جاءنا خبر أليم قبل أيام آلمنا وأبكى الفؤاد قبل العين .. بوفاة ابن عمي " الحبيب الطاهر " ناصر بن عبدالله الشثري .. وهو أمر آت لكل إنسان لا محالة، ولا نملك إلا أن نمتثل لإرادة الله سبحانه وتعالى. ولو أن لنا حيلة في رده لما جعلناه يدق أبواب أقاربنا وأحبابنا.. لكن الموت حقيقة وسنة ربانية، وهي علينا من أصعب أنواع الفراق.. ولكن ليس لنا من بُد سوى الإيمان بقضاء الله وقدره، والدعاء لك يا أبا نايف بالغفران ودخول الجنان والنجاة من النيران. على مر الأيام القادمة سنتجرع مرارة وآلام فراقك، ولكن نعدك أننا لن ننساك بإذن الله من الدعاء لك ولأبنائك " نايف وسارة وغالية وعبدالله وراكان ولأمهم " من بعدك. وليعلم أحبابك أنك رحلت لمن هو أحن من الأم على ولدها إلى رب العباد فقد أخذ وديعته إليه وهو أرحم الراحمين. ولكن ما يسلينا ويهوّن علينا مصابنا الجلل .. عندما نقرأ قول الله تعالى: ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) ( فصلت : 30 ). إن العبد عندما يوفقه الله لحسن الخاتمة قبل موته بالابتعاد عن ما يغضبه سبحانه وتعالى، ويكون مُقبلاً على الطاعات، وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك وهو على هذا الحال الحسنة ، فهذا يغبُط كثيراً، ولكن ما بالك إذا كان مثل أبي نايف ونحسبه كذلك إن شاء الله ولا نزكي على الله أحداً منذ نشأته حتى وفاته لم نسمع أن أحداً تأذى أو اشتكى منه، نشأ في طاعة الله محافظاً على صلواته ، عاملاً بكل فعل يرضي الله. لقد سمعت من شقيقك عبد العزيز كلمتين وصفك بهما لن أنساهما ما حييت لأنهما بالفعل تمثلان أخلاقك وحقيقة تعاملك، فأثناء مرضك دخل عليك وأنا آراه، ثم وضع يده على رأسك وهو يتحسّر ويبكي وهو يقول هذا أخوي " الحبيب الطاهر ". نعم يا ناصر لقد كنت تحمل بداخلك حب الخير للجميع، وتحمل النقاء والطهارة، ولم تجعل في قلبك غلاً أو ضغينة على أحد. كنت محباً للمسجد، تعود المريض، وحريص على الاجتماعات، وتلبية الدعوات، وزيارة الأقارب. يحدثني زميل الفقيد في العمل لقد كان ناصر رحمه الله ينتظر بفارغ الصبر الإجازة الصيفية للذهاب إلى جدة تبعاً لعمله، ليس السبب للاستجمام، وإنما لكونه سيكون قريباً من مكةالمكرمة، فلقد كان لا تحين له فرصة إلا ويستغلها للذهاب للحرم المكي الشريف، ليؤدي صلاة فرض أو فرضين ثم يرجع إلى جدة. كما روى لي أحد أقاربي أن من شدة حرصه وتعلّقه بالمسجد، والاهتمام به ،أنه في فترة إجازة عامل المسجد كان يداوم على تنظيف وترتيب المسجد ويحرص على أن لا يراه أحد، خوفاً على نفسه من الرياء والسمعة. فهنيئاً لك بما قدمت لنفسك من خير في السر والعلن. وأخيراً أدعو الله أن يغفر لك ويسكنك فسيح جناته، ويجبر مصابنا ومصاب والديك وأبنائك وبناتك وإخوانك وزوجتك، ويعوضهم الله فيك خيراً.. آمين