} في الماضي كانت بلادنا شحيحة الموارد وكنا نعاني مثل غيرنا من شظف العيش والفقر والأمراض والأوبئة. كان شبابنا يغترب في سبيل السعي لكسب الرزق الحلال،وكبارنا ينشدون الهند والسند للتجارة وتبادل المنافع. وبالرغم من صعوبة ظروف الحياة وتقشف المعيشة إلا أن أغلب الناس كانوا يسكنون بيوتاً ملكاً تؤويهم وأسرهم من الأولاد والأحفاد. ويملكون مزارع يتوارثونها جيلاً بعد جيل، يحرثونها ويزرعونها ويعيشون مما يجنونه مما يجود به خيرها من خضار وفواكه وما يثمره نخيلها من تمر ينقط منه الدبس. وكانوا يرعون مواشيهم في مرابعها وينعمون بما يحلبونه منها من لبن يستخلصون منه السمن والزبد والإقط. كانت حياتهم بسيطة وكانوا قانعين بمارزقهم به ربهم ممتنين وشاكرين لنعمه. الآن وبعد اكتشاف النفط وما منّ الله به علينا من خيرات منحتنا إياها بلادنا مما تفجر من باطنها من ثروات جعلت العالم كله يركض وراءنا ويسعى للحصول على هذا الكنز الثمين المحرك للطاقة والتنمية في الدنيا كلها. نجد أن هذه الثروة لم تنعكس على مستوانا المعيشي! ففي حين أصبح شباب العالم يأتي ليغترب عندنا،يعاني أبناؤنا من البطالة وقلة فرص العمل. صارت بلادنا وجهة تجار العالم وأغرقت منتوجاتهم وبضائعهم أسواقنا،إلا أن معظمنا يشتري أجهزته واحتياجاته بالدين والتقسيط. كنا نسكن بيوتاً ملكاً وأصبح أغلبنا يسكن بالإيجار، والبيت الملك أصبح حلماً يصعب مناله يوماً بعد يوم. المزارع أضحت ملكاً كمالياً لاينعم به إلا النخبة. والماشية صارت سلعاً تتداول بأسعار خيالية وتقدر أثمانها بجمال لايراه إلا عين راعيها! عائدات الثروة النفطية لم تساعدنا لنعيش حياة أفضل بمقياس عصرنا الحاضر، فلا التعليم لدينا متميز ولا الرعاية الصحية مثالية ولا الحياة الاجتماعية ووسائل الترفيه متاحة ومتوفرة. إن كثيرا من الدول التي تتلقى المساعدات منا ينعم مواطنوها برفاهية أفضل مما لدينا؛ فمستوى التعليم والصحة لديهم أعلى منا، ولذا يقصدهم مواطنونا ليتعلموا أو يتلقوا العلاج! ويشدون الرحال إليهم في كل إجازة للتمتع بوسائل الترفيه التي يفتقدونها وللاستجمام والتحرر من القيود وزحام المواصلات وضغوط العمل. إننا نحتاج لمراجعة إستراتيجياتنا وخططنا التنموية وتقييمها وقياس مدى ماقدمته مشاريعنا للمواطن من تطوير في أسلوب حياته ومستوى رفاهيته.