اكد المستشار القانوني ظافر بن عبدالله بن خرصان ان مبدأ العدالة لا يتحقق في الاحكام الا بوجود حالتين فقط لمصير المتهم فإما إدانة، أو براءة من التهمة المنسوبة إليه، ويجب تسبيب كل حالة بأدلتها وقرائنها القطعية، وليس الظنية لأن مراحل المتهم ابتداء من اجراءات الاستدلال لا تخرج عن مرحلة وجود اشتباه، أوشك في متهم ما، وهنا يجب على ر جال الضبط الجنائي جمع المعلومات والادلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام استناداً للمادة (24) من نظام الاجراءات الجزائية. ومرحلة التحقيق مع المتهم، وفيها يتحدد مسار اتجاه الدعوى إما الى حفظ الاتهام لعدم كفاية الادلة، أو رفع دعوى امام المحكمة المختصة بتكامل الادلة، وفقاً لمقتضى المادتان ( 124و126) من هذا النظام. ومرحلة الحكم وفيها يجب توفر عنصرين هما: ان يكون الحكم مسبباً ومدعوماً بالأدلة والحجج التي يرتكز عليها بناء هذا الحكم تكييفاً وحكماً، بموجب ما قررته مقتضيات المادتين (180و 182) من نفس النظام وإلا يخرج الحكم عن حالتين لا ثالث لهما فإما إدانه بالتهمة وتوقيع العقوبة على المتهم عند تحقيق يقينية الادلة المقدمة اثناء نظر الدعوى، وإما براءة من هذه التهمة وإخلاء سبيل المتهم من الدعوى محل النظر، دون ايقاع اية عقوبة عليه بسببية الاشتباه أو الشك لأن التمسك يمثل ذلك يعتبر غير ذي محل، إذ ان الاشتباه والشك مرحلة ابتدائية تكون عادة في مرحلة الاستدلال، وليس في مرحلة الحكم، والتي يجب ان تكون سمتها اليقين والقطعية في الادلة المقدمة. وذلك استناداً للمادة (174) من نظام الاجراءات الجزائية التي تنص على: (تسمع المحكمة دعوى المدعي العام ثم جواب المتهم، او وكيله، او محاميه عنها، ثم دعوى المدعى بالحق الخاص، ثم جواب المتهم، او وكيله، او محاميه عنها، ولكل طرف من الاطراف التعقيب على اقوال الطرف الآخر، ويكون المتهم هو آخر من يتكلم، وللمحكمة ان تمنع أي طرف من الاسترسال في المرافعة إذ خرج عن موضوع الدعوى، أو كرر اقواله، وبعد ذلك تصدر المحكمة حكماً بعدم ادانة المتهم او بإدانته وتوقيع العقوبة عليه، واضاف المستشار ظافر في كلتا الحالتين تفصل المحكمة في الطلب المقدم من المدعي بالحق الخاص). وللمادة (187) من نفس النظام التي تنص على: (متى صدر حكم في موضوع الدعوى الجزائية بالادانة، أو عدم الادانة بالنسبة الى متهم معين فإنه لا يجوز بعد ذلك ان ترفع دعوى جزائية اخرى ضد هذا المتهم عن الافعال والوقائع نفسها التي صدر بشأنها الحكم). وقال مما تقدم فإنه يتضح ما اشير اليه تأسيساً على مقتضيات احكام نظام الاجراءات الجزائية، ان حالة المتهم امام القضاء لا تخرج عن حالتين فإما ادانة بالتهمة وتوقيع العقوبة على المتهم عن تحقق يقينية الادلة المقدمة اثناء نظر الدعوى وإما براءة من هذه التهمة واخلاء سبيل المتهم عند انتفاء اليقين والقطيعة المؤكدة للادلة المقدمة خلال نظر الدعوى، وهذا ما تعارف عليه الفقه الإسلامي والنظام المقارن، مما يعني انه لا توجد حالة ثالثة تسمى الشبهة والشك، لاسيما وان الحدود في الشريعة الإسلامية تدرأ بالشبهات، فما بالك بالتعزيرات فهي من باب اولى اجدر ان تطبق عليها هذه القاعدة تحقيقاً للأصل العام، وهو البراءة.