اتجهت المملكة مؤخرا إلى التوسع في نظام التعليم عن بعد ، وأنشأت وزارة التعليم لهذا الغرض مركزا مستقلا يحمل اسم " المركز الوطني للتعلم الالكتروني والتعليم عن بعد " وقد صدرت مؤخرا اللائحة التنظيمية لهذا النوع من التعليم ، ومن جهتها تتنافس الجامعات السعودية على فتح برامج تعليمية في هذا المجال ، لكن الملاحظ أن جميع البرامج المطروحة هي برامج لدرجة البكالوريوس وهذا الكلام ينطبق على نظام الانتساب بينما لايوجد أي برنامج للدراسات العليا بنظام التعليم عن بعد أو الانتساب واعني الماجستير والدكتوراه وحينما تسأل المسئولين وذوي العلاقة بالجامعات لا يعطونك إجابة واضحة ومحددة ، وهنا تبدو مفارقة غريبة فالطلاب في الدراسات العليا وصلوا إلى مرحلة من النضج المعرفي والخبرة العملية في تخصصاتهم وبالتأكيد درسوا في الجامعة طرق وأساليب البحث ما يجعلهم قادرين ومؤهلين على التحصيل والبحث والإضافة دون التزام بالحضور بل إن بعضهم يفوق في معارفه وخبراته وتماسه مع الميدان التطبيقي بعض أساتذة الجامعات ، بينما يجهل طلاب البكالوريوس الملتحقين بنظام الانتساب أو التعليم عن بعد طريقة وطبيعة الدراسة الجامعية وطرق البحث ومع ذلك تشرع الأبواب أمامهم ،طبعا أنا لا اعترض على برامج البكالوريوس ولكنني أحاول أن افهم أسباب عدم طرح برامج للدراسات العليا بهذا النظام ، فالموضوع يبدو معكوساً فإصرار الجامعات على عدم طرح برامج للدراسات العليا بنظام الانتساب " البحث " أو بنظام التعليم عن بعد والتشديد على أن تكون الدراسة بالانتظام نظام أمر ليس له مبرر على ارض الواقع ، فالذين يرغبون في استكمال دراستهم العليا غالبا هم من المهتمين بتخصصاتهم بمعنى إن أكثرهم غير مجبورين وربما لا تفيدهم الشهادة في وظائفهم وترقياتهم وإنما يدفعهم الولع المعرفي وربما الاعتبارات الاجتماعية وهذه لابأس بها مادام أنها لاتؤثر في جودة وقوة التحصيل العلمي وجدارة الشخص في الحصول على الشهادة. إنني استغرب تنافس الجامعات على طرح برامج لدراسة البكالوريوس بأنظمة الانتساب ونظام التعليم عن بعد وإحجامها عن طرح برامج للدراسات العليا رغم أن لائحة التعليم عن بعد ونظام الانتساب لم تتطرق إلى مستوى ودرجة الشهادة كما أن عددا من السعوديين والسعوديات يضطرون إلى الدراسة بهذا النظام خارج المملكة وأظن أن جامعاتنا أحق بهم من غيرهم ، ثم إن الجامعات تستطيع إن تضع ضوابط ومعايير احترازية تضمن جدية الدارسين وجودة الدراسة وأحقية الدارس بالحصول على الشهادة ، وقبل فترة صرح معالي وزير التعليم العالي د.خالد العنقري بان الوزارة ستنتهي خلال شهرين من دراسة حول الاعتراف والاعتماد للعديد من المؤسسات الخارجية التي تقدم برامج للدراسات العليا عن طريق الإنترنت من خلال لجنة المعادلات بوزارة التعليم العالي منوهاً أن الوزارة ستقوم بإعلان أسماء المؤسسات المعتمدة والبرامج المعترف بها عبر مواقع وزارة التعليم العالي على الشبكة العنكبوية قبل نهاية العام الهجري الحالي ، ومضت الشهرين وانتهت السنة الهجرية ولم نر شيئاً على ارض الواقع .. فهل تسبق جامعاتنا هذه الخطوة وتستوعب أبناء الوطن الطامحين بمزيد من التحصيل العلمي ؟ ..هذا ما أتمناه .