يعتبر الاهتمام الرسمي والشعبي والإعلامي بالانتخابات البلدية دليلا على وعي كبير بأهمية المشاركة الشعبية، ولكن التركيز على قضايا التسجيل والترشيح والانتخاب يجب ألا يأخذ حيزا كبيرا على حساب أعمال ومهام المجالس البلدية التي يفترض أن تحظى بالمزيد من الصلاحيات وعدم حصرها في أعمال البلدية، حيث إن المجلس البلدي مطالب بأن يقوم بالإشراف والرقابة والمشاركة في صنع القرار وحسن تنفيذه فيما يتعلق بالخدمات التي تمس المواطن عموما سواء كانت بلدية أو تعليمية أو صحية وغيرها وتلمس احتياجات المواطن ومعاناته وتحقيق العدالة في توزيع الخدمات في منطقة أعمال المجلس البلدي. وأعتقد أن تجربة المجالس البلدية السابقة كشفت الكثير من المعوقات التي تتطلب معالجة سريعة أهمها: زيادة صلاحيات المجلس ليمارس دوره الرقابي بفاعلية أكبر، ثانيا: أن يكون عدد الأعضاء المنتخبين أكثر من المعينين حتى لا يكون صوت رئيس البلدية مع الأعضاء المعينين هو الأقوى وبالتالي يهمش دور الأعضاء المنتخبين مما لا يتحقق معه الهدف من وجود المجالس البلدية ابتدأ، خاصة أن بعض من ترشحوا في الفترة السابقة يفتقد للكفاءة والبعض الآخر يفتقد للتفرغ لارتباطه بأعماله الخاصة ويبحث عن الوجاهة الاجتماعية، مما يشكل تواجد هذا النوع من المرشحين عباء إضافيا على المجلس وأعضائه الفاعلين من الكفاءات الوطنية المخلصة التي قامت بجهد مقدر في دورته السابقة رغم صعوبة البدايات وقلة الصلاحيات وتعقيد الإجراءات وتأخر الإصلاحات!. وكما أسلفنا فإن أهم المعوقات في عمل المجالس البلدية يمكن إجماله في ثلاث إشكاليات: (لا تفرغ، ولا صلاحيات، وضعف كفاءات)، مما تقوم الحاجة معه إلى تعديل الشروط المطلوبة في المرشح لعضوية المجلس البلدي وحصرها في الكفاءات والخبرات الوطنية القادرة والمتفرغة لخدمة الوطن والمواطن في كافة المجالات بحيث يكون الحد الأدنى للمرشح الحصول على الشهادة الجامعية وزيادة الأعضاء المنتخبين إلى ثلثي أعضاء المجلس، ومنحهم المزيد من المهام والصلاحيات. ونخلص إلى أنه إذا كانت توجد لدينا خطة استراتيجية وطنية شاملة لتحقيق النزاهة ومحاربة الفساد، فلماذا لا يعاد النظر في نظام ودور المجالس البلدية ومنحها المزيد من الصلاحيات في المشاركة في صنع القرار والرقابة على تنفيذ كل ما يتعلق بالمواطن من خدمات بلدية أو تعليمية أو صحية وغيرها، بمعنى أكثر وضوحا عدم حصر دورها الرقابي بأعمال البلدية، حتى يكون للمجالس البلدية المنتخبة بصفتها صوت المواطن دور حقيقي في سبيل تحقيق العدالة في جميع مجالات التنمية وتوزيع الخدمات ومحاربة الفساد والتعسف في استعمال السلطة! الذي يؤدى إلى تعثر الكثير من المشاريع ويحول دون وصول جهود التنمية للمواطنين. *محامي