استمعت من احدى القنوات الفضائية حيثيات قرار لجنة الاستئناف المؤيد لقرار لجنة الانضباط، الذي كان يتضمن أخطاء قانونية، ومبررات ضعيفة لم ترق لدرجة القطعية، وللأسف الشديد انه كان صادراً من (3 محامين ممارسين لعمل المحاماة)، وكان ذلك على النحو التالي: أولاً: تضمن قرار لجنة الاستئناف ان لجنة الانضباط «لجنة قضائية» وهذا خطأ كبيراً جداً لا يفترض ان يمر على هؤلاء المحامين لكونه من ابجديات العمل القانوني، إذ ان هذه اللجنة لجنة ادارية وليست لجنة قضائية لكون كافة أعضاؤها ليسوا قضاة، ويمكن التفريق بين اللجان بحسب طبيعة الأعضاء المشاركين فيها كما يلي: أ/ اللجنة الإدارية: وهي اللجان التي يكون أعضاؤها كافة ليسوا قضاة كلجنة الانضباط كما ذكرت آنفاً، وأيضاً لجنة الاستئناف لانطباق المعايير نفسها عليها. ب/ اللجنة شبه القضائية: وهي اللجان التي يكون بعض اعضائها قضاة وليس كل الأعضاء. ج/ اللجان القضائية: وهي اللجان التي يكون كل أعضائها من القضاة. ثانياً: ان قرار الإدانة بحق الناديين استند على قرائن ضعيفة لكونها تقوم على الشك والشبهة والدخول في ذمم الآخرين وافتراض وجود اتفاق مسبق من دون أن يكون لدى هذه اللجان سوى تقارير الحكام والمقيم الذين قطعوا يقيناً بوجود اتفاق استناداً على قرينة تأخر الناديين عن الدخول بضع دقائق، فضلاً عن عدم التحقيق في الموضوع قبل اصدار الحكم من لجنة الانضباط وهذا عيب قانوني كان يفترض على لجنة الاستئناف ملاحظته، ولكن للأسف الشديد أيدت القرار من دون أي إشارة لهذا الجانب الهام، وهذا ما يتناقض مع طبيعة هذه اللجان باعتبارها لجان حكم (مع عدم قناعتي بوجودها لكونها تخالف معايير وضوابط المحاكمات العادلة)، التي يفترض ان يكون حكمها مسبباً ومدعوماً بالأدلة القطعية اليقينية التي لا تقبل أي تفسير خاطئ. ثالثاً: ان مبدأ العدالة لا يتحقق في الأحكام إلا بوجود حالتين فقط لمصير المتهم، فإما إدانة، وإما براءة من التهمة المنسوبة إليه، ويجب تسبيب كل حالة بأدلتها وقرائنها القطعية، وليس الظنية لأن مراحل المتهم ابتداء من اجراءات الاستدلال لا تخرج عما يلي: - مرحلة وجود اشتباه، أو شك في متهم ما، وهنا يجب على رجال الضبط الجنائي جمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام استناداً للمادة (24) من نظام الاجراءات الجزائية (باعتباره النظام العام الاجرائي للقضايا الجزائية في المملكة). - مرحلة التحقيق مع المتهم ورفع الدعوى، وفيها يتحدد مسار اتجاه الدعوى إما إلى حفظ الاتهام لعدم كفاية الأدلة، وإما إلى رفع دعوى أمام المحكمة المختصة بتكامل الأدلة، وفقاً لمقتضى المادتين (124،126) من هذا النظام. - مرحلة الحكم، وفيها يجب توفر عنصرين هما: * أن يكون الحكم مسبباً ومدعوماً بالأدلة والحجج التي يرتكز عليها بناء هذا الحكم تكييفاً وحكماً، بموجب ما قررته مقتضيات المادتين (180، 182) من نفس النظام. * ألا يخرج الحكم عن حالتين لا ثالث لهما فإما إدانة بالتهمة، وتوقيع العقوبة على المتهم عند تحقق يقينية الأدلة المقدمة أثناء نظر الدعوى، وإما براءة عن هذه التهمة وإخلاء سبيل المتهم من الدعوى محل النظر، من دون ايقاع أية عقوبة عليه بسببية الاشتباه أو الشك لأن التمسك بمثل هذه السببية، يعتبر غير ذي محل، إذ إن الاشتباه والشك مرحلة ابتدائية تكون عادة في مرحلة الاستدلال، وليس في مرحلة الحكم، التي يجب ان تكون سمتها اليقين والقطعية في الأدلة المقدمة، وذلك كله يأتي استناداً للمادة (174) من نظام الاجراءات الجزائية التي تنص على: (تسمع المحكمة دعوى المدعي العام ثم جواب المتهم، أو وكيله، أو محاميه عنها، ثم دعوى المدعي بالحق الخاص، ثم جواب المتهم، أو وكيله، أو محاميه عنها، ولكل طرف من الأطراف التعقيب على أقوال الطرف الآخر، ويكون المتهم هو آخر من يتكلم، وللمحكمة أن تمنع أي طرف من الاسترسال في المرافعة إذا خرج عن موضوع الدعوى، أو كرر أقواله، وبعد ذلك تصدر المحكمة حكماً بعدم إدانة المتهم أو بإدانته وتوقيع العقوبة عليه، وفي كلتا الحالتين تفصل المحكمة في الطلب المقدم من المدعي بالحق الخاص). والمادة (187) من نفس النظام التي تنص على: (متى صدر حكم في موضوع الدعوى الجزائية بالإدانة، أو عدم الإدانة بالنسبة إلى متهم معين فإنه لا يجوز بعد ذلك أن ترفع دعوى جزائية أخرى ضد هذا المتهم عن الأفعال والوقائع نفسها التي صدر بشأنها الحكم.. الخ). ولكل ما تقدم فإنه يتضح مما أشير إليه تأسيساً على مقتضيات أحكام نظام الاجراءات الجزائية، ان حالة المتهم أمام القضاء لا تخرج عن حالتين فإما إدانة بالتهمة وتوقيع العقوبة على المتهم عند تحقق يقينية الأدلة المقدمة أثناء نظر الدعوى، وإما براءة من هذه التهمة وإخلاء سبيل المتهم عند انتفاء اليقين والقطعية المؤكدة للأدلة المقدمة خلال نظر الدعوى. نقاط أخيرة: * الحاجة ماسة لانشاء محاكم رياضية: بعد صدور الأنظمة العدلية أصبح الفصل في جميع القضايا يتطلب أن يكون اصدار العقوبات سواء السجن أو الغرامات المالية الجسيمة بناء على حكم نهائي بعد محاكمة تجرى وفقاً للوجه الشرعي يحصل فيها الأطراف على حقوقهم النظامية بما في ذلك الاستعانة بمحام استناداً لمقتضى المادتين (3، 4) من نظام الاجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/39 وتاريخ 28/7/1422ه، وأكدت هذا الأمر المادة (25) من نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/78 وتاريخ 19/9/1428ه. وتفادياً للدعاوى المثارة ضد اللجان التي تمارس اصدار العقوبات، في ظل ممارسة من غير ذي صفة، فإن على الرئاسة العامة لرعاية الشباب سرعة التنسيق مع وزارة العدل لانشاء محاكم رياضية (أو في الرفع للمقام السامي الكريم بشكل عاجل بهذا الخصوص)، خاصة وأن المادة (172) من نظام الاجراءات الجزائية قد أعطت للمحكمة صلاحية الاستعانة بأهل الخبرة، لابداء الرأي في مسألة فنية متعلقة بالقضية محل المحاكمة، إذ انه بصدور التقرير الفني من الخبير المختص بالمسائل الرياضية، فإن ذلك سيساهم في توجيه مسار القضية إلى استجلاء الحقيقة المرتكزة على القرائن والأدلة القطعية، التي لا تقبل الشك أو الشبهة، وهذا بلا شك من العوامل المسرعة لتحقيق ذلك (سبق ان كتبت مقالاً بصحيفة «الرياض» منذ ما يزيد على سنتين ونصف عن موضوع أهمية وجود محاكم رياضية، ولكن للأسف الشديد لم يجد أي استجابة لتفعيله). * ضرورة المحافظة على حقوق نادي الوحدة: ان مجلس إدارة نادي الوحدة مسؤول مسؤولية كاملة عن مصالح الوحدة أمام الله ثم أمام جماهير النادي، لذا يجب عليهم عدم الوقوف عند قرار لجنة الاستئناف بل طرق كافة الأبواب المتاحة داخلياً ثم خارجياً ممثلاً في الاتحاد الدولي لكرة القدم، طالما انهم مقنعين بوجاهة محاولاتهم لسلامة موقفهم بهذا الصدد وفقاً لما تمت الإشارة إليه والله الموفق. * مستشار قانوني ومحكم معتمد وعضو عامل بجمعية حماية المستهلك