لماذا تنهار بعض الشركات وتتهاوى كثير من المؤسسات والمنظمات الخاصة والعامة؟ وما أسباب أن أكثر من ثلثيْ حكومات عالم اليوم تغوص في مشكلات ومحاكمات؟ لو حلّلنا جذور معظم هذه الإشكالات لوجدنا ان القاسم المشترك بينها هو "سوء" اختيار "الرجال" المعنيين بالإدارة والاستشارة خاصة حينما تكون معايير اختيارهم مبنيّة على "الثقة" بالقرابة والنسب والمصالح. لا اعتراض على حق أي "مدير" في أن يكون حوله في حياته الخاصة مقربون ومتزلِّفون بل وحتى من يتمتّعون بمهارات جمع والتقاط "النكات" والسخريّة لكسب رضاه .. لكن الحذر هو في أن يختلط الخاص بالعام. وتبدأ المأساة حين يعهد(المسؤول) لحظة مباشرة مسؤولياته إلى من (يثق بهم) مهمة اختيار فريق عمله ومساعديه لتبدأ بينهم لعبة رسم المصالح والرغبات بهدف الاستحواذ على صناعة القرار من خلال "هندسة" توزيع الأدوار مع "القادمين" الجدد. فاذا كنت ممن قدّر الله عليه أن يعتلي منصة " المسؤول " فعسى أن يسمح وقتك لتأمل عشرة أسئلة خفيفة على أمل أن تجنبك مواجعها مواجهة عشرات الأسئلة الغليظة التي ستُطرح عليك يوما ما حينما ينفضّ المنتفعون في أقرب أزمة قادمة. أولا: هل يوجد بين أهل ثقتك الإداريّة من يفوقك علما ورأيا، أم أنك توقن ألا شبيه لك كفاءة ورؤية وأنك الملهم الوحيد؟ إن كنت الأوحد العبقري - كما يقولون لك - فاعلم ان اقرب أزمة قادمة من عمق المجهول ستلتهم كل ثقتك بنفسك. ثانيا: هل يوجد وسط مقربيك من يقول "لا" حينما يتبارى المقربون على قول "نعم" لكل قراراتك؟ إن كانت جوقة "نعم" وحدها من تطرب أذنيك صباح مساء فستسمع "لا" صاخبة مدويّة وقت حاجتك إلى كل الرحمة ممن لا يجيدون "نعم". ثالثا: هل يتواصى الفريق الإداري على ألا "يسمعوك" ما يعكّر مزاجك ؟ إن كنت من هؤلاء فقد وجب عزاء منظمتك وإن تأخر موعده. رابعا: هل تختار في صحبتك الكفؤ أم تغلّب تقاطعات المصالح وتوازنات المراكز وصناعة صورتك؟ إن كنت كذلك فلن تدوم الحال إلا بمحال. خامسا: هل الشكاوى والرسائل المجهولة وحدها التي تعرفك بتأثير قراراتك السلبيّة على حياة الناس ؟ من وكيف يصنع القرار إذاً؟ سادسا: هل لملمت من خلال وظيفة "مستشار" شلّة الأصحاب والزملاء والمقربين أم انتقيت المبدعين المتميزين؟ فكّر مرة أخرى؟ سابعا: هل صنعت قيادات وتبنيت كفاءات أم استبعدتهم واكتفيت بالمساعدين الضعفاء ظلالا لك خشية المنافسة؟ إن كانت الإجابة "نعم" فلا تنظر للمرآة فستجد أمامك شخصا مخيفا يصنع نهايته. ثامنا: هل أطلقت يد المتنفذين ليديروا شؤون منظمتك كيفما شاءوا باسمك وتحت نظرك ؟ إن كنت كذلك فليتك تقرأ عيون الصامتين. تاسعا وعاشرا: هل " القوي" "الأمين" من صفات المساعدين والمستشارين الذين اخترتهم؟ إن كنت ممن يخشى هؤلاء فاعلم أن كل يوم نجاة لمنظمتك سيقرب العد التنازلي للأيام المتبقية في حياتها. ** مسارات قال ومضى: لا ينزعج من الحقيقة .. (إلا) ..من اتّخذ الهوى رفيقه.