كثيرون صنفوا عصرنا هذا بأنه عصر (المعرفة) وآخرون قالوا عنه: عصر (القرية الكونية) وهي مؤشرات على شكل العلاقة المتوقعة بين سكان هذه الأرض بعد ان سادت (الجغرافيا) وتغلبت والخصوصية المستقلة التي تنافح عنها وتعتز بها كل المجتمعات في اطار خريطة محددة لفكر وفلسفة المجتمع ورؤيته للكون والحياة. هذا التداخل في الحضارات والتمازج في الفكر مصدره الأول (المعرفة) التي انتشرت عن طريق الفضاء الواسع، حتى اصبحت (سلعة) قابلة للصرف، يستطيع كل انسان ان يحصل عليها بضغطة زر من جهازه التقني ليصله بشبكة هائلة من المعلومات الكونية، وهنا يبرز السؤال الأهم الذي ستحدد اجابته المكانة الطبيعية لهذا المجتمع او ذاك وهو: من يملك اصل المعرفة القادر على ابداعها وتسويقها الى العالم؟!. ان الإجابة عن هذا السؤال هي المحرك الأساس لكوامن التنافس العالمي على الصدارة، وقد اتجه العالم الآن بالفعل الى التنافس في تشكيل المعرفة وتصديرها وتسويقها، بعد ان اصبح العقل هو مصدر القوة الأول في عصر النهضة القادم الذي سيغير من خارطة العالم، ليس على مستوى الحدود الجغرافية، بل على الجانب الأهم المتعلق بالتحكم في مقدرات وثروات الأرض، وسيادة القيم والعادات والثقافات، وتوجيه الناس نحو ايديولوجيات معينة تحدد شكل العلاقة التي يريدها الجانب القوي في المعادلة، فإذا استطاع اي مجتمع ان ينشر ثقافته ويبسط هيمنته الفكرية فهو الأقوى وهو الأفضل. من هنا يأتي اهتمام الدول كافة بالعلم والعلماء بوصفهم مصدري المعرفة، وعلى ايديهم سيكتب للشعوب البقاء والتخليد في ذاكرة العالم الرقمي المدهش! لذا اتجهت كافة الدول الى تطوير التعليم وتجويده وابتكار وسائل المنافسة الشريفة بين شبابها كافة في جميع المراحل الدراسية. وقد حقق التعليم في بلادنا الكريمة قفزات نوعية منذ انطلاقة باكورته الأولى عام 1373ه عندما تولى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - ايده الله - وزارة المعارف فكان بذلك اول وزير لها، وتحقق على يديه الكثير من الآمال، وبدأت الآن ملامح جديدة من آليات وطرائق التعليم والتعلم في عهده الميمون، فدفع بكل الوسائل الممكنة للتأقلم مع هذا الواقع المتطور حتى سجلت ميزانية التعليم اعلى الميزانيات. وامتداداً لجهود الدولة تجاه التعليم فقد تنامت طرائق التعبير عن هذا الاهتمام، ومن ذلك جائزة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية الذي اعلن ولادة جائزة سموه للتفوق العلمي عام 1406ه لتكمل عشرين عاما من عمرها المديد وهي تقدم رسالة تربوية هادفة الى ابناء الوطن فقد استطاعت هذه الجائزة ان تحقق سمعة طيبة بين ابناء وبنات المنطقة الشرقية الذين باتوا يخططون لنيل الجائزة منذ بداية كل عام.