توقفت طويلاً أتأمل صورة عمرها ربع قرن نشرتها الرياض قبل ثلاثة أسابيع يظهر فيها مؤسس نادي الهلال الشيخ عبدالرحمن بن سعيد (شفاه الله) تعلو محياه الابتسامة وقد غمرته الفرحة يحمل بين يديه كأساً تذكارياً صغيراً مدعماً بشهادة شكر وعرفان تسلمها لتوه من يد رائد الرياضة السعودية الأول صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل (رحمه الله) خلال رعايته لحفل اليوبيل الذهبي للنادي الأهلي الذي أقيم باستاد جدة عام 1407ه وكرم فيه عبدالرحمن بن سعيد باعتباره أحد الرؤساء السابقين للنادي الأهلي برغم قصر فترة رئاسته بين عامي (1378-1380ه). إلاّ ان الأهلاويين كعادتهم في مثل هذه المواقف لا ينسون كل من خدم ناديهم بصدق واخلاص، شدني في تلك الصورة سعادة الرمز الهلالي الكبير بهذا التكريم الذي وجده من الأهلاويين.. أهل الوفاء وعلى رأسهم الأب الكبير والرائد الرياضي العملاق الأمير عبدالله الفيصل (رحمه الله) الذي كانت تربطه بمؤسس الهلال علاقة تاريخية وطيدة انعكست آثارها الايجابية على مسيرة نادييهما.. فالأمير عبدالله وبسخائه الرياضي امتدت أياديه البيضاء إلى نادي الهلال الذي أحبه ودعمه مادياً ومعنوياً ولم يبخل عليه باللاعبين الكبار الذين قدمهم هدية له في حقبة التسعينيات الهجرية وكانوا نجوماً دوليين مثلوا المنتخبات السعودية في مناسبات خارجية نذكر منهم المهاجم النور موسى (رحمه الله) والجناح الخطير ناجي عبدالمطلوب ونجم الدفاع والوسط فيما بعد عبدالله فودة (العمدة). وفي المقابل عشق عبدالرحمن بن سعيد النادي الأهلي وتعلق به منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الهجري الماضي وتقدم لرئاسته بمسماه القديم (الثغر) بعدما وجده يعيش وضعاً إدارياً سيئاً ويعاني من فراغ كبير جراء ابتعاد عدد من إدارييه ولاعبيه فكان (بن سعيد) يأخذ بمعيته من الرياض كبار لاعبي الهلال مبارك عبدالكريم - صالح أمان (رحمه الله) - رجب خميس (رحمه الله) - محمود الكوش (رحمه الله) لتغطية ذلك النقص في صفوف الثغر قبل التسجيل الرسمي للأندية . وفي النصف الثاني من عقد الثمانينيات الهجرية تنازل عبدالرحمن بن سعيد بكل اريحية عن هداف الهلال الكبير سليمان مطر (الكبش) والمهاجم السريع زين العابدين عقاب والمدافع فايد الشيباني لمصلحة الأهلي حباً وتقديراً لهذا الكيان العملاق. لقد كان وفاء الأهلاويين مع إداريهم ولاعبيهم القدامى مضرب المثل على مستوى الأندية السعودية يتذكرونهم في مناسباتهم ويدعونهم إليها، فبعد وفاة رائد الرياضة الأول الأمير عبدالله الفيصل (رحمه الله) لم ينس أهلاويو اليوم الذين توارثوا القيم الوفائية بقيادة الربان الماهر الأمير خالد بن عبدالله حين وجهوا الدعوة لرئيسهم السابق - بن سعيد - لتكريمه من ضمن الرؤساء السابقين لدى استقبال الأب القائد - حفظه الله ورعاه - لهم بمناسبة حصول النادي الأهلي على درع التفوق العام. وفي المناسبة الأهلاوية الأخيرة هذا العام لتكريم الأمير سلطان بن فهد الرئيس العام السابق لرعاية الشباب.. حرص الأهلاويون الأوفياء على حضور عدد كبير من لاعبيهم القدامى يمثلون أجيالاً مختلفة يتراوح عددهم بين (25-30) لاعباً وذلك بدعوة من رئيس النادي واللجنة المنظمة الرائع فهد بن خالد ونائبه الخلوق أحمد عيد. وأمام ذلك التقدير الكبير والتكريم اللائق الذي حظي به عبدالرحمن بن سعيد من الأهلاويين.. حرياً بنا ان نضع أكثر من علامة استفهام مستغربين استمرار تجاهل الهلال لتكريم مؤسسه الذي يرقد في العناية المركزة - شفاه الله - منذ شهر ونصف الشهر بين أحضان المرض يصارع آلام ولم نر أو نسمع أي بوادر لتكريم مؤسس الزعيم من قبل إدارته الحالية.. وأقلها تأسيس متحف داخل النادي يحمل اسم (مؤسس الهلال) لتخليد اسمه وذكراه التي عطرها (أبو مساعد) بخدماته الجليلة وتضحياته الكبرى لشباب ورياضة وطنه منذ (65) عاماً بتأسيسه ودعمه السخي لأكثر من ناد حقق الكثير من الإنجازات والنجاحات للرياضة السعودية على الساحة الخارجية. وحين كرمه الاتحاد الآسيوي بنجمته الذهبية في وقت سابق من هذا العام تحامل (بن سعيد) على نفسه برغم مرضه وسافر إلى الدوحة ليحظى بهذا التكريم الذي اعتبره (أبو مساعد) تكريماً لناديه أكثر من شخصه سيما وأنه أقيم بحضور رئيس الفيفا جوزيف بلاتر ورئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام. وعندما عاد (مؤسس الهلال) إلى الرياض لم يجد في استقباله في المطار غير أبنائه ولم تفكر الإدارة الحالية بتثمين هذه المناسبة القارية واستثمارها بأحسن تكريم لمؤسس ناديها ورمز الهلال الأول والخالد في قلوب وذاكرة محبي الزعيم!!