(في وداع خالتي / صديقتي : شيخة) وداعاً .. يا صاحبة القلب الهش والعيون الرطبة والدموع السيالة . وداعاً .. يا سيدة الدموع دموع الحزن دموع الفرح ، سيان الدموع هي سيدة المواقف عندها هي وسيلة التعبير .. حزناً وفرحاً ! وداعاً .. يا سيدة الدموع الهطالة والشفاه المتبتلة والسبابة الشامخة خضوعاً لله وداعاً .. يا أخت أمي وبنت أمي وصديقة أمي ياما رأيتكما معا تبكيان وداعاً بانتظار زيارتك القادمة آه .. ما أبعد زيارتك القادمة ! وداعاً .. يا خالتي وصديقة زوجتي ما أجمل حين كنت تنسقين معها مجيئك في الصيف من حفر الباطن مع مجيئنا من باريس كان هذا هو القاسم المشترك الوحيد بين باريس وحفر الباطن ! ما أصغر الدنيا .. كأننا نعيش في قرية واحدة .. بل في " حفرة " واحدة . آه .. من " الحفرة " ! وداعاً .. وأنت تغادرين من الحفر الى الحفرة بعد أن حفرت الدموع في خديك أخدوداً حزناً .. فرحاً.. ألماً .. خوفاً . حين التقيتك لآخر مرة في ديسمبر الماضي ، قلتِ لي كعادتك دوما : متى ستأتون للرياض هذا الصيف ؟ أجبتك مبشراً : هذه السنة سنصوم رمضان كله في الرياض بإذن الله . سكتّ للحظة ، وقد عهدتك دوما تجيدين لغة السكوت أفضل من لغة الكلام ثم قلت : يمكن ما أصوم رمضان في الرياض . سألتك فوراً ، وقد عرفناك كلنا معلمة قلبك معلق بالمدرسة ، : ليه تصومين في الحفر ورمضان إجازة مدارس هذا العام ؟ وما كنت أدري أنك ستصومين رمضان في " الحفرة " .. تقبلك الله في الصالحين . ***** آه .. يا أحبابي ، من بعد العولمة زالت كل أعراض " الغربة " .. سوى فراق الحبايب. ليس أقسى على النفس من أن تعلم " عن بعد " موت حبيب أو قريب أو صديق . تشتهي أن تكون في الوطن ، ليس من أجل صلاة الجنازة مع الآخرين بل وأيضا ، من أجل البكاء مع الآخرين . آه ، ما أقسى أن تبكي وحدك .. مع عائلتك الصغيرة .. وحدكم . وداعا .. يا خالتي الدامعة وداعاً ، إلى جنة ليس فيها دموع إلى رحمة الله يا " شيخة "