على طريقة ديوجين أفكر بحملِ مصباح في رابعة النهار لأبحث عن رجلٍ نزيه..! لا يعني هذا عدم وجود الشرفاء من الوطنيين الذين اختطوا النزاهة منهجاً لحياتهم، فالدنيا فيها الصالح كما فيها الطالح. إنما الذي أثار طرح هذه الفكرة (الفانتازية) هو بيان وزارة الداخلية حول تحويل أكثر من 300 موظف وجهات اعتبارية لهيئة التحقيق والادعاء العام بتهمة تورطهم في قضية واحدة في مدينة واحدة لحدثٍ واحد. ثم تأكد لي ولغيري أن الوقت لا ينتظر أحداً حين صدر أمر ملك الإصلاح عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، تلاه بأسابيع قليلة صدور التنظيم العام للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، تلك التي من أولى مهامها حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه. إذاً أصبح الموضوع جداً بجدّ لا تعطيل ولا تسويف ولا تأجيل . المواطن محمّد بن عبدالله الشريف باشر مهماته، وصرّح بأن هيئتهُ التي يرأسها ستستقبل بلاغات كل من يتأكد بأن هناك فساداً ما في أي جهة كانت ستكون تحت تحقيق ومراقبة الهيئة تمنيت أنها (وزارة تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد) . حسناً ما هو دورنا كمواطنين ؟؟ في الجواب عن هذا السؤال حكايات كثيرة. يكفي ذِكر (بلاغ كيديّ) لكي تتضح الصورة فلا يعود البعض بنا للمربع الأول فينكفئ العزم، وتضيع الآمال. لهذا أقول بكل صدق وخوف على وطني : لكي تؤدي الهيئة (الوزارة مستقبلاً) مهامها لتعزيز النزاهة لابد من خطّة لا تُشهر فيه الهيئة السيف بيدها لوحدها بل لابد من الاعتماد على الشرفاء من المواطنين. هيّا نتواصل معهم بالأساليب الاتصاليّة الحديثة التي أجزم بأن الهيئة قد سنّتها كوسيلة أولى للتبليغ عن مواقع الفساد بكل سريّة. ولي تجربة في هذا الشأن حين كتبتُ هُنا " إعلان الرياض عن الفساد " فبادر بالاتصال بي أحد الأخوة بالهيئة يستفسر عن بعض ما ورد في المقال". ثقوا بالناس واسمعوا كلامهم، ثم تحققوا بوسائلكم. المهم أن يعرف القاصي والداني ضبطيّاتكم والعقوبات المتخذة بشأنها. وليعرف الجميع أن لا حصانة لفاسدٍ وستطال يد العدالة كل من يعبث بمقدرات الوطن كائناً من كان.