لم يكن الحديث عن ضرورة تغيير توقيت لعب المباريات في الاستحقاقات الكروية المحلية وليد الموسم الجاري، بل هو قديم جداً، إذ طرح منذ زمن بعيد ومن غير جهة، حيث كان للكثيرين وجهات نظر في هذا الشأن، ما بين من كان ينادي بحتمية أن تقام المباريات وفي جميع المناطق عصراً؛ خصوصاً في فصل الشتاء، وما بين من نادى بحتمية أن تقام المباريات مساءً؛ ولكن مع ضرورة أن تقدم مواعيدها بحيث يقام شوطها الأول بعد صلاة مغرب المدينة التي تقام فيها المباراة، والشوط الثاني بعد صلاة العشاء فيها، وذلك تجنباً لتأخر وقت انتهاء المباريات، والذي ظل أحد أبرز السلبيات التي عانت منها المسابقات السعودية، والتي ألقت بظلالها على كثير من الأمور، غير أن رياح التعنت تارة والتقاعس تارة أخرى ظلت تذرو كل تلك الاطروحات موسماً بعد آخر في ظل تمسك أصحاب القرار بضرورة بقاء الحال على ما هي عليه؛ بذريعة ضرورة مراعاة مسألة توقيت صلاة العشاء في مكةالمكرمة، والذي يتعارض من وجهة نظرهم مع أي رغبة للتقديم. ووسط هذا التجاذب في وجهات النظر ظلت القضية في حالة مراوحة لسنوات حتى وضعت المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين مانشستر يونايتد وبرشلونة والتي أقيمت أمس الأول (السبت) الاتحاد السعودي في مأزق، إذ أن موعدها يتعارض مع إقامة المباريات الافتتاحية لمسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين للأندية الأبطال، ما سيؤثر بطبيعة الحال سلباً على كل الأمور سواء الجماهيرية أو الدعائية، وأمور أخرى كثيرة، وهو ما دفع لجنة المسابقات لاعتماد تقديم موعد مباراتي الهلال والفيصلي والوحدة والاتفاق بحيث تلعبان في أعقاب صلاتي المغرب في الرياض حيث تقام المباراة الأولى، وفي مكةالمكرمة حيث تقام المباراة الثانية، وباعتمادها للقرار جاء النجاح باهراً وملموساً في كثير من الجوانب وعلى طريقة "رب ضارة نافعة". فاتحاد الكرة الذي أحرز النجاح في التوقيت الجديد الذي أقره في مباراتي الهلال والفيصلي، والوحدة والاتفاق من شأنه إحراز النجاح أكبر في قادم الأيام في حال أعاد تكرار التجربة؛ خصوصاً وأن النتائج الإيجابية ستتضاعف خصوصاً في المباريات الجماهيرية حيث ستتضاعف أعداد الحضور الجماهيري، لاسيما وأن غالبية الجماهير هم من طلبة المدارس والجامعات، ما يعني أن التوقيت المبكر سيتيح لهم الحضور ومن الأعمار كافة، فضلاً عن أنه سيسمح أكثر لسكان المدن والقرى الأخرى بحضور المباريات، إذ إن انتهاء المباريات في توقيت مبكر سيمنحهم الفرصة في العودة المبكرة لمناطقهم، فضلاً عن مثل هذا التوقيت سيقلل من أزمات الطيران التي ظلت تعاني منها الأندية، إذ من الممكن ان يسمح باللحاق على غير رحلة للعودة بالنسبة للأندية التي ستلعب خارج مدنها، هذا بخلاف ما يسببه تأخير انتهاء المباريات من مردود سلبي على اللاعب المحترف الذي يفترض أنه ملتزم بأوقات معينة للنوم، في حين ان الحقيقة تؤكد بان تأخر المباريات يضر اللاعبين للسهر حتى ساعات الصباح الأولى، فضلا عما يسببه من تغير في الساعة البيولوجية والتي تنعكس سلباً على صحة اللاعب. وبالإضافة إلى ذلك فإن التوقيت المبكر للمباريات سيمنح وسائل الإعلام فرصة أكبر لتوسيع تغطياتها الإعلامية، سواء بالنسبة للقنوات الفضائية، أو الصحف اليومية، إذ كلما تأخر وقت انتهاء المباريات كانت التغطيات أضيق نطاقاً، وبخلاف ذلك فإن تضاعف أعداد المشاهدين وتوسيع وقت ومساحة التغطيات الصحفية يمكن أن يوسع مساحات الإعلان، وهو ما سيعود بالنفع على الجميع، بدءاً باتحاد الكرة ومرورا بالأندية والجماهير والإعلام وكذلك المعلنين، وكل من هم على تماس مع المباريات في الاستحقاقات المحلية.