بين حين وآخر تقذف وسائل الإعلام العالمية منها والمحلية أخباراً تشير إلى دخول مستثمرين عرب في صفقات استحواذ على أندية أوروبية في هذا البلد أو ذاك، أو بشراء حصص في أسهم بعض الأندية هناك، فضلا عما تعلنه عن عقد بعض رجال الأعمال صفقات تجارية في غير جانب. فبالأمس القريب أعلنت وكالات الأنباء والصحف العالمية عن مفاوضات تجريها مجموعة الحكير السعودية لشراء نادي باليرمو الإيطالي حاملة معها صوراً لرئيس مجلس إدارتها عبدالمحسن الحكير وهو يقف إلى جوار رئيس النادي الإيطالي ماوريتسيو زامباريني ، وفي صور أخرى ظهر ابنه ماجد الرئيس التنفيذي للمجموعة وعضو الاتحاد السعودي السابق وهو يجلس إلى جانب زامباريني وحوله بعض المنتسبين للنادي، ما جعل وسائل الإعلام المحلية تتسابق لنشر خبر شراء النادي، قبل ان يظهر ممثل عن المجموعة ليعلن عن أن الأمر لا يعدو عقد صفقات استثمارية تتعلق بإنشاء أكاديميات باسم النادي في السعودية. وقبل أيام فقط بثت وكالات الأنباء خبراً عن استحواذ رجل الأعمال الأردني حسن إسميك على غالبية أسهم نادي ميونيخ 1860 الألماني منقذاً إياه من الإفلاس، بشرائه 49% من حصص النادي المشارك في بطولة الدرجة الثانية بقيمة 18 مليون يورو، وهي النسبة التي يسمح بها نظام الاتحاد الألماني بالنسبة للمستثمرين الأجانب، وقبل ذلك بأيام قليلة أيضاً أعلنت مؤسسة قطر للاستثمار الرياضي وهي مؤسسة حكومية عن شرائها ما نسبته 70% من أسهم نادي باريس سان جيرمان الفرنسي. الحكير: أهداف المستثمرين متباينة وصفقتنا مع باليرمو هدفها استثماري بحت خطوات متقدمة وتمثل خطوة مجموعة الحكير مع نادي باليرمو، ومن بعدها خطوة رجل الأعمال الأردني حسن إسميك، ثم خطوة مؤسسة قطر مجرد ثلاث خطوات في مشوار متقدم خطاه المستثمرون العرب في هذه الطريق على الأقل في السنوات الثلاث الأخيرة، وإن كانت الخطوة قد بدأت مبكراً وتحديداً في العام 1997 حينما اشترى المصري محمد الفايد نادي فولهام، قبل أن تتوقف الخطوات لما يقارب عقد كامل حتى أقدم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان في سبتمبر 2008 على شراء 90% من حصص أسهم نادي مانشستر سيتي، قبل أن يستحوذ بعد عام واحد فقط على كامل أسهم النادي، واقتفى أثر الشيخ منصور بن زايد رجل الأعمال الإماراتي سليمان الفهيم الذي اشترى في مايو 2009 نادي بورتسموث قبل أن يبيع 90% من أسهمه للسعودي علي الفرج الذي لم يطل استحواذه على حصة الأسد من أسهم النادي الذي كان يعاني من عثرات مالية وإدارية إذ باعها بعد أشهر قليلة على رجل أعمال من هونج كونج يدعى بالرام تشينراي، كما تمتلك مجموعة «مونتو فاينانسي» المملوكة لمجموعة من آل ثاني نادي نوتس كاونتي الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية. ولم يقف تملك المستثمرين العرب وخصوصاً الخليجيين منهم على الأندية الانجليزية إذ يمموا وجوههم صوب الدوري الأسباني حينما بدأ المشوار الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني في يونيو من العام الماضي حينما اشترى نادي ملقا الإسباني، لتلحقه بعد أقل من عام مجموعة الإمارات حينما اشترت في ابريل الماضي نادي خيتافي، وبين الدوري الانجليزي والدوري الاسباني والفرنسي، فقد بات العرب يملكون أندية أو حصصاً في دول أوربية أخرى كألمانيا ورومانيا حيث يملك في الأخير رجل الأعمال الأردني فتحي الطاهر 80% من أسهم نادي رابيد بوخارست. انزويتا: العرب يخوضون في حقل ألغام والاستثمارات الجزئية الوسيلة الأنجح دعاية أم استثمار؟ ورغم الخطوات المتقدمة التي خطتها غير جهة استثمارية في هذا الجانب إلا ان التشكيك في أهدافها ظل حاضراً، فما بين من يرى أنها لا تعدو مجرد دعاية إن للأشخاص كأفراد أو للبلدان؛ خصوصاً إذا ما كانت الاستثمارات حكومية، وبين من يرى أنها –بالفعل- خطوات استثمارية وفي الاتجاه الصحيح بحثاً عن أرباح متحققة في سوق رائجة كالسوق الرياضية، ولعل ما يعزز الرؤية الأولى أن ثمة من دخلوا هذه السوق وغادروها سريعاً بعدما حصدوا الشهرة التي ما كانوا يحلمون بها في غضون فترة قصيرة، وما بين من خاضوا في مفاوضات دون أن يتمموها ومع ذلك فقد استفادوا من تداول أسمائهم إعلامياً إن محلياً أو عالمياً، أما الرؤية الثانية فيدعمها النجاح الذي تحقق من جهة الاستحواذ إن على كامل الحصص أو بعضها، بيد أن رؤية النجاح لا تبدو واضحة خصوصاً وأن الحديث عن الربحية سابق لأوانه. العبدالوهاب: المآرب الخاصة وحب الظهور هدفان واضحان والاستثمار الحقيقي قليل حقل ألغام ويجيب عن سؤال "دنيا الرياضة" حول ما إذا كان توجه العرب نحو الاستثمار في الاندية الأوروبية مجرد دعاية أم استثمار كبير مديري التسويق بنادي برشلونة الإسباني سابقا لاندرو انزويتا الذي يؤكد على أن الدخول في هكذا استثمار هو كالدخول في حقل ألغام، مؤكداً على أن أنجح انواع الاستثمارات في السوق الرياضية الأوربية هي الاستثمارات الجزئية. وقال: "سواء أكان هدف المستثمر الدعاية والانتشار أو الربحية فبمقدوره تحقيق الجانبين دون الدخول في شراء الأندية أو حتى حصص فيها وبأقل التكاليف، كاتمام صفقات رعاية، او استثمار في جوانب معينة فنية كإنشاء الأكاديميات، وارسال المتدربين لاعبين او مدربين وحتى الاداريين، وكذلك في إقامة مباريات أو مهرجانات او معسكرات تدريبية أو حتى في استثمارات ترفيهية ترتبط باسم النادي، وكذلك من خلال إبرام عقود دعائية". وأضاف: "تحقيق الربحية يحتاج إلى عمل كبير، ومن يتابع الكرة الأسبانية يدرك بأن الربحية تكاد تقتصر على ناديي برشلونة وريال مدريد لأنها مرتبطة بالنتائج ليس على المستوى المحلي بل الأوروبي وهذا ما لايتاح لأي نادٍ آخر". الفوزان: البحث عن الاستثمارات الناجحة آخر ما يفكر فيه معظم المستثمرين في أوروبا على محورين ويؤكد الرئيس التنفيذي لمجموعة الحكير ورجل الأعمال ماجد الحكير بأن مجموعتهم نظرت في دخولها لسوق الاستثمار الرياضي من جانبين الأول شراء حصص، أو الثاني الاستثمار التجاري، نافياً أن تكون خطوتهم باتجاه نادي باليرمو الإيطالي بهدف الدعاية للمجموعة. وقال: "نحن حالياً نظمنا العديد من الاستثمارات مع النادي الإيطالي، وما نقوم به استثمار ضمن جملة الاستثمارات التي تضطلع بها المجموعة في الجوانب الترفيهية". وأضاف: "في كل الأحوال الهدف الأساسي بالنسبة للمجموعة هو تبادل الخبرات والاستثمارات مع الاندية الأوروبية العريقة، وهو ما سيجعلنا جاهزين لتوجيه بوصلتنا للاستثمار في الأندية المحلية بعد أن تصبح الخصخصة أمراً واقعاً". ماجد الحكير مع اعضاء النادي الايطالي ولم ينف الحكير أن تكون بعض الاستثمارات العربية وخصوصاً الخليجية منها في الأندية الأوربية الهدف منها خدمة الجهة المستثمرة دعائياً، سواء أكان المستثمر أفراداً او حكومات كما في أبوظبي أو دبي وكذلك قطر، لافتاً إلى أن ذلك لا يمنع في الوقت نفسه البحث في نفس الوقت عن فرص استثمارية. أسباب معروفة ويصنف رئيس مجموعة أركان الأعمال للاستثمار وعضو لجنة الاستثمار الرياضي في الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية حسين العبدالوهاب المستثمرين العرب إلى قسمين، الأول من يبحثون عن السمعة والانتشار وذلك لتحقيق أهداف خاصة او لتمرير صفقات تجارية وليست رياضية، وهو ما يجعل بعض الصفقات الرياضية تؤول في نهاية المطاف للفشل، او لابتعاد أصحابها عن المشهد الرياضي، والثاني من يقومون باستثمارات غير مدروسة يغلب عليها الجانب العاطفي على الجانب العقلاني، وذلك بهدف إشباع نهم حب الظهور، ما يؤدي بها إلى الفشل، أو إلى نتائج كارثية؛ بدليل أن بعض الصفقات تمت بأضعاف قيمتها السوقية . ويرجع العبدالوهاب فشل المستثمرين العرب غالباً إلى عدم اختيار النادي المناسب، او لضعف خبرة المفاوض، واعتماده على الوسطاء الباحثين عن مصالحهم، وهو ما يجعل معظم تلك الاستثمارات كسحابة الصيف التي لا تمطر وإن امطرت لا تنفع. أهداف مكشوفة ويشدد الكاتب والمحلل الاقتصادي راشد الفوزان على أن أهداف الاستثمار العربي في الأندية الأوروبية لا يخلو من ثلاثة اوجه، الأول كسب الشهرة والمال، وإذا كانت الشهرة ملموسة فإن تحقيق الربحية بعيدة المنال على الأقل وفق ما هو منظور بدليل ما حدث من المستثمرين الخليجيين في نادي بورتسموث الانجليزي إذ كانت صفقتهم اسرع صفقة فاشلة من وقت الشراء وحتى البيع، أما الوجه الثاني فهو من يبحث عن شهرة، وقد لا يهتم بالربح كثيرا، إذ يدفع في مقابل ذلك اموالاً طائلة كما يحدث في نادي ما نشستر سيتي، إذ الهدف الرئيسي من شرائه هو تحقيق الشهرة عالمياً، أما الوجه الثالث فنراه عند من يبحث عن الشهرة وذلك بإعلان رغبته في شراء ناد ، لكنه ينسحب قبل إتمام الأمور ليعود مجدداً لتكرارها بحثاً عن مزيد من الشهرة دون الدخول في استثمار فعلي.