المؤشر العقاري كما يطلق عليه في الموقع الاليكتروني لوزارة العدل يوصف على أنه خدمة يتيحها الموقع لمن يرغب في معرفة عدد وقيمة صفقات عمليات البيع والشراء للأراضي والعقارات التجارية والسكنية ومقدار مساحاتها المسجلة لدى كتابات العدل الخاصة بالمدن الرئيسية في المملكة خلال فترة محددة ، والبيانات التي يتضمنها الموقع ضمن هذا الإطار بالرغم من اقتصارها على ثلاث مدن رئيسة فقط هي حتى الآن الرياض والدمام والمدينة المنورة تعتبر معلومات ذات قيمة وأهمية في تقييم جانب من جوانب السوق العقاري في المملكة ، إلا أن عناصرها في الواقع لم تكتمل وتعالج على نحو يتيح لها أن تحمل سمة المؤشر الشامل لكافة أوجه هذا السوق كما يوحي العنوان الذي يطلق على تلك البيانات . إلا أنه بتجاوز مسألة العنوان واعتباره مؤشراً أو خلاف ذلك ، فإن البيانات التي ترصد في الموقع المشار إليه تتضمن أرقاماً ضخمة تعكس حجم التداول بالبيع والشراء في السوق العقاري المحلي الذي يبلغ حجمه عشرات المليارات من الريالات سنوياً ، حيث توضح بيانات موقع وزارة العدل في هذا الشأن للعاصمة الرياض أن إجمالي قيمة صفقات شراء أراض وعقارات تجارية وسكنية بالمدينة خلال العام الماضي فقط 1431ه ، بلغت نحو مائة مليار ريال ، تمت من خلال ما يزيد على ستة وتسعين ألف صفقة عقارية ، بلغ متوسط قيمة الصفقة الواحدة منها ما يتجاوز قليلاً المليون ريال وبإجمالي مساحة للأراضي في تلك الصفقات زادت عن السبعمائة مليون متر مربع . ما لم تفصح عنه تلك البيانات وهو بالطبع ما لم يمكن رصده بدقة في هذا الشأن هو قيمة عمولة البيع في إجمالي تلك الصفقات والذي يقدر بنحو 2.5 مليار ريال ، وذلك من واقع ما تنص عليه المادة الخامسة من لائحة تنظيم المكاتب العقارية التي تحدد مقدار تلك العمولة بما لا يتجاوز نسبة 2.5 % من القيمة الإجمالية لبيع أي عقار ، فإذا علمنا أن قيمة الصفقات في العاصمة الرياض يعادل حجمها تقريباً ربع إجمالي قيمة صفقات البيع والشراء للعقارات في المملكة ، أدركنا حينذاك وبسهولة أن مقدار عمولة البيع التي يتم تقاضيها في سوق الوساطة العقارية بمناطق المملكة تبلغ نحو عشرة مليارات ريال يتقاسمها أكثر من أربعين ألف مكتب وسيط عقاري ، منها المرخص ومنها غير المرخص ، يبلغ معدل نصيب المكتب الواحد سنوياً حوالي ربع مليون ريال ، من تلك الاستنتاجات التقريبية يمكن تفسير وجود ذلك العدد الكبير من المكاتب العقارية الفردية التي لا تملك أي رأس للمال ، ويعتقد أن أكثر من سبعين في المائة منها لا تملك رخصة نظامية تعمل في سوق الوساطة العقارية بالمملكة . إن معالجة ذلك الخلل في سوق الوساطة العقارية الذي يتقاطر على عمولة البيع فيه الآلاف من الأفراد وقيامهم بممارسة النشاط في نطاقه على نحو غير نظامي ، بما فيهم شريحة كبيرة من الوافدين يحتم بالفعل أهمية إعادة النظر في نسبة عمولة البيع بالسوق المحلي الضخم للتداول العقاري التي تزيد بالفعل عن تكاليف أعمال الوساطة بمستواها الحالي في هذا السوق ، وتوزيعها على نحو موضوعي وفعال ، وذلك بأن يقتطع من نسبة تلك العمولة جزء قد يصل إلى مقدار 1 % من قيمة صفقات البيع للعقارات في مدن المملكة ليوجه للإنفاق على قنوات التنمية بتلك المدن ، وبالذات الإسكان للأسر السعودية التي يعجز دخلها عن تحقيق احتياجها من هذا المتطلب الأساسي ، وربما أيضاً سد ما ينشأ من عجز في تكاليف تنفيذ شبكة المرافق العامة الأساسية ، فأربعة مليارات ريال مثلاً يمكن تحصيلها سنوياً من عشرة مليارات هي إجمالي حجم عمولة البيع للعقارات في المملكة نستطيع من خلالها توفير ما لا يقل عن ثمانية آلاف وحدة سكنية للأسر السعودية المحتاجة ، أو نجعل آلافاً من قطع الآراضي السكنية غير المتوفر لها شبكة المرافق العامة قابلة للتطوير والبناء عليها عوض أن تذهب تلك الموارد المالية إلى قنوات غير نظامية ، أو جيوب عمالة وافدة .