كشف البيان الإلحاقي الصادر عن وزارة الداخلية الخاص باستشهاد اثنين من رجال الأمن - على الحدود السعودية اليمنية، أثناء متابعتهم للمدعو عبدالله بن صالح الصايل الذي قتل في الحادث عن أبعاد المسؤولية الاجتماعية لذوي المتورطين في أعمال إرهابية - بعد استيفائهم للعقوبات المقررة شرعاً بحقهم في التأكد من سلامة منهجهم وعدم تهديدهم أمن وسلامة المجتمع، والمبادرة بإبلاغ الجهات المختصة عن كل ما يثير الاشتباه في سلوكهم أو تفكيرهم. من الخطأ تحمل وزارة الداخلية أو الجهات الحكومية كل العبء في علاج مشكلة الانحراف أهمية إيجاد إطار مؤسسة مجتمعي لتفعيل دور الأسرة في القيام بالرعاية اللاحقة والمستمرة لأبنائها الذين يفرج عنهم وسطر الحادث صفحة جديدة من بطولات الأجهزة الأمنية وتضحيات شهداء الواجب في التصدي لجماعات التكفير والتفجير للحفاظ على أمن واستقرار الوطن. حول دلالات الحادث وفق ما جاء في بيان الداخلية، عن أن القتيل كان ممن تورطوا في أنشطة الفئة الضالة، الذين تم إدانتهم بحكم شرعي وتم إلحاقه ببرامج المناصحة، قبل أن تكشف التحقيقات أنه المتورط في الاعتداء على دوريتي أمن بالقصيم - أوضح الدكتور خالد بن منصور الدريس المشرف العام على كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري في تصريح ل «الرياض» أن ما حدث لم يكن مفاجئاً للمتابعين والمختصين في دراسة وتحليل أفكار وأنشطة الفئة الضالة الذين يعلمون تفاصيل الخريطة الفكرية للجماعات الإرهابية بكل أدبياتها وأصولها! ويدركون أن شر هذه التنظيمات سوف يستمر - رغم كل التغييرات النوعية التي حدثت إقليمياً وعالمياً خلال النصف الأول من العام الجاري. وأضاف الدكتور الدريس - أن الحادث يؤكد بجلاء أن التحول الذي تبديه الجماعات الإرهابية - هو تحول في التكتيكات فقط بحسب اختلاف الأحوال والمتغيرات والسياقات الزمنية وليس تحولاً باتجاه التخلي عن العنف المسلح أو الإرهاب والتفجير، مؤكداً أنه كان ممن نبهوا إلى أن تنظيم القاعدة سيسعى إلى استغلال الأحداث الجارية في العالم، ويدنس في مجرياتها لتحقيق أهدافه الخبيثة. وحذر الدكتور الدريس من إصدار الأحكام المتسرعة بشأن حدوث تحول جذري في تفكير هذه الجماعات، أو التسليم بأنها سوف تتخلى عن مبادئها، مؤكداً أن الحادث الأخير الذي ارتكبه «الصايل» يجدد الذاكرة ويؤكد أن أصحاب هذه الأيدي الآثمة لن يتخلوا عن عسكرة أفكارهم وخططهم المفخخة. وتطرق المشرف العام على كرسي الأمير نايف للأمن الفكري، إلى ما جاء في بيان وزارة الداخلية من تأكيد على مبدأ المسؤولية الاجتماعية ودور الأسرة في احتواء جنوح أبنائها المفرج عنهم من أعضاء الفئة الضالة، مشيراً إلى أهمية إيجاد إطار مؤسسة مجتمعي لتفعيل دور الأسرة في القيام بالرعاية اللاحقة والمستمرة لأبنائها الذين يفرج عنهم بعد إيقافهم أمنياً بسبب تورطهم في أنشطة الجماعات الضآلة. وقال الدكتور الدريس هناك ما يثبت أن كثيرا من الأسر التي ابتليت بأبناء مثل هؤلاء، لا تمتلك القدرة ولا الدراية ولا الوعي للقيام بمتطلبات الاحتواء الفكري والنفسي أو المساعدة في تنفيذ برامج الرعاية اللاحقة وهو ما يحتم أن تنشط المؤسسات المجتمعية في تصميم برامج لمساعدة تلك الأسر وتدريبها لتكون قادرة على أداء دورها في هذا الشأن. ولفت الدكتور الدريس أنه من الخطأ أن تتحمل وزارة الداخلية أو الجهات الحكومية كل العبء في علاج مشكلة الانحراف الفكري وما يترتب عليها من أعمال إرهابية، لأنها بالأساس مشكلة اجتماعية من غير المقبول أن تتقاعس المؤسسات المجتمعية غير الحكومية عن الاضطلاع بدور فاعل في حلها، مشيراً إلى أن هذا الانحراف مصدره تعصب أسود وتصور مغلوط للمفاهيم والقيم ناتج عن خلل في المنظومة الفكرية يجب أن تتضافر جهود جميع المؤسسات لإصلاحه. واستطرد الدكتور الدريس أن الوقت لم يفت بعد لأن تقوم المؤسسات الاجتماعية باستحداث برامج للرعاية المستمرة، وإعادة تأهيل الفئات المتأثرة بالانحرافات الفكرية وأسرهم لتيسير دمجهم في المجتمع، وتدريب الأسر على أفضل الطرائق لمراقبة الأبناء وتقويم انحرافهم وتقديم العون والمناصحة لهم من خلال خطة تضمن تكامل أدوار مؤسسات المجتمع وتستفيد من مراكز الأحياء والأندية الثقافية والرياضية والجمعيات الأهلية في تصميم برامج تعزز الأمن الفكري وتزيد من المناعة الفكرية لدى الأبناء، وتعزيز قيم الانتماء والترابط والتعاون المحققة للسلام الاجتماعي.