين, وحلّ كهذا يحتاج إلى ملايين الريالات كما يحتاج إلى عدد كبير من المعلنين الذين يضمنون لهذه القنوات استرداد أموالها، أما الحلّ الثاني –السهل جداً- فهو فتح "منافذ" عرض جديدة غير القنوات الفضائية وبعيداً عن دائرة التلفزيون, وهنا أقصد بوضوح، أن يتم تفعيل دور المسارح التجارية وصالات السينما، وأن يُسمح للمنتج السعودي أن يصنع أعماله –سواء كفيلم أو مسرحية- وأن يعرضها مباشرة للجمهور دون وسيط. إذا كنا جادّين في حديثنا عن "صناعة دراما سعودية" حقيقية فلابد من تحرير المسرح التجاري وفتح صالات السينما، لأن مفهوم "الصناعة" لا يقوم إلا على وجود "صناع" كثر يعملون بفعالية وتدفق، وما دام التلفزيون عاجزاً عن استيعاب المنتجين السعوديين، فليس من المقبول أن نقول لهم اجلسوا في بيوتكم "واطلبوا الفرج من الله"..